لم أكن أعرف كيف يمكن أن تكون البداية.. 8 سنوات من الغربة أسفرت بفضل الله عن ماجستير وخبرات مهمة، لكن وفي نفس الوقت صلات مقطوعة تماما في مصر نتيجة لهذا الغياب الطويل، ويشاء الله أن يضعه في طريقي ليكون أول من تمتد يده لدعمي بعد عودتي فاتحا لي باب الكتابة والنشر في الموقع الرائع الذي أسسه ويترأس تحريره حتى الآن.
نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: الأستاذ محمود عوض
“موقع إلكتروني؟!” همستها لنفسي متوجسا.. أعلم أن الصحافة الإلكترونية هي رأس الحربة الآن وهو أحد أسباب اختياري لها لتكون موضوع رسالة الماجستير الذي حصلت عليه منذ شهور من موسكو، ولكن الكتابة البحثية شيء والصحفية شيء آخر تماما، كما أن تعاطي أمر ما مختلف عن إنتاجه وممارسته. التوجس هنا مصدره ببساطة هو ماذا أكتب للصحافة الإلكترونية؟ كيف أختار الموضوع، والعنوان، والأسلوب، والصورة .. الوسيط مختلف والجمهور وكل شيء وبالتالي لا بد أن تكون الأدوات أيضا مختلفة.
صارحته وتوقعت أن يصدمني بتعليق من عينة “آسف فلتبق وفيا للصحافة الورقية أو البحث العلمي أو أي شيء آخر و(حل عنا)”، لكن لأن كل تلك التعليقات لا يمكن أن تصدر عن أستاذ فلم يكن تعليقه بالفعل واحدا منها، بل على العكس فوجئت بمناقشات وتوجيهات استغرقت الكثير من وقته وجهده قبل أن يفاجئني بقوله: “أنتظر منك أول مقال”.. تلك الجملة التي كانت أشبه بقوس مزدوج أغلق مرحلة التوجيه من ناحية وأذن ببداية التجربة من جهته الأخرى.
نرشح لك: محمد حكيم يكتب: الأستاذ معتز الدمرداش
عن من؟ وماذا يجب أن يكون أول مقال؟ لم يشأ أن يحدد أو يقيدني بموضوع بعينه، فكرت سريعا.. هذه الأيام تحل ذكرى وفاة يوسف شاهين، لم الحيرة إذن، لماذا أفوت الفرصة على نفسي أن أكتب عن معشوقي الخالد والمناسبة منطقية والمبرر جاهز؟ بعد ساعات كان المقال الذي حمل عنوان: “7 تهم طاردت يوسف شاهين”.. أرسلته ونمت مرعوبا…
في الصباح كانت جملة “إيه الروعة دي؟” هي أول رسالة تصلني منه، ليستمر تشجيعه ودعمه وتطوعه لإرسال مقالاتي لإصدارات أخرى دون أن يعنيه احتمالية أن يشغلني ذلك عن الكتابة في موقعه.. إنها أخلاقيات الأستاذ العظيمة، التي لا تعترف باعتبارات المكسب والخسارة، المسألة أن يدعمك لأنه مقتنع لسبب أو لآخر بواجبه تجاهك لمنحك مثل هذا الدعم.
شكرا أستاذي الكبير محمد عبد الرحمن باسمي وباسم كل من دعمتهم ولا زلت، دون انتظار مقابل من أي نوع لا لسبب غير كونك أستاذا عظيما، ربما يسبب لك مقالي حرجا ما كونه يصدر في موقعك اللامع الذي تترأس تحريره ولكن احترامك لاختيار تلاميذك ليس إلا واحدة من سمات أستاذيتك التي أراهن عليها لنشر هذا المقال.