عمرو قورة
بعيدًا عن الاستحواذات والتوقيعات وصور التوقيعات، لنلقي نظرة سريعة على ما يجري حول العالم من أخبار صناعة الإعلام المرئي في بعض النقاط.
١– هناك منافسة تبدو في الأفق ما بين شبكة نتفليكس ومنافسيها؛ “أمازون” و”آبل” و”هولو” حول العالم، و”فيو كليب” و”شاهد” في العالم العربي. وجميعهم يعتمدون على مبدأ أساسي، أن المشاهد يجب أن يدفع قيمة ما يشاهده من محتوى متميز، أما مبدأ المشاهدة المجانية وإدخال إعلانات تسبق وتلحق المحتوى فهي طريق للخسارة المادية المؤكدة.
٢– هناك صراع محموم ما بين شركة Comcast والتي تضم تحت لوائها منصة إكس فينيتي وشبكة NBC ومحتوى شركة يونيفرسال من أفلام خالدة من ناحية، وشركة فوكس للقرن الـ ٢١ والتي تضم في مجموعتها شركة ومحتوى ديزني الفريد من نوعه من ناحية أخرى، للاستحواذ على شركة سكاي الإنجليزية والتي تضم 22 مليون مشترك جاهز في أوروبا، بالإضافة إلى ١١ مليون في إنجلترا وحدها. وطبعا سكاي هي المسيطرة على رياضة كرة القدم في أوروبا وستظفر الشركة التي ترسي عليها المزايدة بحقوق كرة القدم والدوريات الأوروبية وحتى ٢٠٢٢. السعر المطروح من كومكاست هو ١٤ مليار دولار ولفوكس فرصة لزيادة الرقم (علما بأن فوكس التي يمتلكها روبرت ميردوخ.. تمتلك ٤١٪ من شركة سكاي حاليا) مما يعطيها فرصة أفضل.
نرشح لك: منافسة بين شركتي “Fox” و”Comcast” للاستحواذ على شبكة “Sky” البريطانية
٣– في العالم العربي هناك نشاط ملحوظ من منصتي “شاهد” و”فيو كليب”، فقد بدأوا فعليا في التعاقد على مسلسلات وأفلام مصرية وعربية بأسعار معقولة ومدروسة. وطبعا من البديهي أنهم يتعاقدون على مسلسلات قصيرة من (٨-١٣ حلقة) ومن نوعية الدراما المعاصرة، فهي شيقة وجريئة وصادمة وواقعية وصريحة وإيقاعها سريع، تكون القصة هي البطل وليس النجم فلان أو علان، وبالتالي تصرف تكاليف الإنتاج على جودة العمل نفسه.
٤– بدأت شبكة نتفليكس في شراء مكتبة المسلسلات المصرية والعربية القديمة والتي توجد بها بعض صفات المعاصرة وجودة الصورة، وهي تشتري متزامن (ليس حصريا) ولن تستولي على تراث الدراما المصرية كما يروج البعض، فالجميع يشتري ولا يهمه الحصرية في المسلسلات القديمة، ومع أن المبالغ المدفوعة زهيدة، فالدولار له هيبته، والـ ٣٠ ألف دولار تقريبا ٤٠٠ ألف جنيه نزلوا من حيث لا ندري.. فمرحبًا بهم.
نرشح لك: أبرز 10 منصات تنافس “نتفليكس”.. 5 منها عربية
٥– السينما السعودية هي هدف جميع العاملين في المجال، ومع أنه لا توجد ظواهر حقيقية على أرض الواقع سوى بعض العقود لإنشاء سينمات هنا وهناك، فالإيقاع بطيء، والمواهب نادرة ولا توجد صناعة من الأصل، ويصطدم بهذا الواقع كل الحالمين بالكنز الموجود بالسعودية، فيتراجعون ويتباطئون. في تقديري أن السعودية تحتاج لعشر سنوات على الأقل لخلق قاعدة لصناعة السينما، فهذه هي فرصتنا في الكام سنة دول.
٦– انتهت موضة فتح القنوات الفضائية في كل مكان في العالم (ما عدا مصر طبعا) لأنها لا تعبر عن حالة العصر من حيث طريقة المشاهدة وأوقاتها والتغيير الذي حدث في المشاهد عند استهلاكه للمحتوى، ومن المتوقع أن تستثمر القنوات الإخبارية فقط في عشرينيات القرن، أما صناعة الترفيه فهي ستمتلكها المنصات الإلكترونية بلا منازع ومن العبث الصرف على محتوى للقنوات التقليدية.
٧– المعلنون في حيرة في جميع أنحاء العالم، فالمنصات الكبرى لا تقبل إعلانات، والقنوات التقليدية والتي تقبل إعلاناتهم، تتناقص مشاهدتها بسرعة رهيبة، فالحل هو الدخول في الإنتاج من قبل المعلن ليستطيع توجيه رسائله (المخفاة) داخل المحتوى بطرق مبتكرة، مما دفع جميع العاملين في صناعة الإعلان لافتتاح أقسام المحتوى داخل الوكالات، ولكن حتى هذه اللحظة لم يتمكن أحد من الإجابة عن الأسئلة الصعبة في موضوع تزاوج الإعلان والمحتوى.. والمحاولات مستمرة.
٨– استخدام النجوم والمشاهير والمؤثرين والوصول لملايين المتابعين عن طريق التعاقد مع هؤلاء المؤثرين للوصول إلى متابعيهم هو موضة العام القادم وبشدة، هذا المبدأ مطبق حاليا على استحياء شديد وبدون أي آلية منظمة ومعظم المحاولات فشلت لإنشاء مؤسسات تعمل بهذا النمط وتكسب وتربح. هناك عشرات الأسباب لا مجال لطرحها الآن، ولكن من انتظر وراقب أخطاء رواد هذا القطاع من الميديا فإن فرصته أفضل ممن سبقوه.
٩– حتى الآن لا توجد أي بوادر لإنشاء منصة عربية كبرى مركزها مصر مع العديد من مطالبة الخبراء لذلك أعتقد أن الوقت تأخر جدا، وهناك عشرات المنصات التي ستظهر هنا وهناك للتوجه للعالم العربي، ولا أستبعد أن تقوم تركيا بهذا الأمر من قبلنا ونفقد نحن عنصر المبادرة والريادة.
١٠– بدأ رجال أعمال كبار في مجال التكنولوجي مثل جيف بيزوس رئيس أمازون وغيرهم من شركات التكنولوجيا، في شراء المؤسسات الصحفية العريقة مثل نيويورك تايمز والواشنطن بوست ومجلة تايم، والهدف هو إبقاء هذه المؤسسات على قيد الحياة وإعادة تطوير طرق استهلاك محتواها بطريقة معاصرة، مشهد غريب ولكن سمعة ومصداقية تلك المؤسسات هي ثروتها الكبرى.
في المجمل.. المشهد يتغير بسرعة الصاروخ (في كل مكان خارج مصر) والتكنولوجيا تتطور بسرعة أكبر، والخبراء يلهثون لمواجهة التطور وإيجاد حلول لعمل طرق وآليات لتحقيق الأرباح Monetization Models، لأن في النهاية الكل يريد تحقيق أرباح، وأتمنى أن ندرك هذا التحول الجذري في أقرب وقت وفورًا.