قد تكون مجرد كلمة همس بها أحدهم يوماً فى أذنك ثم مضى إلى حال سبيله، ليهمس لغيرك بغيرها، كلمة لم تكن كغيرها من ملايين الكلمات التي سمعت، كلمة كان لها مفعول السحر، فغيرت الطريقة التي تفكر بها والنظرة التى تنظر بها إلى نفسك ومستقبلك، كلمة أعادت لك الثقة، أو حثتك على استكمال الطريق في لحظة أوشكت فيها على التوقف من شدة الإجهاد، كلمة حين قيلت لك كنت تقف حائراً عند مفترق الطرق، كلمة أجراها الله على لسانه في تلك اللحظة بالذات كي يغير بها حياتك كلها، قالها “ورزقه على الله”، لم يبتغ من ورائها جزاء ولا شكورا، فقط أملاها عليه ضميره وإخلاصه، أو كشفتها له خبرته وتجاربه فقرر أن يلقيها على مسامعك، ربما لا يعلم مدى تأثيرها الجبار على مستقبلك، لكنه قالها لأنه رأى أن ذاك وقتها الذي يجب أن تقال فيه؛ تلك هي بالضبط نصائح أستاذى الفاضل أحمد ممدوح -رحمه الله وجزاه عنى خير الجزاء- أستاذي لمادة اللغة العربية في الثانوية العامة.
نرشح لك: أحمد شبكة يكتب: أستاذ “وهيب”
ألقاه القدر في وجهي كى ينير لى الطريق ويعبدها لى، ثم ينصرف سريعاً لاعتلال صحته قبل أن يتم عامه الخمسين، ولو أحصيت عدد المرات التي ألتقيته فيها فلن تزيد بأى حال على العشر.. عشر مرات فقط! كان في كل مرة منها يضع حجراً في بنيان ثقتي بنفسي وبقدراتي، يوجهنى نحو الطريق الذي يراه مناسباً لي، يحذرنى من تجاهل هواياتى ومهارتي، ينبهني إلى أن التشتت والتخبط سيضيع علىَ الكثير من الفرص، وسأعود بعده حتماً إلى الطريق الصحيح الذي يتسق وشخصيتي ومواهبي.
نرشح لك: ياسر نبيل يكتب: في محراب عمار الشريعي
كنت طالباً متفوقاً بلا شك، لكن مستقبلي فى القسم الأدبي كان بشكل عام مجهولاً، فحيز الاختيار محدود والمستقبل بالغ الغموض؛ فالمتفوق في القسم العلمي يعلم طريقه مقدماً إما للطب أو الهندسة، أما طلبة القسم الأدبى فأمامهم كليات كثيرة لكن مستقبلها غير محدد المعالم كمثيلاتها في القسم العلمى.
في اللقاءات القليلة التي جمعتني به كان يغمرني بدماثة خلقه وتعامله الراقي وطبعه الرصين وصوته الهادئ. كان يعلم جيداً قيمة أن يثني الأستاذ على فتى في مقتبل العمر أمام أقرانه، كان يحدثني وكأنه زميلي لا أستاذى، كان يتكلم عن مستقبلي بثقة مفرطة! كنت أعجب لها، ثقة كانت تشيع البهجة في قلبي، وتبث الحماس فى نفسي، وترسم البسمة على شفتي، وترقرق الدموع في عيني لأن هناك من يؤمن بي إلى هذه الدرجة.
نرشح لك: عماد العادلي يكتب: “الأستاذ أبو بكر” وأول درس في النقد
الآن وعلى مدى عشرين عاماً أمضيتها في الحقل الإعلامي حين أحرز نجاحاً ما، أو مجرد أن أشعر بالرضا وأنا أمارس مهنتي في الإخراج أو هوايتي في الكتابة أو العكس، لا أدري بالضبط – فقد اختلط الأمر بشدة خاصة فى آخر خمس سنوات أصدرت خلالها روايتين طويلتين- أتذكره بالشكر والامتنان وأدعو له بالرحمة، وأتذكر أمراً في غاية الأهمية، هو أن قلب الإنسان -بالفعل- مكان بالغ الرحابة والاتساع “يسع من الحبايب ألف” كما فى القول الشائع المعروف، فقد كان لأستاذي العظيم بنت وولد على خير ما يكون الأبناء أى أنه لم يقصر قط فى تربيتهما، وفي ذات الوقت كان لقلبه القدرة على إفساح مساحة لاستيعاب الآخرين وتشجيعهم.
رحم الله الأستاذ أحمد ممدوح أستاذ اللغة العربية ببورسعيد…
10 معلومات عن مهرجان الجونة السينمائي