عبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن خيبة أملها تجاه أوضاع حرية الصحافة والإعلام في المغرب، مشددة على أنّ الواقع الحالي للقطاع لم يتغير مع الحكومة الحالية بـالرغم من الإصلاحات الدستورية وتطور المطالب الديمقراطية، فيما سجل تقريرها السنوي لهذا العام استمرار حالات التضييق في حق الصحفيين بشكل أسبوعي.
ووصف يونس مُجاهد، الأمين العام للمجلس الوطني الفيدرالي للنقابة، وهو يقدم اليوم الخميس التقرير السنوي حول “حرية الصحافة والإعلام في المغرب” للفترة (03 مايو 2014 – 03 مايو 2015)، حصيلة ذلك الواقع في المغرب بالسلبية و”يطبعه جمود وتراجع في إصلاحه أمام المضامين المتطورة التي جاءت بها الوثيقة الدستورية الجديدة للعام 2011″، مسجلا غياب أي إرادة أو استراتيجية واضحة لتطوير الإعلام والصحافة، محملا مسؤولية ذلك لكل الفاعلين في القطاع، بما فيهم الحكومة.
وقال مجاهد في تصريح لهسبريس إن أغلب الأطراف تتعامل مع الصحافة بمنطق نفعي وما وصفها “الدعاية والإثارة وتصفية الحسابات”، فيما أشاد مقابل ذلك بالمجهودات التي تبذلها وزارة الاتصال في سياق النهوض بالإعلام والصحافة، من خلال مسودة مشروع مدونة النشر والصحافة، “رغم ملاحظاتنا حول وجود مفاهيم فضفاضة إلا أن هناك تطوراً ملحوظاً في المسودة المطروحة علينا بما فيها غياب العقوبات السالبة للحريات”.
وتساءل مجاهد عن مدى وجود إرادة سياسية مع استقلالية القضاء في التعاطي مع قضايا الإعلام في المغرب، مشددا على ضرورة مراجعة قوانين سابقة لتمتيع الصحفي والإعلامي بحقوقه في مزاولة المهنة، فيما أكد أن “سيف ديموقليس” يظل دائما مسلطاً على المشتغلين في الميدان وأن آلياته تبقى دائما حاضرة داخل الأجواء التي يشتغل فيها الصحفيون المغاربة، مضيفا أن حالات التضييق على الصحافيين في المغرب تسجل بشكل أسبوعي.
وسجل التقرير المذكور، الذي جاء في 50 صفحة، “تخلف” كل من الوضع القانوني والتشريعي للصحافة والإعلام في المغرب والممارسة الفعلية من طرف الفاعلين العموميين عل الخصوص، معتبرا أنها تبقى مفارقة “في الوقت الذي يتقدم فيه المجتمع في مطالبه من أجل تكريس حرية الصحافة والإعلام”، فيما قالت النقابة إن الممارسة الإعلامية “لم تتقدم خلال الفترة.. في وقت شارفت فيه الحكومة على إنهاء ولايتها”.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه في مقابل الانتظارات التي كانت قوية بعد الإصلاح الدستوري “حيث أن الرأي العام يتطلع إلى التقدم في إنجاز ما جاء به الدستور وما ورد في توصيات الحوار الوطني “الإعلام والمجتمع” وتلبية مطلب المجتمع في صحافة قوية وأداء جيد وإعلام عمومي راق وديمقراطي.. إلا أن الواقع الحالي يؤكد أن تلك التطلعات لم تتحقق”.
وأوردت النقابة التي يرأسها عبد الله البقالي تواصل الاعتداءات والتعسفات على الصحفيين المغاربة، “حيث أصبح حمل صفة الصحفي والبطاقة المهنية يعرض صاحبه للخطر”، مشيرة إلى أنها كانت تراسل باستمرار وزارة لاتصال “التي شكلت لهذا الأمر آلية لمتابعة ملفات الاعتداء والتحقيق فيها..” مشيرة إلى تلك الآلية ظلت “مقبرة لتلك الملفات”، فيما أشارت إلى مراسلاتها الأخرى الموجهة إلى وزارات “الداخلية” و”العدل والحريات” والإدارة العامة للأمن الوطني “دون أي جدوى”.
على المستوى التشريعي، تحدث التقرير عن تراجع الحكومة في تنفيذ ما نص عليه الدستور “باستثناء الورش الذي كان مفتوحا قبل مجيئها..”، إلا أنه نوه بالمسودات التي أعدتها وصفها متقدمة عما كان في السابق من قوانين النشر والمجلس الوطني والصحفي المهني، “غير أن النصوص لم تر النور لحد الآن، وما زالت الوضعية القانونية بدون تغيير.. بل إن الضمانات غير موجودة حيث يمكن محاكمة الصحفيين بقوانين أخرى غير قانون الصحافة”.
وبخصوص الإعلام السمعي البصري، قالت النقابة إن ورش إصلاحه يبقى من بين الإشكالات الكبرى التي “لا زالت تعرف العديد من الصعوبات والتأخر على مستوى تفعيل متقضيات الدستور 2011″، مسجلة تراجعا في وضع آليات ملموسة وفعالة للحكامة الجيدة والاستقلالية والمهنية والجودة في الخدمات العمومية.
وقال التقرير إن غياب الخدمة العمومية يشمل القناتين الثانية و”ميدي 1 تيفي” باستثناء بعض الحوارات “غير أن قطاع الأخبار، شأنه شأن القناة الأولى، يظل محكوما بتوجهات رسمية.. لا تخرج عن نطاق ما هو معمول به في البلدان التي تتحكم فيها السلطة في إعلام الدولة”، مشيرا إلى أن هذه القنوات تبقى “محاصرة بقيود الإعلام الرسمي الذي لم ينتقل بعد إلى العمومي”، رغم كل الكفاءات الموجودة، يضيف التقرير.