عزيزي القارئ صباح الخير أو مساء الخير حسب وقت قراءتك للمقال. طبعًا السبب الأساسي وراء ضغطك للرابط هو فضولك لمعرفة مين طنط فكيهة ومين ولادها وإيه حكاياتهم وليه هنتكلم عنهم.
الأول ولاد طنط فكيهة هم شريحة مميزة جدا في المجتمع المصري، ليهم سمات بتميزهم من الصغر إلى الاّن. بمجرد النظر إليهم في الشارع أو المقهى أو النادي أو حتى عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تقدر تعرفهم بسهولة.
هم أول من أسسوا “الترند” وأدخلوا مفهوم “الروشنة” للعامية المصرية وهم الجيل الأول من مستخدمي الإنترنت في مصر فهم رواد مواقع( msn والياهو ماسنجر والهاي فايف..)، رغم انبهارهم بالفيديو ونوادي الفيديو، فكان وسيلة التفاخر بينهم مين يملك شريط فيديو عليه مسرحية الواد سيد الشغال أو لديه مكتبة تضم شرائط الفيديو غير المؤجرة. ورغم ركن الفيديو المميز في بيوتهم إلا أنهم تعاملوا مع طبق ديش بمنتهى السلاسة وكان فك شفرة القمر الأوروبي لغز سهل الحل.
رغم خبراتهم في عالم التكنولوجيا إلا أنهم لم يضعوا بصمة تميزهم عن غيرهم. فأول من أقتنى موبايل نوكيا 5110 وبسرعة البرق أبدلوه بجهاز نوكيا 3110 وكانت هوايتهم في فترة من حياتهم هي تكوين نغمات وإدخالها إلى التليفون المحول.و كونهم انسجموا مع عالم المحمول لا ينفي إطلاقا حملهم لفترة في حياتهم كارت “ميناتيل” وتعاملهم مع “كبينة التليفون” المتواجدة في السنترالات.
لولاد طنط فكيهة قصة كبيرة مع السنترالات فهي لا تقتصر على مهاتفة شاب لفتاة دون رقابة الأهل أو العكس قبل تواجد الهواتف العامة “ميناتيل” في الشوارع ، لكنها كانت خدمة جليلة للاتصال الدولي، نظرًا لأن أغلب الأهل والأقارب في الفترة دي كانوا في الخليج ، فكان جزء من طفولتهم مرتبط بمكالمة تليفون دولية في السنترالات العامة ، تحمل معاها الحنين وجمع الشمل.
كان الفن بالنسبة لهم معبر عن الحرية والاستقلال عن الأهل وساعدهم في ذلك ظاهرة “مايكل جاكسون” الذي احتل قلوب ملايين الشباب عالميًا. أما في مصر فكان الهضبة وكل جيل التسعينيات هم قدوة ولاد طنط فكيهة فجعلوا من ملابسهم زيًّا رسميًا وقصة الشعر هى الرائجة. وكان “الوكمان” و شرائط الكاسيت هى بداية إعلانهم لإختلافهم عن غيرهم وكذلك “الكاب” بألوانه المختلفة. مش معنى كلامي إنهم مش مثقفين بالعكس هم اّخر جيل عرف قصور الثقافة وتربى بداخلها وكان له دورا فعالا في الأنشطة الثقافية بداخلها من كورال وشطرنج وغيرها.. هم جيل قرأ لأحمد خالد توفيق الذي أكتشفته مصر بعد وفاته في أبريل 2018 وجيل تربى على مجلة “فلاش” وما زال يحفظ أسماء أبطالها من (ميدو وعباس وغيرهم).
جيل حاول أن يسمع بنصائح الكبار فأنغمس في القراءة منذ صغره وفي شبابه أدرك أنه ما زال يحتاج لضمة قوية تُعيد له طفولته المسلوبة فراح يبحث عنها في ميكي جيب وأفلام الكارتون.
ولاد طنط فكيهة بنوا مكتبتهم من مكتبة الأسرة واشتروا كتب مستعملة وبدلوا الكتب فيما بينهم. اشتركوا في الشبه مع قصة شِعر أحمد زكي في فيلم “كابوريا” وبلوفر عمرو دياب في كليب “تملي معاك”. ولاد طنط فكيهة شهدوا بداية ظهور “المول التجاري” فكانت أغلب الأعياد يتجموا في المول ويقعدوا في الكافيه وابتدى يتغير مفهوم القهوة البلدي إلى مفهوم “الكافيه” بسببهم. في طفولتهم كانوا بيرسلوا صورهم في المجلات المختلفة وتحتها تهنئة بالنجاح أو بالعام الجديد. باختصار ولاد طنط فكيهة هم جيل مصري مميز ومُحمل بجينات الغربة والفقد، جيل صنع هويته الخاصة التي لا يعرفها أحد.
ولاد طنط فكيهة اتربوا على ثقافات كتيرة رغم عدم توافر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، حاولوا يسمعوا مغنيين أجانب وكانت شاكيرا في فترة هى خليفة مادونا في الغناء وحفرت الفرق الموسيقية مكانة خاصة في ذاكرتهم فقد ولدت وأختفت فرق كثيرة مثل: سبايسي جيلرز وباك ستريت بوويز وويست لايف.
ولأن التلفزيون هو الصديق الثابت لهم رغم تحول باقي وسائل التكنولوجيا، فحفظهم لإعلانات السلع المختلفة ظل عالقًا بذاكرتهم بل ويُشكل جزءا رئيسيا من طفولتهم ومراهقتهم، رغم اختفاء أغلب السلع التي يحفظوا أغاني الترويج لها. ولتعلقهم الشديد بالتلفزيون والإعلانات ساهموا بشكل كبير في صناعة “نجوم الإعلانات” ممن أصبح بعضهم _فيما بعد_ نجوم للدراما من الجنسين، أمثال أمير كرارة ونرمين الفقي وغيرهم.
ولاد طنط فكيهة هم الجيل الأول ممن يظهر عليه علامات البطالة والإدمان. فقد وجدوا في أول سيجارة ملاذًا للحرية التي افتقروا إليها رغم انعدام الرقابة (بمعنى الصداقة والمشاركة) من الأهل وخلقهم لهوّة شديدة بينهم وبين أبنائهم حاولوا أن يملأوها بالهدايا والعيشة المترفة لأبنائهم.
ولاد طنط فكيهة دايما برة الكدر رغم صُنعهم للكدر ذاته، فليس منهم كاتب بيس سيلر لأن أواخر جيل السبعينيات يتبرع على هذا العرش وحده ولم يجد أي دعم من أجيال سابقة كونه غير مرئي. في السينما يعمل ولاد طنط فكيهة في الأدوار الثانية بأي دور وأي مساحة ظهور لأن ببساطة مفيش صناعة سينما، فلازم يقبل بأي دور في التلفزيون
طب ببساطة إيه فايدة ولاد طنط فكيهة؟ وحكايتهم هتفيدنا بإيه؟ وليه هما تحديدا اللي هنتكلم عنهم؟
إجابات الأسئلة كلها وغيرها من الأسئلة هنعرفها في الأسابيع القادمة..
نرشح لك: بسنت حسين تحكي في “كتاب الأغاني” تاريخ الأغنية المصرية ومواجهتها للتطرف