نهى رشوان
إعلامي مخضرم نجح في البقاء على الشاشة لسنوات طويلة دون الدخول في صراعات أو اعتباره محسوباً على اتجاه دون آخر، بدأ بالقنوات المشفرة حيث أوربت وبرنامج “على الهواء” لينتقل قبل عامين للإعلام المفتوح مع قناة التحرير التي غادرها مختصماً الإدارة لتكون المفارقة في تسجيله حضوراً لافتاً عبر راديو مصر وبرنامج “أم الدنيا”، جمال عنايت رد بوضوح على أسئلة إعلام.أورج حول رؤيته لواقع الإعلام المصري في المرحلة الحالية.
هل الإعلام في مصر بحاجة إلى نقابة للإعلاميين؟
النقابة فكرة جيدة بشرط أن تكون نقابة فاعلة تدافع عن أعضائها، لأن المهنة تتسع ويزداد عدد العاملين بها باستمرار، فالآن يوجد غرفة لصناعة التلفزيون وأعضاؤها من مُلَاك القنوات، بينما العاملين في هذه القنوات معرضين للظلم وتحمل الأخطاء الإدارية وفشلها.
من وجهة نظرك لماذا أصبحت التجارة هي السمة السائدة اليوم في الإعلام المصري؟
نحن لدينا سلوك تجاري في مصر، وأذكر أن في وقت من الأوقات قام الناس بإنشاء مشروع للدواجن المتخصصون وغير المتخصصون، وبعد ذلك مشروع ماكينات تريكو، وفي وقت آخر محلات أحذية، وهذه الأيام مشروع قناة تلفزيونية، فهو نفس منهج التفكير. فأصحاب القنوات اليوم أصبح هدفهم الربح ليس إلا، ويمكن من خلال هذه القنوات أن يدافعوا عن مصالحهم أو أفكارهم، فالإعلام صناعة مكلفة ولا بد أن يكون هناك عائد، فالمشكلة الحقيقية ناتجة عن العشوائية في الصناعة وجهل كثير من المغامرين الذين ليس لهم علاقة بهذه الصناعة، فيعتبروها سبوبة يكسبوا من ورائها وإما أن يلبس الناس كلها في الحيط أو أن يخسر أمواله وتخسر معه الناس. وهناك نوع آخر هو من يستخدم الإعلام كوسيلة لغسيل الأموال، فمن حق المشاهد ان يعرف مصادر تمويل وهوية أصحاب هذه القنوات، فمثلما نطالب الحكومة بالشفافية يجب ايضا أن نتحلى نحن بها أولاً.
في رأيك ما هو الاستثمار الحقيقي للإعلامي؟
صِدق الإعلامي ومصداقيته هما استثماره وليس الجماهيرية كما يعتقد البعض، لأن الجماهيرية مسألة متغيرة تعلو وتهبط، ولكن المصداقية هي التي تدوم والكشف عن الحقائق، والمشاهد اليوم يبحث عمن تعتقد في مصداقيته.
ترى انتشار الفضائيات وتعددها جاء بالتأثير الإيجابي أم السلبي على المشاهد؟
أنا أعتقد أنه ليس له تأثير لأن المشاهد الآن أصبح لديه قنوات مفضلة ارتبط بها منذ فترة وشخصيات بعينها يتوجه إليها، فمهما كثر عدد الفضائيات لن يؤثر على وعي وفكر المشاهد، وهناك قنوات كثيرة لا يشاهدها أحد وليس لها جمهور.
مصر الآن تبدأ مرحلة جديدة من البناء والنهضة بل ومواجهة إرهاب من جهات كثيرة، هل تتوقع تغيراً في أداء الإعلام المرحلة المقبلة يوازي التغيرات التي نمر بها؟
هناك ظلم كبير لإعلام الدولة من الإعلام الخاص، فالإعلام الخاص بتكوينه وملكيته لن يستطيع أن يقوم بذلك بقدر كبير لأنه إعلام بالضرورة تجاري، فمثلاً لن يقوم بتقديم برامج محو الأمية لأنها لن تأتي بمكاسب، وخاصة مع الاتجاه السائد اليوم وهو تقديم المواد الترفيهية والبعد عن السياسة حتى لا يمل المشاهد، وللأسف تكون هذه البرامج في منتهى الرداءة ولا تختلف كثيراً عن برامج العفاريت والمخدرات وغيرها…، ففي رأيي كمسألة فكرية وسياسية ووطنية لا بد من إعلام الدولة التركيز على عدد من القنوات والإذاعات ليتم إعدادها للقيام بهذا الدور حتى يصل إعلامنا إلى أوروبا وأميركا، فعلىَ أن أحسن استخدام ما لديَ حتى أستطيع استيعاب أكبر عدد ممكن من الكفاءات الموجودة بالتلفزيون المصري. وليس بالضرورة أن تكون البرامج الجادة دمها تقيل وأدائها سيئ على الإطلاق.
برامج التوك شو الآن أصبحت متكررة ونمطية وشبيهة لبعضها، هل لديك تصور ما لنوعية جديدة تبدأ في جذب المشاهد من جديد؟
بصراحة في الفترة الأخيرة لاحظت بشدة أن طائفة كبيرة من الناس الآن تذهب لشخص معين لا القناة أو البرنامج، وهناك طائفة أخرى تذهب لتركيبة معينة تعودت عليها، وبالفعل اليوم أصبحت البرامج متكررة تتحدث عن مجموعة من الأحداث اليومية. والمعنى الحقيقي للتوك شو هو أن المذيع يستضيف ضيفاً أو اثنين على الأكثر ويدور النقاش بينهم، بدون استعراض للأخبار والأحداث اليومية، وأقرب ما يكون لهذه الصورة هو إبراهيم عيسى في برنامجه، فأغلب ما نراه على القنوات هو عبارة عن جريدة تلفزيونية يومية، تتضمن الأخبار والتعليقات والصور والحوارات إلى آخره. فالجمهور اليوم أصبح لديه الشخصيات المفضلة التي يرغب دائماً للاستماع إليها ومعرفة آرائها في ما يدور.
هل تتوقع بعد عودة برنامج “البيت بيتك” نجاحاً يوازي نجاحه حينما عرض على تلفزيون الدولة؟
جزء كبير من نجاح “البيت بيتك” من قبل هو عرضه على تلفزيون الدولة الرسمي، وكان تلفزيون الدولة يقدم نموذجاً يحاكي فيه الإعلام الخاص، متمثلاً في برنامج القاهرة اليوم، فكان هناك فراغ في هذا النوع، فجاء “البيت بيتك”، ومرت السنوات وجاءت فكرة إعادة إحياء البيت بيتك كنوع من “النوستالجيا”!!، ولكن في النهاية بعدما تنتهي هذه النوستالجيا سيظل برنامجاً شأنه شأن أي برنامج آخر تتوقف المسألة على جهد زملائي في المنافسة وتقديم الفكرة.
هل ترى مثلما هناك صحف صفراء هناك أيضاً قنوات أو برامج صفراء (من نفس هذه النوعية) تعتمد على التشويه والأكاذيب؟
بالتأكيد، فمثل ما هناك تابلويد ورقي هناك تابلويد مرئي أيضاً، فهي ظاهرة طبيعية ظهرت من أجل التجارة والربح، فهذه النوعية لها مبيعات كبيرة وجمهور كبير في مجتمعنا، وكل واحد من أصحاب هذا المبدأ يعرف كيف يغلف فكرته بأسلوبه وإمكانياته.
هل ترى أن انتشار المواقع الإلكترونية الإخبارية يمكن أن تكون قد تسببت في عزوف القارئ عن شراء الصحف المطبوعة ومتابعتها؟
بالطبع لم يعد الخبر من اختصاص الجرائد الورقية، فالإذاعة والإنترنت أصبحا أسرع الوسائل في نقل الأخبار، لذا يجب على القائمين على الصحافة وبالأخص نقابة الصحافيين أن تهتم بشأن الصحافة بمعناها الواسع والشامل صحافة إلكترونية أو مكتوبة أو مرئية، فأنا أرى أن هذه النقابة تصر على أن تتحول إلى نادي خاص يقتصر على أعضائه وتحاول إبعاد عدد كبير ممن يحاولون الانضمام إليها، وعلى الصحافيين أيضا إدراك هذا التطور وكيفية التعامل معه.
ما رأيك في الاتجاه الجديد الذي ينادي به بعض المفكرين فيما يتعلق بالأمور العقائدية الدينية وما أُثير حوله من جدل؟
أنا أميل إلى العقلانية في كل شيء، وبالتالي الانفعال هو أسوأ شيء خاصة في هذه الأمور، ورأيي في ذلك يتلخص في أربع نقاط، أول شيء لا بد من تقديم الموضوع على الشخص بحيث أن يكون المقصود الموضوع وليس الشخص، ثاني نقطة أن يكون حسن التعبير لا يقل أهمية عن مضمون التعبير، ثالثاً من تواضع لله رفعه، وأخيراً معاملة الناس بخلق حسن، بهذه الأمور يمكن الخوض في أي معركة بأقل المشكلات المحتملة.
23 معلومة عن نور الشريف في عيد ميلاده الـ 69