هالة أبو شامة
أربع سنوات مرت على رحيل خالد صالح، الفنان الذي حقق نجاحًا كبيرًا، خلال فترة وجيزة منذ ظهوره الأول كفنان، فبالرغم من دخوله عالم الفن متأخرًا، تمكن من تجسيد العديد من الأدوار، القليلة عددًا، الكبيرة تأثيرًا، بكل براعة وإتقان يوحي بواقعية الشخصية، التي يؤديها مهما بلغت صعوبتها ودرجة تعقيدها.
نرشح لك: “أساتذة” الأستاذ محمد حسنين هيكل
عشق “صالح” التمثيل منذ أن كان طالبًا في كلية الحقوق، التي جسد على مسرحها العديد من الأدوار، كما استمر بعد تخرجه في التمثيل لمدة طويلة على مسارح الهواة مثل مسرح “الهناجر” في دار الأوبرا المصرية.
لكن لم تكن حياته هادئة أو حكرًا على التمثيل فقط، فخلال الـ 36 عامًا، التي عاشها قبل ظهوره في أول دور له في السينما “القاضي” في فيلم “محامي خُلع”، الذي استطاع من خلاله جذب أنظار المنتجين إليه، تنقل بين عدة مهن ساهمت في بناء شخصيته وتنمية وعيه في التعامل مع مختلف الشخصيات.
وحسبما قال “صالح” خلال لقائه في برنامج “واحد من الناس” مع الإعلامي عمرو الليثي”، إنه عمل في فرن بلدي، حينما كان في سن السابعة، موضحًا أن شقيقه الأكبر الحاج “إنسان” أسند إليه مهمة العمل في الفرن الذي يمتلكونه في “أبو النمرس” خلال فترة الظهيرة من الساعة 1 ظهرًا إلى الساعة 3 عصرًا، لافتًا إلى أن هذه الفترة هى الأقل ضغطًا بين ساعات اليوم، مؤكدًَا على أنه تعلم من هذه المهنة الكثير في أمور التجارة.
أردف أنه عمل أيضًا في محل ملابس لدى ابن خالته الحاج “عماد”، مُشيرًا إلى أنه تعلم من هذه المهنة أن ليس كل ما يتمناه المرء يمكن تحقيقه، وإنما يجب على المرء أن يسعد بما حققه حتى وإن كان بسيطًا.
تابع موضحًا أنه عمل بعد التخرج من الجامعة في مهنة المحاماة لمدة شهر واحد، إلا أنه لم يستطع الاستمرار بسبب عدم قدرته على تحمل أعباء الأخرين بالتزام، ولذلك اتجه بعد ذلك للعمل في مهنة التجارة مع شقيقه الأكبر، حيث عمل في تجارة الحلويات الشرقية، لافتًا إلى أنهم بدأوا في البداية بتسويق قالب كيك، حتى صار لديهم مصنعًا للحلويات الشرقية، وثلاث سيارات لتوزيع ما ينتجه ذلك المصنع، مؤكدًا على أن ذلك النجاح الذي حققه كان بفضل اجتهادهم، إلا أنه لم يكن من نوع النجاح الذي يتمناه.
أكد “صالح” في نفس اللقاء، أنه بحلول عام 2000 قرر التوقف عن التجارة والتفرغ للتمثيل، لكنه واجه صعوبة في ذلك بسبب مسؤولية أسرته التي كانت تقع على عاتقه، لافتًا إلى أن زوجته كانت متفهمة لكل الطموحات التي يتمنى تحقيقها، راهنت عليه وساندته في قراره وتحملت معه فترات صعبة جدًا، مُشيرًا إلى أنها وافقت على أن تتزوجه وتعيش معه العام الأول من حياتهما بدون غرفة نوم، على الرغم من أنها طبيبة لها مركزها الاجتماعي المرموق.
وفي عام 2002 بعد عناء كبير، ظهر خالد صالح في أولى أدواره، وتوالت عليه بعد ذلك الأعمال الفنية عملاً تلو الأخر، حتى أصبح في يومنا هذا نجمًا ساطعًا في تاريخ الفن، فخلال مشواره الفني القصير كان له إرثًا فنيًا كبيرًا ومميزًا في السينما مثل محامي خلع، حرب أطاليا، عن العشق والهوى، ثمن دستة أشرار، هى فوضى، عمارة يعقوبيان، الريس عمر حرب، الحرامي والعبيط، وفبراير الأسود، ابن القنصل، والجزيرة 2″، إضافة إلى ذلك له أدوارًا أخرى في الدراما المصرية مثل مسلسل تاجر السعادة، الريان، فرعون، الريان، حلاوة روح، بعد الفراق”.
علق “صالح” على دخوله متأخرًا لعالم الفن، خلال نفس اللقاء قائلاً إنه لا يوافق على مصطلح “ظهر متاخرًا” لأنه ظهر في الوقت المناسب بعد اكتسابه الخبرات الكافية التي ساهمت في نجاحه.
لكن طوال هذه السنوات التي بنى خلالها نجاحًا تلو الأخر، كان “صالح” يُخفي عن جمهوره جانبًا آخر من حياته، فبرغم معاناته كان يُفضل دائمًا رسم البسمة على وجهه، ويُصر على إنكار الألم، خوفًا منه على أن يُصيب الحزن قلوب من أحبوه وعشقوا فنه.
ففي عمر الـ 32 أجرى “صالح” جراحة قلب مفتوح، إلا أنه أكد خلال آخر لقاء أجراه قبل وفاته، في برنامج “معكم منى الشاذلي” أنه لم يعش أبدًا الحياة بسيكولوجية المريض، التي تجعل من الشخص غير مُنجز في عمله، مُعلقًا: “أنا عايش عشان أحاول، لا عمري بإيدي، ولا اللي جاي بإيدي، أنا اللي بإيدي، هو اللي أنا بعمله”.
وفي يوم 25 سبتمبر 2014، توفي الفنان خالد صالح، عن عمر يناهز الـ 50 عامًا، بعد تدهور حالته الصحية.
وعن تفاصيل معاناته مع المرض ووفاته، روى الفنان أحمد فهيم، ابن شقيقة الفنان خالد صالح، لـ”إعلام دوت أورج” أن “صالح” كان يُعاني من مشاكل في القلب منذ سنوات عديدة، إلا أنه كان مُتعايش تمامًا مع مرضه، وغير ناقم على ما كان يعانيه، لافتًا إلى أنه كان يُطمئنهم دائمًا على صحته، حرصًا منه على مشاعرهم، مُعلقًا: “مكنش عاوز يقلق الناس عليه”.
أردف قائلاً إن حالة خاله الصحية تدهورت بشكل سريع، لافتًا إلى أنه كان من المفترض أن يُسافر إلى ألمانيا لإجراء جراحة في القلب، إلا أن حالته الصحية المتدهورة، لم تكن تسمح له بالسفر، ولذلك أجري الجراحة في مركز الدكتور مجدي يعقوب في أسوان، إلا أنه توفى بعد ذلك.
أشار “فهيم” إلى أن خبر وفاته كان صدمة كبيرة لكل أحبائه وجمهوره، مؤكدًا على أنه كان بالنسبة له بمثابة الأب والأخ والصديق والعم والخال.