إيمان مندور
في مثل هذا اليوم وقبل 26 عامًا، وقع زلزال 1992، الذي عاشت مصر بسببه أكثر اللحظات رعبًا في فترة التسعينيات، وراح ضحيته مئات المواطنين وشرد الآلاف، وأدى لخسائر اقتصادية فادحة، وصُنف وقتها كواحد من أخطر الكوارث التي واجهتها مصر في العصر الحديث.
نرشح لك: 5 تصريحات لشيرين حمدي عن برنامجها الجديد “ON set”
مع دقات الساعة الثالثة و9 دقائق عصرًا، يوم 12 أكتوبر من العام 1992، وقع الزلزال الذي بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر، واستمر لمدة نصف دقيقة تقريبًا، أعلنت بسببه الطوارئ في كل مكان، وأُغلقت الجامعات والمدارس والمصالح الحكومية لمدة أسبوعين كاملين، تحسُبًا لأى زلزال آخر، وبدأ الجميع في متابعة مشاهد وصور الخسائر والضحايا والناجين، إلا أن الأضواء كانت أكثر تركيزًا على عملية الإنقاذ الأشهر في تاريخ مصر، للمواطن أكثم السيد إسماعيل.
من بين كل المآسي والوفيات والإصابات والخسائر وقتها، كانت قصة أكثم هي الأشهر والأكثر غرابة بين الأحداث، إذ تم تركيز الأضواء على عمارة مصر الجديدة المنكوبة التي عرفت إعلاميًا بـ”عمارة الموت”، لا سيما عملية إنقاذ أكثم الذي قضى 82 ساعة تحت الأنقاض، وتم إنقاذه في اليوم الرابع للزلزال مصادفةً، ففي أثناء عمل رجال الإنقاذ والحماية المدنية في رفع الأنقاض سمع أحد العمال صوتًا خافتًا لاستغاثة وطرقات مصدرها أسفل الأنقاض، فتوقفت الحفارات وتحرك فريق الإنقاذ ليحدد مكانه.
فيديو نادر : زلزال 1992أنقاذ "أكثم السيد أسماعيل سليمان" بعد 82 ساعة تحت الأنقاضتم اكتشافه بالصدفه اثناء ازالة عمارة الموت في مصر الجديده والتي سقطت فوق رؤس سكانها ليفاجأ فريق ازالة الانقاض بصوت استغاثة خافت عليل بعد اكثر من ثلاثة ايام من انهيار العقار وبعدما فقدوا الأمل في العثور على أحياء وكانت المفاجأه حين عثروا على اكثم بحالة جيده بينما ترقد والدته وزوجته وابنته الطفله جثث هامده بجواره
Posted by الزمن الجميل on Wednesday, October 12, 2016
وبعد ساعات من رفع الأنقاض فوجئ رجال الإنقاذ بوجود شاب منهك لا يزال على قيد الحياة، وإلى جانبه أمه وزوجته وابنته الطفلة جثثا هامدة. تعالت الأصوات بالتكبير من كل المتواجدين، وتابعت وسائل الإعلام قصة أكثم، آخر الناجين من الزلزال، الذي وجد نفسه لأكثر من ٨٠ ساعة تحت الأنقاض بلا طعام ولا ماء، لا أمل أمامه سوى الموت، لكي ينتهي من كل هذه المأساة التي لا يرى ولا يسمع فيها شيئًا سوى أنفاسه التي يلتقطها بالكاد تحت كل هذا الرماد.
“كأني كنت في قبر، الدُنيا ضلمة، مفيش أصوات حواليا غير أنفاس الناس اللي بتموت”.. هكذا قال أكثم في أول لقاء تليفزيوني معه عقب إنقاذه، واصفًا الحالة التي مر بها تحت الأنقاض. أما كواليس لحظة الزلزال نفسها، فقال عنها: “كنا على مائدة الغداء أنا وزوجتي وأمي وابنتي، وتقريبا انتهينا من الطعام وهممت بالذهاب لأحضر زجاجة البيبسي لابنتي التي طلبته مني، وفجأة سمعنا صوت طرقعة شديدة وهرولنا نختبئ تحت منضدة الطعام. ثم وجدنا أنفسنا نسقط كأننا في بئر عميقة، كنت أسمع أصوات الصراخ للجيران وأمي وزوجتي تصرخان واندفنا جميعا تحت الأنقاض”.
وحول لحظات وفاتهن قال: “كانت أمي أول من أسلمت روحها ثم ابنتي وبعدها زوجتي. حاولت أن أشجعهن للتماسك فقمت بتمزيق جزء من ملابسي، وكنت أبول على القماش وأعيد شرب البول، لكن أمي وزوجتي رفضتا أن تفعلا مثلي. أما ابنتي ظلت تطلب مني كوب البيبسي حتى فاضت روحها”.
غرابة القصة والآلام التي تكتنفها جعلتها “المعجزة” الأشهر في مصر وقتها، وتداولتها وسائل الإعلام كافةً. لكن اختفى أكثم بعدها. لم يظهر في الإعلام ولم يره أحد، وكان كل ما يتردد عنه منذ وقتها وحتى الآن أنباء متناثرة حول موقفه من الحياة، وكيف أنه قرر أن يهب نفسه لخدمة المساجد ويزهد الدنيا بعد الذي عاشه تحت الأنقاض وفقدان أسرته بأكملها. قيل أيضًا إنه تزوج ورزق بابنتين، واستكمل حياته كما كانت، ولم يزهد الدنيا كما تردد.. لكن من بين كل هذه الأقوال، فإن الثابت حتى الآن أن حياة أكثم لم يكتب لها الشهرة سوى فيما حدث وقت الزلزال.. أما ما بعده وما قبله فلا يعرفه إلا صاحب القصة نفسه.. الذي لا يزال مختفيًا حتى الآن.
نقدم لك: نهايات مأسوية لنجوم الفن..