في لقاء مفتوح بالمجلس القومي للمرأة بالإسكندرية، قدمت محاضرة عن “دور وسائل التواصل الاجتماعي في مواجهة التحرش الجنسي”.. في البداية طلبت من السيدات دون الرجال أن يخرجن صورة شخصية تكون محتفظة بها في شنطتها، وبالفعل قامت بعض السيدات بإخراج صور لهن، وقدمهن لي متسائلات عن السبب.
أخذت إحدى هذه الصور، وقلت لصاحبتها سأقوم الآن بعد موافقتك بنسخ هذه الصورة حوالي مئة نسخة، وأرسل من يقف في أول الشارع ليقوم بتوزيعها على المارة. اندهشت متعجبة، وكلها ثقة أني أخدعها ولن أفعل، لكنها اعترضت تماما، واعترض معها كل الحضور، ومنهم الرجال، فقلت لهم جميعا “هذا ما تفعلونه بالفعل على السوشيال ميديا”.
فالصور تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي على العامة، وقليل من المستخدمين من يقرر أن يشاهد صوره الأصدقاء فقط، وصفحة الفيس بوك أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي هي الشارع الذي كنت سأوزع فيه صورة السيدة الفاضلة التي أعطتني صورتها واثقة فيَّ، وثقتها في محلها بكل تأكيد.
والسؤال الذى يفرض نفسه اجتماعيا: هل من الخطأ نشر المرأة لصورتها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهو سؤال يتردد كثيرا في الأوساط الإلكترونية، البعض يرجع سبب الرفض إلى أسباب دينية، والبعض الآخر يرى أن نشر الفتاة لصورتها “عيب” اجتماعيا، ويرى آخرون -يعتمدون على نظرية المؤامرة- أن هناك من يأخذ هذه الصور ويقوم بتركيبها على صور أخرى مخلة بالآداب وقد يستغلها أو يبتز بها صاحبة الصورة الأصلية، أو يساومها، وهناك من يعرض قصصا لا أصل لها عن فتيات تعرضن للضغط من قبل أشخاص استغلوا صورهن وخضعن لهم ووقعن في الرذيلة. إلا أن الفتيات حاليا لا يفرق معهن كل هذا الكلام، وتنشرن صورهن ببساطة، خاصة على موقع “إنستجرام” والمتخصص في الصور، فالأمر لم يعد مجرد “تابوه” تم كسره، و”العيب” فى المجتمع الشرقى – أيام كان شرقيا- أصبح نسبيا، وأصبحت الفتيات يتنافسن على نشر صورهن، وينتظرن كم عدد “اللايكات” وكم عدد التعليقات، والعيب لم يعد عيبا، فالأمر نسبى بالمناسبة، وما يعد عيبا عندنا قد يكون شرفا عند البعض الآخر.
نرشح لك: بيان من “التعليم” بشأن فيديو التحرش بتلميذة
وإذا كان واجبا أن نعترف بأهمية ودور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها الكبير، إلا أننا يجب أن نعلم أن لهذه الوسائل أيضا سلبيات عديدة، وعلينا أن نعي هذه الإيجابيات ونستخدمها لتحقيق أغراض مجتمعية ناجحة، وتفادي السلبيات بشكل كبير، من خلال تعلم الإمكانات الموجودة داخل كل موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، وطريقة استخدامه.
ولذلك نسأل السؤال الدائم والشهير: هل نغلق الباب أم نفتحه؟ هل نستخدم التكنولوجيا أم لا نستخدمها؟ هل نترك أجهزة الموبايل والتابلت لأولادنا وبناتنا أم لا نتركها؟ ولكن هل تؤدي هذه الصور إلى ظاهرة التحرش الإلكتروني؟
يعاني كثيرون من مستخدمي الأجهزة الإلكترونية الموصولة بشبكة الإنترنت من تعرّضهم لأشكال مختلفة من المضايقات، بدءا من الإلحاح بالتعارف من أشخاص لا يعرفونهم، أو تعرّضهم للملاحقة والتعقّب من جانب آخرين ممن لديهم خلافات شخصية معهم، وقد يتعرّض المرء للتحرّش من أشخاص معروفين له أو من مجهولي الهوية.
ومع انتشار الإنترنت أكثر، واكتشاف وسائل تواصل أكثر سرعة وانتشارا، تحوّل التحرّش الإلكتروني من مجرّد رسائل بريدية، إلى وسائل مثل غرف الدردشة، ومنتديات الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي مثل الـ «فايسبوك» و«تويتر»، والرسائل الفورية على الهواتف المحمولة مثل الـ «واتس آب»، وبرامج الاتصال المجاني، والصور الرمزية، والإعلانات عبر الإنترنت، وروابط التحويل التلقائي التي تعترض الشخص عند تصفّحه شبكة الإنترنت، والنوافذ المنبثقة Pop-ups التي تحتوي على إعلانات جنسية أو عبارات تحرّض على الكراهية. كما تحوّل التحرّش الإلكتروني من مجرّد التركيز على المواضيع الجنسية، والسرقات المالية، إلى مواضيع سياسية، وطائفية، وتصفية حسابات شخصية.
وأنصح مستخدمي السوشيال ميديا بعدم قبول طلبات الإضافة من أي شخص غير معروف، وعدم السماح برؤية الصور إلا للأصدقاء فقط، بالإضافة إلى وضع نظام للبريد الا
إلكتروني يضمن تحول الرسائل التي تحمل أسماء أو كلمات غير مرغوبة إلى قائمة “Spam”.
ومن الضروري الاحتفاظ بأدلة تتضمن المضايقات والتعليقات والرسائل التي يتم التعرض لها، من خلال نسخة “اسكرين شوت” لأنها ستساعد في إثبات هذه الوقائع، ويسهل الوصول إلى المتحرّشين، خصوصا حين يستخدمون أجهزة متصلة بالإنترنت في المنزل أو العمل، وبالتالي يمكن التعرف على هويتهم الحقيقية، وتعرضهم للمساءلة القانونية، بعد تقديم بلاغ رسمي لمباحث الإنترنت.