نقلاً عن المقال
تأخرنا كثيرًا فى صناعة فيلم يدور حول أشخاص جدد علينا يعيشون معنا داخل المجتمع، تأخرنا حتى نسينا أن كل صاحب مرض ليس دائمًا يظهر حتى يحكى معاناته مع مرضه، أو أن يكون المرض جزءًا من الكوميديا الدرامية للسخرية داخل الفيلم، حتى جاء فيلم «يوم الدين»، الذى تم عرضه فى المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة السينمائى فى دورته الثانية، ليُحرجنا جميعًا ويكشفنا أمام أنفسنا وأمام مرضى الجذام.
نرشح لك – حدث في المنيا : أول عرض تجاري لـ”يوم الدين”
«هوَّه أنا مش بنى آدم»، هذه هى الجملة الرئيسية التى يدور حولها السيناريست والمخرج الشاب الرائع أبو بكر شوقى، فهو ينقل مأساة «بشاى»، الذى قام بدوره الفنان المتعافى من المرض «راضى جمال»، بكل وضوح وحقيقة.. كيف لهذا الشخص الذى يعيش فى مستعمرة الجذام فى بحرى، والذى يعمل فى جمع القمامة، أن يقرر البحث عن عائلته بعد وفاة زوجته، حتى لا يموت بمفرده؟! وكيف يقرر الذهاب إلى قنا مع الطفل اليتيم المتعلق به «أوباما/ أحمد عبد الحافظ»؟!
هنا الحكاية كيف يرى العالم الخارجى هذا الإنسان المريض بالجذام؟ فالكل يرفضه تمامًا ولا أحد يصدق أنه تعافى، حتى عندما يتم القبض عليه «تحريًا» فى رحلته ويهرب مع أحد المتشددين من قسم الشرطة، ويرى فيه تعصبًا دينيًّا عند فك الكلَبشات هو ومَن معه، يقول لهم إن اسمه «محمد»، حتى لا يعرفوا ديانته، كأنه مكتوب عليه أن يعيش غريبًا مرة بسبب مرضه، والأخرى بسبب ديانته أمام هؤلاء المتطرفين، ولا يساعده فى هذه الرحلة إلا مَن هم مثله أصحاب عاهات مرَضية ممَّن بُترت ساقه أو أحد الأقزام، حتى يصل إلى أهله. وهنا تجد مشاعر صادقة للغاية قدَّمها هذا الفنان الرائع راضى جمال، سواء مع أخيه أو أبيه.
بكل تأكيد نجح أبو بكر شوقى فى أول فيلم روائى طويل له بعد أن قدم أفلامًا قصيرة، كان أحدها عن مرضى الجذام، والذى عُرف منه بطل الفيلم فى 2008، نجح فى أن يجذبنا جميعًا للفيلم الإنسانى مرة أخرى، والذى فاز بجائزة «فارايتى» لأفضل موهبة عربية فى 2018، وتسلمها فى حفل كبير بمهرجان الجونة.
نرشح لك – “يوم الدين” في السينمات بـ 12 نسخة
نجح شوقى فى أن يضع أمامنا إحساس كل مريض على الرغم من أن حوار الفيلم كانت به أجزاء كثيرة مباشرة تمامًا، وكأنه أراد أن تكون بكل هذا الوضوح حتى يصل ما يريده إلى المُشاهد، فقلَّل من حوار الفيلم.
فيلم «يوم الدين» يناقش المجتمع بكل صراحة، ويخاطب أفراده بأن لا يتركوا مَن يحتاجون إلى أية مساعدة إنسانية إلى يوم الدين، يومَ يتساوى الجميع أمام الخالق، حتى يجدوا العدل الذى يريدونه والحق فى العيش الذى يسعون إليه، وأن المرض أو العاهة أو اليُتم كلها من الله، وليس على الآخرين أن يرفضوها أو يروها كما يرون كل شىء، وأن لا نترك كل مريض للخوف والوحدة والضعف الذى يكفى لأن يُضيع أية فرصة للتعافى من كل الأمراض.