التطور التكنولوجي الهائل الذي شهده العالم على مدار السنوات العشر الأخيرة، فرض تغيرات جذرية على صناعة الإعلام، مهددًا المؤسسات والمنصات التقليدية بالاندثار إن لم تواكبه وبنفس السرعة. لذا زادت الأعباء والمسؤوليات على القائمين على السوق الإعلامية، سواء فيما يتعلق بتقديم محتوى إبداعي تنافسي يجذب القارئ، أو في مواجهة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي عمومًا، والتي أصبحت الأكثر جذبًا للجمهور على اختلاف طبقاته وثقافاته.
الإعلام المصري بالطبع يواجه هذه التحديات العامة، كونها نتيجة مؤثرات عالمية تشمل الجميع، لا سيما في ظل حالة الانفتاح على العالم التي تزداد يومًا بعد يوم. ولأن التليفزيون المصري هو الجهة الإعلامية الأهم والأكثر جدًلا في مصر، حاولنا رصد إيجابيات وسلبيات هذه المؤسسة، لنقدم صورة أوضح لما يجب الانتباه له في عملية تطوير ماسبيرو القائمة الآن، لكن هذه المرة بصوت أبناء التليفزيون، كي يكون الرصد أكثر دقة وموضوعية.
نرشح لك: سيد حجاب.. غنوة فارشة على مَمْشَى الشَقا
وجه “إعلام دوت أورج” سؤالين لنحو 12 مذيعًا ومسؤولًا بماسبيرو عن الإيجابيات والسلبيات التي يرونها في المؤسسة؛ امتنع بعضهم عن الرد، والبعض الآخر أراد تغيير الموضوع ليكون الحديث عن بعض الفعاليات الاحتفالية المقرر انعقادها قريبًا، أما الجزء الأكثر إدراكًا لأهمية تطوير ماسبيرو تفاعل معنا وكانت تصريحاتهم كالتالي:
الإعلامي محمد ترك
الإعلامية ريهام الديب
شاشة ماسبيرو لها بريق خاص لا يعلمه إلا من عمل فيه، وأنا أشعر فعلاً بكل الفخر لانتمائي لهذا المكان العريق. هذه المؤسسة التي تتلمذت فيها علي أيدي عمالقة الاعلام في مصر، وتعلمت فيها أسس الرسالة الإعلامية المهنية التي تحترم المشاهد، لذا أؤكد أن الموضوعية والمهنية والشفافية التامة في عرض كل الأحداث، هي أهم ما يميز التليفزيون المصري، مما يجعله محل ثقة واحترام المشاهد دائمًا.
التليفزيون المصري به كفاءات مميزة للغاية، وجميع من نجحوا في القنوات الخاصة المصرية والعربية، هم في الأساس خريجو مدرسة ماسبيرو العظيمة. لكنه مثل أي مؤسسة، مر ببعض العثرات خلال الأعوام الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالقدرة التمويلية. وأعتقد أن هذه المشكلة من أهم المشاكل التي يواجهها ماسبيرو، والتي تحتاج إلى دعم أكبر من الدولة لمواجهتها.
الإعلامية آيات أباظة
الأمان وعدم الغدر من أهم إيجابيات العمل كمذيع داخل ماسبيرو، فعلى سبيل المثال لن تجد مذيعًا في ماسبيرو يُمنع من الظهور على الهواء قبل بدء برنامجه بدقائق، مثلما يحدث في بعض القنوات الخاصة، فهذه الأمور لا وجود لها في التليفزيون المصري.
بالتأكيد عقب ثورة يناير تم تهميش ماسبيرو، وأصبح بحاجة إلى إعادة نظر في كل شيء، وتحديدًا فيما يتعلق بالاحتياجات التي تخص المادة سواء الاستوديوهات أو الديكور وكذلك الإضاءة. أما الكوادر القوية فموجودة بالطبع، وتخرج منه إلى القنوات الخاصة، والعكس.
قبل الثورة قدمنا برنامج “مسلسلاتي”، والذي كان يُعد أهم برنامج فني في مصر، وكذلك كان موجودًا برنامج “البيت بيتك” أهم برنامج توك شو في وقتها، وهذا الأمر يعني أننا نستطيع أن نعود لتصدر المشهد الإعلامي ونصبح رقم واحد، لكن للأسف الظروف الاقتصادية حاليًا تأثيرها قوي.
الإعلامية ليندا عبد اللطيف
من مميزات العمل داخل التليفزيون المصري، أن مذيعيه هم الأساس في تغطية زيارات الرئيس الخارجية والداخلية، وأنشطة وجولات الرئيس عمومًا، وهذا الأمر لا يتاح بنفس القدر لمذيعي القنوات الخاصة، فتكون المعلومة حصرية ودقيقة مما يجذب المشاهد لمتابعة الأخبار عبر شاشات التليفزيون المصري، لأنها من مصدرها الأصلي، بدليل أن كثيرين لا يزالون يهتمون بنشرة التاسعة مساءً، والتي كانت أساس الأخبار ولا تزال حتى الآن.
أما كثرة القنوات الخاصة، فأثّرت بالتأكيد على نسب المشاهدة عمومًا، ولم تعد كسابق عهدها في السنوات الماضية، بل ربما أصبحت متابعات الجمهور تقتصر في أوقات كثيرة على النشرات الإخبارية فقط.
التليفزيون المصري ليس لديه نفس الإمكانيات المادية الموجودة في القنوات الخاصة، فالاستوديوهات متاحة لكن ينقصنا الإمكانيات المادية والكاميرات، فرغم تطوير التليفزيون لا توجد سوى قناة واحدة من بين قنواته تبث بخاصية الـ HD، وهذا بالتأكيد يؤثر على المشاهد، الذي تهمه الصورة، فينصرف عن الباهت الضعيف منها، لصالح الأقوى والأكثر جودة، لذا نحتاج إلى كاميرات HD، وأن تصبح القناة نفسها .HD
وفيما يخص الكوادر الاعلامية فلا يزالون حتى الآن يعتمدون على كبار السن بنسبة كبيرة، أما الاعتماد على الشباب فلم يصل إلى الحد المطلوب حتى الآن، لذا نحن بحاجة إلى قدر أكبر من الشباب والوجوه الجديدة التي تجذب الجمهور. المحتوى أيضًا ينبغي أن يكون مواكبًا للعصر من خلال المواضيع التي تتم مناقشتها، وأن يكون هناك برامج شبابية وأخرى غير تقليدية لكي نجذب المشاهد، فنحن لدينا نمط تقليدي بحاجة إلى تغييره، وهذا لن يحدث إلى إذا جاءت وجوه جديدة واعتمدنا عليها.
علاء فياض (رئيس تحرير بقناة النيل للأخبار)
إيجابيات العمل داخل ماسبيرو:
1- الأمان الوظيفي
العمل في ماسبيرو أمان بالطبع، لا سيما بعد ما رأيناه في بعض القنوات الخاصة من دمجها وإغلاقها في أحيان اخرى، بين يوم وليلة. أيضًا الحماية من تحكمات صاحب العمل أو ما يقال عنه تحكم “الشللية” في الأمور، فضلًا عن أنه لا توجد معايير محددة لاستمرار ورحيل العاملين بالقنوات الخاصة، على عكس ماسبيرو.
2- العمل الجماعي
العمل في القنوات الخاصة يكون فرديًا، المذيع فيه يرى نفسه “رب العمل”، ويحرك مِن أمام الكاميرا مَن هم خلفها، بخلاف التليفزيون الذي يكون العمل فيه جماعيًا، فالمذيع جزء من العمل وليس كل العمل، وهذا الأمر يعطي مهام وظيفية محددة وكبيرة لمن هم خلف الكاميرا، فيشعرون بأنهم جزء نشط لا يقل أهمية عن المذيع.
3- تحسن الوضع المادي
أصبح الفارق المادي بالنسبة للعاملين في القنوات الخاصة وبين ماسبيرو ضئيل جدًا، وفي بعض الأحيان يكون ماسبيرو الأفضل.
4- إيجابيات للمشاهد
المُشاهد يُدرك جيدًا أنه أثناء متابعته للتليفزيون المصري لن يسمع ألفاظًا خارجة أو أن يرى مشهدًا أو صورة ليس من اللائق عرضها، فهناك معايير محددة ومضبوطة لما يتم بثه، عكس بعض القنوات الخاصة.
أما بالنسبة لقوة تأثيره على المشاهد، فمزاج المصريين هو الذي تغير وليس التليفزيون، لأن الأخير يقدم الخدمة نفسها منذ سنوات طويلة وحتى الآن، أما المشاهد فأصبح بحاجة إلى محتوى مختلف وجديد. القنوات الخاص لديها المرونة في تنفيذ هذا المحتوى الجديد وربما غير المألوف، وهذا ما لا يتوفر بالقدر الكافي في التليفزيون. لذلك إجمالًا، شاشات ماسبيرو تؤثر إلى حد ما في فئات معينة من الشعب، فمثلًا من تتجاوز أعمارهم الخمسين عامًا يؤثر فيهم التليفزيون المصري بشكل كبير جدًا، أما الشباب من سن العشرين فما أكثر، فلا أعتقد أنهم يشاهدون الميديا التقليدية أصلًا، سواء خاصة أو حكومية، لذلك قوة التأثير ليست مطلقة بل متباينة وتحكمها معايير عدة.
سلبيات التليفزيون المصري: