١٦ تصريحًا لـ مصطفى رحمة.. مبتكر شخصية "كسلان"
أمنية الغنام
في غرفة مكتبه المعلق على جدرانها لوحاته الفنية، وصورة لعميد الأدب العربي طه حسين وأخرى لكوكب الشرق أم كلثوم، وفي وجود فُرش الرسم والألوان على اختلاف أنواعها تشعر أنك في زمان غير زمانك، ويزيد من هذا الشعور تلك الموسيقى الكلاسيكية التي تأتي عبر جهاز التسجيل في أحد أركان الغرفة. إعلام دوت أورج زار مكتب الفنان التشكيلي والرسام الكاريكاتيري مصطفى رحمة الذي تخصص لفترة في رسومات الأطفال، أشهرها شخصية “كسلان” في مجلة “ماجد” الإماراتية.
وجاءت أبرز تصريحاته كالتالي:
- بدأ حبي للرسم وأنا في سن صغيرة، وكان أستاذ مادة الرسم بالمدرسة يلاحظ ذلك، وكنت أهوى رسم كل شيء من حولي سواء على الحوائط أو الأبواب. وعندما تخطيت مراحل الدراسة الأولى ظهرت نقطة الخلاف بيني وبين والدي حول رغبتي في الرسم والعمل بهذا المجال فما كان منه سوى إلحاقي بإحدى الوظائف.
- أذكر في بلدي المنصورة كان هناك أحد الفنانين التشكيليين اسمه موسى سند لا يجيد الرسم بقدر إجادته للتلوين، أي أنه حرفي أكثر منه فنان كان يندهش كثيراً من إجادتي للرسم ويشجعني.
- بعد ذلك سافرت إلى أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة وأخذت معي عددًا من رسوماتي وقدمت للعمل في جريدة الاتحاد الإماراتية، وكانوا يرغبوا في رسامين للصفحات الإسلامية “إسلاميات”، وكان يكتبها الراحل أحمد رشدي صالح، وغالباً ما تكون تلك الصفحات في شهر رمضان.
- بعد عام تقريبًا من عملي في الاتحاد، بدأت فكرة عمل مجلة للأطفال وبدأ العدد التجريبي على شكل ملحق “ملزمة” من ٨ صفحات وكنت أنا أرسم أغلبها، وخلال شهور نفذنا العدد صفر لمجلة ماجد ثم العدد صفر الثاني ثم الثالث ثم العدد ١.
- لم يخطر ببال أحد من العاملين في المجلة في أوائل إصداراتها أنها ستحقق نجاحاً بشكل كبير كهذا، وكان أقصى توقعاتنا أنها ستوزع حوالي ١٠ ألف نسخة في الشهر ولكن الذي حدث أنه وصل توزيعها في فترة من الفترات لحوالي ١٨٠ ألف نسخة في الأسبوع وهو عدد لم تصل إليه أي من المطبوعات العربية حتى الآن.
- استعانت المجلة وقتها بالرسامين: حجازي وعبد العال -اللذان مكثا حوالي العامين في أبو ظبي- وجورج باهجوري، ومحي اللباد وبهجت عثمان ومع التوسع في توزيع المجلة زاد معه طموحنا في الأفضل لها وبلغت نسبة الرسامين المصرين حوالي ٧٠ ٪ معظمهم ممن كان يعمل بمجلة “صباح الخير”، أي من مدرسة ومؤسسة روزاليوسف، ومن سوريا علي المندراوي وعمار سلمان من العراق ومحمود فتيح من اليمن.
- كنت شديد النهم لقراءة مجلات الأطفال وأنا صغير مثل ميكي وسمير وسوبرمان، وربما ساعدني ذلك على تصور ورسم ملامح شخصية “كسلان” التي بدأت مع العدد صفر. كان الهدف عند إعدادنا لمجلة ماجد أن تقوم على وجود الشخصيات بتوليفة مختلفة وبدأنا في الاطلاع على المجلات الأجنبية مثل “اسبيرو” ووجدناها مابين كوميدية وبوليسية وميلودراما، بالإضافة لصفحات المعلومات وحكاية قبل النوم والألغاز والأحجية ومن هنا كانت البداية.
- كان الأساس من وجود شخصية كسلان هو إظهار تصرفاتها المرفوضة التي يمكن أن يرتكبها الأطفال أملاً في عرض التصرف السليم والبديل للخطأ من خلال شخصية “نشيط جداً”، والذي حدث أنه بمرور الوقت أخذت شخصية كسلان الطابع الكوميدي وأصبحت الناس تنبهر بأخطاء كسلان وبالتالي تغير المسار المرسوم لها.
- من الشخصيات المحببة أيضاً في المجلة الشرطيان خلفان وفهمان اللذان استطاع الكاتب أنور بدر أن يتخيلهما ويكتبهما بشكل جميل، وقمت أنا برسمهما ليعكس أحدهما طابع الجد والآخر الطابع الهزلي.
- مازلت أحتفظ بالعدد ١ من مجلة ماجد وللأسف تخلصت من كل الأعداد التي كنت أملكها قبل مغادرتي الإمارات، وبالنسبة للكثيرين فإن هذه الأعداد تمثل ثروة كبيرة يبحثون عنها وعلى استعداد لدفع المال للحصول عليها. ويحضرني هنا موقف طريف؛ فقد تواصلت إحدى الشخصيات الكويتية مع ابني الكبير منذ ٨ سنوات للحصول على العدد الأول الأصلي من مجلة ماجد في مقابل ١٠٠٠ دولار لكن بالطبع رفضنا بشدة، لاعتزازي بهذا العدد على الرغم من عدم رضائي الكامل عما رسمته بداخله.
- أنا أرى أن مجلة ماجد يمكن تصنيفها لفترتين أولها عند عملي بها وجميع المشتغلين الأوائل فيها، حيث كانت تنبض شخصياتها وتشعر بحيويتها، والأخرى للأسف عندما بدأ التغيير في شكل الشخصيات والتلاعب بها وفقا لرؤية جديدة من وجهة نظر القائمين عليها. والتي لا تمت بصلة لـ”ماجد” كما ألفها واعتادها القراء في بداياتها، ساعد على ذلك أيضاً دخول الكمبيوتر الذي فقدت معه شخصيات المجلة روحها.
- صدر العدد الأول من مجلة ماجد في ٢٨ فبراير 1978، وأنا غادرتها في ٢٠٠٧ مع الاستمرار في إرسال رسومات كسلان من القاهرة حوالي ٥ سنوات إضافية. ومنذ حوال سنتين لم أشتر المجلة ولا أتابع ما يحدث فيها، فاتجاهي لرسم اللوحات والفن التشكيلي جعل من عودتي للرسم للأطفال بصعوبة بما كان.
- آثرت بعد عودتي للقاهرة التفرغ للفن التشكيلي وإقامة المعارض الفنية، أقمت منها حتى الآن ٥ معارض أخرها بعنوان “جمهور الست” في مارس الماضي. ومع النجاح الملحوظ لأول معارضي، كان شعوري بضرورة الحفاظ والاستمرارية في هذا النجاح والالتفات للذي يليه، والسعي لتقديم تكنيكات مختلفة، وهذا ما تحقق في لوحاتي على مدار المعارض الخمسة التي أقامتها.
- تراجع الوعي بالفن وبالثقافة في مصر بشكل عام، وأذكر فترة الستينات حيث كان هناك اهتمام كبير من الدولة بقصور الثقافة في المحافظات وبفرق الفنون الشعبية والموسيقى والغناء والأدب… إلخ. لكن للأسف في وقتنا الحالي مع الظروف الغقتصادية الصعبة أصبح الانشغال بالبحث عن لقمة العيش يطغى على كل شيء.
- حصلت على جائزة سوزان مبارك لأحسن كتاب لرسومات الأطفال عام ٢٠٠٤، بعنوان “حكايات الحكيم لقمان”، وجوائز أخرى من الشارقة وجائزة أخرى من الأمير طلال بن فيصل 1992، وجائزة القطاع الثقافي بالشارقة 1994.
- كثير من شباب الفنانين التشكيليين والرسامين لا يستطيعون إقامة المعارض الفنية للوحاتهم، فيتجهون لإقامة ورش لتعليم الأطفال كيفية الرسم وتنمية مهاراتهم الفنية وهذا في حد ذاته أمر محمود.
