عزيزي القارئ صباح الخير أو مساء الخير حسب وقت قرايتك للمقال، الأسبوع ده هنتعرف أكتر على شخصية ولاد طنط فكيهة، وازاي عرّفوا المجتمع على مصطلح جديد خاص بيهم أو بيميّزهم، مش بس كده لأ، دول خلوا المفهوم ده “ترند” في حد ذاته.
“سترونج إندبندنت وومن” أو المرأة المستقلة، هو مفهوم منتشر في المجتمع في الفترة الأخيرة، طب ليه مش بنقول “سترونج إندبندت مان”؟، وهل التعريف ده بيقودنا إن الستات في مصر “حرّة” ومفيش عليهم رقابة؟.
الحقيقة إنّ التمهيد للمفهوم ده كان من بداية ستينيات القرن الماضي وقت صدور رواية “الباب المفتوح” للطيفة الزيات، وتحويلها لفيلم بنفس الاسم، اللي نمّت الوعي لدى الفتيات بالاستقلال وبأهمية دور المرأة في المجتمع زيها زي الرجل _ يمكن قبل منظمات حقوق المرأة _.
نرشح لك: بسنت حسين تكتب: رحلة البحث عن “ولاد طنط فكيهة” (1)
نما الوعي بأهمية دور المرأة في المجتمع من خلال “حسين” المُحب الداعم، ومع بداية فترة السبعينيات بدأت المرأة تأخد حصة أكبر في التعليم الجامعي، وهنا نشأت قصص حب كتيرة في الجامعة، وظنّت كل فتاة أنّ حبيبها هو “حسين” بطل رواية الباب المفتوح.
طنط فكيهة وجدت في الحب البداية الحقيقية لخلاصها من فرض المجتمع ليها بالخضوع وتهميش دورها، لكن المقابل مكنش سهل، إلا إنّها وافقت عليه للحصول على حريتها وإعلان مرحلة جديدة تكون هي صاحبة العصمة الفعلية، المقابل كان إنّها تساند حبيبها في تأسيس منزل الزوجية والسفر والعمل معه جنبًا إلى جنب حتى تتأسس أسرتها.
الحقيقة إنّ طنط فكيهة كانت بتحاول تحطم تابوه “الـ نينا” ست البيت المتفرغة للأكل والشرب وغسل ملابس الأبناء، لا تستطيع أن تجاري أبنائها في التعليم كونها غير متعلمة، ويقوم “سي السيد” بمحاكاة الأبناء وشرح ما لم يفهموه من دروس.
ظل هاجس “نينا” يطارد طنط فكيهة حتى ألغت دور الرجل في منزله وأمام أبنائه، دور الأب لا يقتصر فقط على التوجيه بل هو القدوة، وفي حال غيابه غابت القدوة الحقيقية، وأصبحت طنط فكيهة هي الصورة المسيطرة والمترسخة في ذهن الأبناء. ومن هنا حدث التغيير المجتمعي، إنّ ولاد طنط فكيهة في نشأتهم مشافوش غير صورة الأم “السوبر وومان” اللي بتشتغل وبتهتم ببيتها وبتحل كل المشاكل وبتدي الفلوس وبتسدد الأقساط، وغاب عن المشهد تماما الأب المطحون اللي بيضحي براحته وسعادته لمجرد توفير حياة مترفة لأبنائه.
مش بس كده، حتى في أبسط الأمور اليومية طنط فكيهة كانت بتعرف بيها: زي مثلا الترند المشهور جدًا، “ولو قُمت ولقيتلك اللي بتدور عليه؟”، من هنا طنط فكيهة خلقت شخصيات اتكالية من الدرجة الأولى لأبنائها الذكور، اللي شافوا إنّ الطبيعي جدًا إنّ الأنثى تساعده في كل شيء، حتى في تأسيس منزل الزوجية وفي مصروفات المنزل ذاته، دون أن يرى في ذلك أي عيب، لأنه ببساطة لم ير الأب وهو يعمل من أجل توفير حياة كريمة، بل تأصّل داخله منذ الطفولة أن أيّ مصروفات تقوم الأم بدفعها، فظل هناك ارتباطًا شرطيًا بين وجود الأنثى وتحمل المسؤولية.
نرشح لك: بسنت حسين تكتب: رحلة البحث عن “ولاد طنط فكيهة” (2).. أول يوم دراسة!
المشكلة الأكبر هو ما بعد أن يستقل الأبناء ويكوّنوا أُسر، الطبيعي إنّ ابن طنط فكيهة يشتغل زي والده، أو بالأحرى يموت نفسه في الشغل عشان يوفر حياة أفضل من اللي عاشها لأبنائه، لكن للأسف ده مش بيحصل لسببين: الأول إنّ متطلبات الإنسان زادت جدًا واستحالة دخل واحد بس يقدر يلبيها، على الأخص إذا كان فيه أولاد، والسبب التاني إنّ مفهوم البنات اتغير عن زمان، ومبقاش المجتمع بيمثل ضغط، لكن الضغط بقى متوازن وأصبح للبنت رأيها وحيرتها في اختيار حياتها، فمفيش بنت مجبرة إنّها تشتغل عشان تصرف على بيت بيعوله راجل، بل الأسهل لها تحصل على حريتها “الطلاق” في نظير مساهمتها المالية.
بنات طنط فكيهة زاد وعيهن لدرجة إنّ كل واحدة أصبحت تتطلع لرجل ذو شخصية قوية يستطيع تحمل زمام الأمور، وبالطبع قادر يُنفق على الأسرة. ودون هذا الرجل لن ينقصها شيء، فهي “سترونج إندبندنت وومن”، قادرة تشتغل وتغطي مصاريفها، ليها ظهورها المجتمعي، وللأسف بدرجة كبيرة وقعت بنات طنط فكيهة في فخي الطلاق والعنوسة.
في الزواج، بنات طنط فكيهة ممن تحاولن العثور على شخصية الرجل المُسيطر، ترفضن الانصياع لفكرة “زواج الصالونات”، مُعلنة هي الأخرى التمرد على مفهوم “نينا”، وتريد أن تحصل على حقها في اختيار شريك حياتها كنوع من المساواة مع والدتها طنط فكيهة.
وفي رحلة بحثها عن شريك مثالي لا يشوبه أي نقص، كثيرًا ما تقع فريسة الرجال “المخوخة” ممن يجيدون فن التمثيل، فتخرج من العلاقة الفاشلة أكثر تحدٍ وانتصار لمفهوم “سترونج إندبندنت وومن”.
بصراحة طنط فكيهة وزوجها هما اللي رفعوا متطلبات ولادهم في الاختيار، كل شيء مُجاب ووسائل الرفاهية كلها موجودة ومفيش بديل عنها، ده خلى الشباب عاوز سوبر وومان وملكة جمال وأم ووزيرة مالية في ست واحدة تكون “نينا”، وده غالبًا مش بيحصل، والبنات شافت إنّ حقها تتجوز من راجل أشبه بـ”بنك” يجيب كل حاجة. ومينفعش تضحي معاه بالتنازل عن أي شيء أو توفر في نفقاتها، وطبعًا غير وارد تمامًا إنّها تساعده ماليًا، من هنا حصل حالة من “المصارعة” في أي علاقة بيقوم بيها ولاد طنط فكيهة، وللأسف الطرفين فيها دايما خسرانين.
هما ولاد طنط فكيهة إيه فايدتهم؟، وإيه أهم إنجازاتهم؟، أسئلة كتير هنلاقي إجابتها الأسابيع الجاية.