“هو متعمد يتصيد لي الأخطاء ولا إيه؟ كل تقرير يذاع لي يسيب كل مميزاته ويعلق على أي غلطة أو نقص فيه والناس التانية بتعمل تقارير كلها أخطاء ومش بينتقد حد منهم”.
غاضبًا قلت أنا هذا الكلام لنفسي وأنا أتابع انتقاده الحاد على أحد تقاريري بعد انتهاء بثه. لم يعد هناك حجاب بيني وبين يقيني من أنه ينتظر تقاريري بشكل خاص ويدقق فيها باحثًا عن أي خطأ، ليعلق عليه بعد انتهاء التقرير.
نرشح لك.. محمد عبد الرحمن يكتب: الأستاذ محمود عوض
أصبحت كمن يسير على الحبل؛ أعد تقاريري بمنتهى الحذر والتدقيق، أركز في الصورة والبناء البصري، وكذلك أدقق في المحتوى والمضمون المعلوماتي، ثم أنتظر تعليقه بعد عرض التقرير كمن ينتظر نتيجة الامتحان.
“معتز الدمرداش ينهي تعاقده مع قناة المحور؛ ويستعد لتقديم برنامج جديد على فضائية أخرى”.
لم استرح لغياب الرقيب كما كنت أعتقد، بل غمرني شعور عميق بالحزن على مهنية وجماهيرية برنامج عرفنا الناس من خلاله، وتعلمنا قواعد المهنة عبر نجمه الكبير.
“ألو: ازيك يا حكيم؛ امبارح كنا مجتمعين مع الأستاذ معتز بخصوص البرنامج الجديد؛ ولما اتكلمنا على المراسلين طلب إنك تكون معانا؛ وقال إنك بتفهم كويس في الصورة، وإنك مراسل شاطر”.
نرشح لك.. فاطمة خير تكتب: أمينة النقاش ونبيل زكي.. شكرا
تبدلت الصورة في عيني، واستعدت تفاصيل الأحداث فوجدتني أفهمها بشكل آخر، تراه كان يركز على تقاريري لهدف آخر غير تصيد الأخطاء؟!، وكان ينتقد كل خطأ لسبب آخر غير الإساءة؟!
في برنامج “مصر الجديدة” مع معتز الدمرداش؛ كنا أقرب، عرفته بوضوح فأدركت أنه “الأستاذ”.
لا يبخل هو أبدًا بمعرفة جمعها من تجربة عمل غربية، والأهم أنه لا يبخل عليك كمراسل بمساحة من التواجد والظهور حتى أنه كان كثيرا ما يستضيفني وغيري من المراسلين للحديث عن كواليس تحقيق مهم، دون أن يفكر فيما يسميه غيره “الاستحواذ بالأضواء”.
“ألو؛ مساء الخير يا حكيم؛ بتصل بيك علشان اشكرك على شغلك الفترة اللي فاتت هايل وساهم في نجاح البرنامج، بس خلي بالك أنا وأنت تخنا شويه؛ إيه رأيك لو عملنا دايت ونشوف مين فينا هيخس أكتر”.
نرشح لك : محمد حكيم يكتب: أنا مريض بـ”النضج”!!
هكذا كان لطيفًا ومهذبًا وإنسانًا وهو يريد أن يلفت نظري لزيادة وزني دون أن يجرح مشاعري، أتذكر تفاصيل تلك المكالمة وغيرها كثير من مكالمات دارت بيني وبين الأستاذ تلخص أحد أهم مميزاته؛ فالأستاذ لا يعلمك أبعاد المهنة وسبل التفوق فيها فقط، لكنه أيضا يعلمك الإنسانية؛ يعلمك أن تكون كبيرًا ونجمًا لكنك تحرص على ألا تؤذي مشاعر من يعملون معك حتى لو كانوا صغار.
علمني معتز الدمرداش منهج “الشخصنة” في صناعة التقرير حتى أصبحت من أوائل وأفضل من يصنعونه في جيلي من المراسلين، وعلمني قيمًا إنسانية أهم أثرت في شخصيتي كثيرًا، وعلى مدى ما يزيد على عشر سنوات من العمل والمعرفة والصداقة؛ ربما لم أصارحه خلالها بشكري وامتناني إلا قليلا خشية أن يظن بي النفاق، لكنني اليوم _ بعدما انتقل هو إلى تجربة عمل جديدة لم يطلبني فيها- أجدني غير متحرج من أن أقول: “شكرًا معتز؛ علمتني الكثير وكنت نعم المعلم والأستاذ”.