قبل 15 عامًا حين كنت طالبًا في الجامعة، ذهبت إلى أول مدرسة التحقت بها، وسألت عن “ميس كريمة” التي كانت تُدرس لي في الروضة!.
وقفت أمام إحدى المُدرسات وسألتها عن الأستاذة “كريمة”، فضحكت بصوت مرتفع ما زال يتردد صداه في أذني، وقالت: “ياااه.. يعني مش فاكر شكلي.. وفاكر اسمي!”. فضحكت معها وقلت لها: “للأسف أنا لا أحفظ الوجوه لكن أحفظ المعروف، وسلّمت عليها.. وسألتها (بس حضرتك إزاي افتكرتيني؟)”. قالت لي: “فيه عيال مايتنسوش”!.
سلّمت عليها وشكرتها على ما فعلته معي حين كنت تلميذًا، وأكملت السير بحثًا عن ميس “منى تيسير” مدرستي في الصف الثالث الابتدائي؛ لكني لم أعثر عليها.
نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: الأستاذ محمود عوض
ميس “منى” كانت أول من جعلت طابور المدرسة يصفق لي، حين جعلتني أحفظ أسماء الأنبياء من سيدنا آدم حتى سيدنا محمد عليهم جميعا الصلاة والسلام، وجعلتني أقدم الإذاعة المدرسية في مدرسة بها طلاب ثانوية عامة، رغم أني تلميذًا في المرحلة الابتدائية، وحصلت على أول جائزة، بينها علبة بسكويت “بيمبو”.
أصبحت المقدم الرئيسي للإذاعة المدرسية، من الصف الثالث الابتدائي حتى الصف الثالث الثانوي في كل المدارس التى التحقت بها. في المرحلة الإعدادية حدثت نقلة نوعية في علاقتي بالأساتذة، حين أعلنت الإدارة التعليمية عن مسابقة في إلقاء الشعر، ويومها وقفت وألقيت قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي كانت ضمن مقررات الدراسة.
في اليوم التالي ألقيت القصيدة في الإذاعة المدرسية، وتم اختياري لأكون ممثل المدرسة في مسابقة الشعر، وذهبت بالقصيدة ذاتها وفزت، وفازت المدرسة بالجائزة للمرة الأولى منذ 10 سنوات.
تم تصعيدي للمنافسة على مستوى محافظة القاهرة، والتقيت الأستاذ “حاتم علي سمير” مدرس الرياضيات الذي أصرّ على أن أحفظ قصيدة جديدة بعنوان “عن إنسان” للشاعر الكبير محمود درويش. جعلني أؤديها بطريقة مبتكرة، وعلمني معنى ومغزى كل كلمة فيها، وألقيّتها في الإذاعة المدرسية، ويومها وجدت المدرسة تصفق لي خروجًا على تقاليد الطابور الذي لا يجعلنا نصفق إلا لضيوف المدرسة الكبار، وعرفت أن السبب في ذلك الأستاذ “محمد سمير” المشرف على الصف الثاني الإعدادي، الذي أعجبه إلقائي فطلب من زملائي أن يصفقوا لي، وتكرر التصفيق مع كل قصيدة جديدة ألقيها في الإذاعة، رغم أني لا أعرف الأستاذ “محمد سمير” ولا يعرفني إلا عبر الإذاعة.
شاركت في عدد كبير من الأنشطة المدرسية، وحصلت فيها على جوائز عديدة وشهادات تقدير، لدرجة أنني في إحدى المرات حصلت على ثلاث جوائز في يوم واحد.
الأولى: باعتباري الأول على مستوى الإدارة التعليمية في إلقاء الشعر.
الثانية: لحصولي على المركز الأول في مسابقة بعنوان “الوعي القومي”.
والثالثة: لأني الطالب المثالي.
الطريف أني كنت غائبًا في هذا اليوم عن المدرسة، وربما كان ذلك اليوم الوحيد الذي تغيبت فيه طوال العام!
وفي الصف الثالث الإعدادي حصلت على الجائزة الأولى على مستوى الإدارة التعليمية في التمثيل، عن دور الزعيم “أحمد عرابي” في قصة “الصقر الجريء”، واستعنت في تجسيد شخصية “عرابي” بأستاذ اللغة العربية “محمد خلف”، الذي كان يشرح القصة في الفصل بطريقة تمثيلية!.
المدهش رغم أنني أذكر أسماء أستاذتي في الروضة والابتدائي والإعدادي، لكني لم أستطع أن أتذكر اسم مدرس واحد خلال المرحلة الثانوية سوى “ميس تريزا” أمينة المكتبة، التي فزت معها بالعديد من الجوائز، أذكر منها شهادة استثمار بخمسين جنيهًا بسبب حصولي على المركز الرابع على مستوى الجمهورية في القراءة، وذهبت إلى منزل ميس “تريزا” لأتسلم الجائزة؛ لأن الشهادة وصلت بعد أن صرت طالبًا في الجامعة!.
في الجامعة لعبت الدكتورة “منى الشحات” دور البطولة في مساندتي رغم أنها لم تدرس لي يومًا، فقد كانت تدرس لطلاب قسم اللغة العربية بينما أنا في قسم الإعلام، لكن منذ اليوم الأول لي في الجامعة وبعد أن تعرفت عليها مصادفة، قررت أن أقوم بإلقاء شعر في حفل استقبال الطلاب الجدد -الذين كنت واحدا منهم-، وأصرت أن أقوم بتمثيل اسكتش كنت أحفظه منذ سنوات، وأعجبتها طريقتي في تأديته.
لم تكن الدكتورة “منى” وحدها التي ساندتني، بل كان معها زوجها الدكتور “قرشي عباس دندراوي” الذي وقف إلى جواري كثيرا، وكذلك الدكتورة “أسماء عرام” -أخلص من أنجنبهم قسم الإعلام في قنا- التي كانت معيدة في قسم الإعلام حينذاك، وكانت أول من يقوم بإبلاغي بنتيجة الامتحانات. وحين بدأت التدريب في الصحف صار لي أساتذة كثيرون لهم مقام معلوم.
نقدم لك| مصطفى راشد يتحدث لإعلام دوت أورج عن حضوره مهرجان الجونة