رباب طلعت
ثلاثة أعوام مرت على قرار النيابة العامة بالتحفظ على أموال وممتلكات رضوى جلال حماد، الشهيرة بـ”رضوى الجبلي”، بنسبها إلى زوجها الداعية أحمد الجبلي، الذي توفي شابًا قبل أن يشهد لحظة ميلاد نجله، وترك الشهرة لأرملته صاحبة محلات “مليكة” للملابس، على خلفية اتهامها بتلقي أموال من المودعين بحجة توظيفها، واختفائها المفاجئ بها نهاية 2015، ثم ظهورها الخافت عام 2016، بالنقاب، ومن بعدها العودة الفعلية لممارسة حياتها عام 2017، الذي لم ينتبه له أحد نظرًا لنسيان رواد مواقع التواصل الاجتماعي لها، بسبب ظهور “ترند” آخر غيرها.
رضوى جلال، مثلها كالكثيرين من أبطال “ترندات” السوشيال ميديا، الذين يظهرون، ويختفون فجأة دون سابق إنذار، فقط لأيام معدودة، ويختفي أثرهم بعد ذلك، لبدء ترند آخر طغى عليه، ولكن ما هو مصير أصحاب هذه الترندات؟ وما مصيرهم بعد نسيانه بأعوام؟ إجابة ذلك السؤال نرصدها فيما يلي بالتطبيق على مثال رضوى جلال.
نرشح لك: من المشاهد الجريئة للانفصال.. مراحل شهرة ناهد السباعي
في منتصف 2015، سادت حالة من الحزن بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بسبب وفاة أحمد الجبلي، أو كما وصف وقتها بـ”عريس السماء”، المهندس المعماري ذو الـ27 عامًا، قبل أيامٍ من ولادة طفله الأول، حيث انزلق على الأرض فاصطدمت رأسه ومات على الفور، في فاجعة أصابت أصدقائه الذين تداولوا صورة له من زفافه، أثناء صلاته إمامًا بالحضور، ما حقق له شهرة واسعة، وبالتالي زوجته صاحبة محلات “مليكة” للملابس، الشابة الصغيرة، التي فقدت زوجها بعد عامٍ من زواجهما وقبل أيامٍ من ولادتها لنجلهما الأول.
كرد فعلٍ طبيعي، تحولت مشاعر الجميع لـ”جلال” بالتعاطف، وبالتالي زاد متابعوها على “السوشيال ميديا”، كنوعٍ من الاطمئنان عليها، خاصة لما نشرته عنه من كلماتٍ مؤثرة، ذكرت فيها أنه كان دائم الحديث عن الموت، واصطحبها إلى قبره الذي اشتراه قريبًا، وصمم على التقاط صورة لهما أمامه، لكنها سرعان ما استعادت قواها وبدأت نشر صور لها مع رضيعها بعدما وضعته، بالإضافة لعدة صورٍ أخرى أشارت فيها إلى قررت أن تصبح سعيدة، وبدأت بتحويل مأساتها لنقطة بداية جديدة في حياتها، باستغلال تعاطف الكثيرين معها، بأن تعاقدت مع عدة أشخاص من أولئك المتعاطفين، باسم شركات “مليكة” مع عدة أشخاص، جمعت منهم أكثر من 15 مليون جنيه، بدعوى استثمارها، مقابل فوائد شهرية يحصلون عليها، ثم سافرت خارج مصر، واختفت، بعد زواجها من شخصٍ آخر، وبعد محاولتهم لاستعادة أموالهم بصرف الشيكات الممنوحة منها لهم بقيمة المبالغ التي حصلت عليها اكتشفوا أنها بدون رصيد، ليتقدم كل منهم بدعوى قضائية ضدها، اتهموها فيها بـ”النصب”.
باشرت النيابة العامة التحقيقات في الواقعة، وأمر النائب العام في ديسمبر 2015، بإدراج اسم رضوى جلال على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، كما أمر بسرعة ضبطها ومثولها أمام النيابة العامة لمواجهتها بأقوال المودعين، ولكن أين رضوى؟ اختفت في وجهة غير معروفة حيث إنها غادرت البلاد، وكان رد فعلها على تلك الاتهامات “بوست” على “إنستجرام”، أشارت فيه إلى أنه لكي تصل إلى حلمها يجب عليها تجاهل كل ما يقال ويحدث حولها، وقد ظهرت في الصورة المرفقة به وهي مبتسمة، كما نشر حساب منسوب لها على “فيس بوك” بيانٍ لها ذكرت فيه أنها تعرضت لخسارة فادحة، ويجب على المستثمرين الذين شاركوها تفهم ذلك، لافتة إلى أنها ستترك مصر خوفًا من السجن، وستحاول تعويض تلك الخسارة.
كان ذلك هو “البوست” الأخير لرضوى، وكذلك الظهور الأخير لها عام 2015، واختفى اسمها من قائمة “ترند” السوشيال ميديا، إلى إبريل 2016، حيث عادت من جديد ولكن “متخفية” بنقابٍ، حيث كانت تروج فيها لأزياء من ملابس المنتقبات، وعرفت نفسها بأنها أول مصممة أزياء منقبات في الشرق الأوسط، وتحدثت باللهجة القطرية، إلا أن الفتيات المتابعات لها اكتشفن الخدعة، وأكدن أنها هي رضوى، فقد عرفوها بسبب طريقة حجابها المميزة لها، ورسم حواجبها، وعيناها، وكذلك طريقة تعريفها لنفسها، وعرضها لمنتجاتها، ودشنوا “إيفنت” تحت اسم “حملة البحث عن رضوى جلال النصابة”، ووضعوا صورة لها بالنقاب وبدونه.
اختفت “جلال” من جديد، لحين عودتها بصفتها وبشكلٍ رسمي وعلني كـ”موديل” لإحدى ماركات العبايات في دولة قطر، في مارس 2017، من خلال صورة دعائية كتبت عليها “انتظروني قريبًا”، ما دفع البعض للتساؤل عن أسباب غيابها وطالبتها المعلقات بالرد على ما أثير حولها، لتحافظ على صورتها أمامهن، لكنها تجاهلت ذلك تمامًا، لتبدأ بعد ذلك التواجد بشكلٍ دائم ومستمر على “إنستجرام” وكذلك“يوتيوب”من خلال قناتها الخاصة التي تضع عليها فيديوهات خاصة بها لنصائحها عن التجميل والملابس وغيرها من الأمور التي اشتهرت بها كـ”موديل” محجبات.
أشارت الصحف إلى ظهور “جلال” على استحياء في ذلك الوقت، ولم ينل الخبر أي اهتمام من مواقع التواصل الاجتماعي، إلا من قلة قليلة، كما لم يعرف أحد ماذا حل بها بعد ذلك؟ وما آلت إليه القضية المتهمة فيها؟ وهل تم تسوية الأمر ورد الأموال لأصحابها؟ أم أنها ما زالت عالقة؟ أم أنه قد صدر حكمًا غيابيًا بحقها؟ وهي الآن هاربة من القانون؟ ما شجعها على ممارسة حياتها بشكلٍ طبيعي، بالترويج لمنتجات مختلفة سواء لمحلات ملابس حلويات، أو مطاعم أو عطور وغيرها الكثير، في دولتي قطر وتركيا، بل لها من المتابعات ما يزيد عن 71 ألفًا، لا تشير إحداهن إلى القضية والاتهامات الموجهة إليها! وتحولت من متهمة بالنصب إلى “موديل” شهيرة، تثق فيها العلامات التجارية الكبيرة، وتستعين بها للترويج لمنتجاتها، في الدولتين، حتى إن الصفحة الرسمية لـ”life style turkey” قد نشرت صورة لها أثناء تجديد توقيع عقد التعاون معها كإحدى المؤثرات في نقل العلامة إلى المهتمين في مصر وتركيا.
“إعلام دوت أورج” تواصل مع رضوى جلال، لمعرفة كواليس الاختفاء والعودة، والحصول على إجابة للعديد من الأسئلة، مطالبًا إياها بالرد على الاتهامات الموجهة لها، وبيان تأثير السوشيال ميديا عليها وعلى عملها، إلا أنها رفضت إجراء حوار معه واكتفت بالرد قائلة: “لما أعمل حاجة تستحق اتكلم عنها هتواصل معاكم”، وذلك بعد توضيح سياق الحوار، حيث إنها كانت قد وافقت عليه في البداية قبل بيان سببه، ليظل جزء من القضية معلقًا وهو ما مصير قضية النصب والاحتيال المدانة بها؟ وأين نجلها من أحمد الجبلي وهل تركته بالفعل، لجدته لأبيه في مصر قبل سفرها كما صرحت الأخيرة لتبرأة طرف ابنها المتوفي، مما ينسب لأرملته، التي تزوجت بعد انقضاء أشهر العدة؟ وما مصير شركاتها؟ ولماذا اكتفت بعملها كمروجة للعلامات التجارية فقط دون الإشارة إلى علامتها الخاصة “مليكة”؟
بالبحث خلال صفحات التواصل الاجتماعي التابعة لها، بعد فشل إجراء حوار معها، اتضحت بعض الحقائق، وهي إقامتها في قطر، وولائها لشعبها وحكومتها، وهو ما صرحت به بشكلٍ مباشر وصريح، من خلال مقال نشرته في جريدة العربي القطرية، بحسب تصريح قالت فيه: “أنتمي لإحدى دول الحصار، واختلف مع إعلام بلدي”، كتوضيحٍ منها لموقفها من الحصار الذي فرضته الدول العربية على الحكومة القطرية، لمواقفها ودخلها في الشأن الداخلي لتلك الدول، كما أنها تسافر بشكلٍ دائم إلى تركيا للعمل.
أما عن ابنها فهي لم تنشر له قط أية صور جديدة تجمعها به، من بعد تصريح جدته، ما يؤكد روايتها، كذلك لم تظهر أي صورة لها مع زوجها الجديد، الذي تزوجته بعد انتهاء عدة الحداد على زوجها أحمد الجبلي، ما يطرح تساؤلًا حول استمرار تلك الزيجة أم لا، أما باقي الأسئلة ما تزال مجهولة.