للمرة التاسعة يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بالعاصمة الروسية موسكو في مستهل زيارة سيادته لجمهورية روسيا الاتحادية.
جاءت أول اللقاءات بين الرئيسين خلال عام 2014 حين زار السيسي موسكو بصفته وزيرا للدفاع آنذاك ثم 3 زيارات رسمية وهو في سدة الحكم إلى روسيا، فضلا عن زيارتين قام بهما بوتين إلى القاهرة ولقاءان على هامش قمتين سابقتين للبريكس ومجموعة العشرين.
نرشح لك: جيهان الجوهري تكتب: فكرة رائعة ولكن؟! عيار ناري.. يضرب الحقيقة
الرسائل جاءت واضحة في خطاب السيد الرئيس خلال زيارته التي استهلها بزيارة لجمهورية روسيا الاتحادية باستقبال السيد/تيجران ساركسيان رئيس المفوضية الاقتصادية للاتحاد الأوراسي، الذي يضم في عضويته دول روسيا، وكازاخستان، وقيرجستان، وأرمينيا، وبيلاروسيا.
الرسالة الأولى.. الشراكة الاستراتيجية:
أولى الرسائل البارزة لزيارة الرئيس السيسي خلال لقائه رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيدف أن مصر وروسيا ستوقعان اتفاقية مهمة للشراكة الإستراتيجية، موضحًا أهمية العلاقات التي تربط بين مصر ودول الاتحاد الأوراسي على المستوى السياسي والتاريخي والثقافي والاقتصادي، معرباً عن تطلع مصر لتنمية وتطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات، بما يحقق المصلحة المشتركة للجانبين.
الرسالة الثانية.. اتفاق التجارة الحرة:
وضحت معالم تلك الرسالة حين أشاد السيد الرئيس بمستوى التعاون بين مصر والاتحاد الأوراسي في ضوء قرب انعقاد الجولة الأولى للمفاوضات بين الجانبين للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة، بما يُساهم في زيادة ومضاعفة معدلات التبادل التجاري وتنمية الاستثمارات المشتركة، وبما يحقق المصلحة المشتركة للجانبين، خاصة في ضوء تطوير البنية التحتية في مصر، لاسيما في مجالات الغاز والكهرباء والطاقة والموانئ وشبكة الطرق الحديثة، بالإضافة إلى ما توفره اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط بين مصر والدول العربية والأفريقية والأوروبية من أفضلية لنفاذ السلع المصدرة من مصر، الأمر الذي من شأنه توفير كافة سبل النجاح للاستثمارات الأجنبية.
الرسالة الثالثة.. توسيع التعاون في مجالات مختلفة:
وحول تعزيز حرية نقل السلع والخدمات ورؤوس الأموال والأيدي العاملة، فضلاً عن تنسيق السياسات في مجالات التجارة والطاقة والصناعة والزراعة والنقل، وهو الأمر الذي ينعكس على القيمة المضافة للتعاون بين الاتحاد الأوراسي والدول الأخرى من خارجه؛ حيث بلغ حجم التبادل بين مصر وروسيا 4.1 مليارات دولار خلال العام 2016
الرسالة الرابعة.. علاقات متميزة عبر التاريخ:
أن يصبح السيسي أول رئيس أجنبي يخطب بحضور “السيدة “فالنتينا ماتفيينكا” رئيسة مجلس الفيدرالية الروسي، داخل المجلس فهذا دليل واضح، ورسالة قوية لمتانة العلاقات بين البلدين.
فبعد أن وضع إكليلا من الزهور على قبر الجندي المجهول في العاصمة الروسية موسكو الثلاثاء، قام السيسي بزيارة نادرة إلى مجلس الاتحاد الروسي حيث أصبح أول رئيس لدولة أجنبية يلقي كلمة أمام المجلس الذي يمثل الغرفة العليا في البرلمان الروسي ويضم ممثلين عن مختلف الكيانات المكونة للاتحاد الروسي.
وأضاف الرئيس أن العلاقات الوطيدة بين مصر وروسيا، التي نحتفل هذا العام بمرور خمسة وسبعين عاماً على تأسيسها، دائماً ما تميزت بالعمق والخصوصية، وهو ما تجلى في وقت الأزمات والشدائد، فقد كانت روسيا دائماً، شعباً وحكومةً، أول من قدم يد العون لمصر لاستعادة الأرض المحتلة، كما أن مصر لن تنسى مساهمة روسيا في معركتها للبناء والتعمير، حينما ساعدتها على بناء السد العالي، وغيره من المشروعات الكبرى، خلال حقبة هامة من تاريخها الحديث
الرسالة الخامسة.. العصر النووي ومشروع الضبعة المصري:
لم تنته رسائل الرئيس السيسي؛ بل جاءت الرسالة الخامسة في تعزيز القوة والحديث عن بناء محطة الطاقة النووية بالضبعة، والتي أشار السيسي إلى أنها ستغدو علامة مضيئة جديدة، في مسيرة التعاون بين البلدين، وصرحاً ضخماً في بنيان شراكتنا الممتدة.
الرسالة السادسة.. أهلا بالمستثمرين:
الاستثمار لم يغب عن ذهن السيد الرئيس في مرحلة تحتاج مصر إلى الانطلاق في مجالات شتى؛ فأشار إلى مشروع المنطقة الصناعية الروسية في شرق قناة السويس، من أجل تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر، ومشاركة الخبرات والاستثمارات، في إطار من التكامل بيننا، من أجل المساهمة في إنجاز ما يتم تدشينه، من مشروعات عملاقة على أرض مصر، مؤكدًا أن الباب سيبقى مفتوحاً أمام المستثمر الروسي، للاستفادة من المميزات الكبيرة، التي تتيحها السوق المصرية، كبوابة تجارية واستثمارية ضخمة، للعديد من الدول الأفريقية، والعربية، والآسيوية، في رسالة لفتح آفاق الاستثمار وتروج له.
الرسالة السابعة.. عودة السياحة:
الرئيس السيسي لم يُغفل الحديث عن السياحة الروسية إلى مصر؛ حيث أوضح الرئيس نجاح الجهود المبذولة لاستئناف حركة الطيران المباشر بين القاهرة وموسكو، في أعقاب زيارة الرئيس “بوتين” إلى مصر في ديسمبر 2017، مضيفا أنه على ثقة، بأنه في إطار الروح الإيجابية التي تسود العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا، سيعود الطيران قريباً بين المدن الروسية والمصرية الأخرى، من أجل استعادة تدفقات السائحين الروس.
وكان تدفق السياح الروس قد توقف عقب تحطم طائرة روسية تقل سياحا فوق سيناء في أكتوبر/تشرين الأول 2015 ثم تحسنت قليلا بعودة حركة الطيران الروسي إلى العاصمة القاهرة في أبريل/نيسان الماضي بعد توقف استمر أكثر من عامين.
الرسالة الثامنة .. مواجهة الإرهاب والهجرة غير الشرعية:
الرسالة الثامنة التي حملتها زيارة السيسي في زيارته لروسيا متحدثًا عن التحديات المشتركة، وعلى رأسها خطر انتشار وتمدد الإرهاب، الذي يتشح زوراً باسم الدين، بحثاً عن أهداف خبيثة، ومصالح ضيقة، لفئات لا تعرف أدياناً ولا أوطاناً، فأصبحت عدواً للإنسانية بأسرها، متحدثا عن مواجهة جماعية من منظور شامل، ب معركة العقول والقلوب ضد أفكار التطرف والانغلاق، مع إيلاء الاعتبار اللازم للبعدين الاقتصادي والاجتماعي، بجانب الإجراءات العسكرية والأمنية، فضلاً عن التصدي لموجات الهجرة غير الشرعية عبر السواحل المصرية إلى أوروبا.
الرسالة التاسعة الخطاب الديني والقوى الشاملة للردع:
في رسالة تاسعة توضح الجهود التي تبذلها الدولة المصرية في هذا الملف، أشار الرئيس إلى مبادرة تجديد الخطاب الديني، التي تم إطلاقها من مصر منذ سنوات، لمواجهة خطاب التطرف والأفكار المغلوطة والتفاسير الملتوية، التي تجافي صحيح الدين، وتنافي قيمه الحميدة، منوهاً بالدور المقدر الذي يقوم به الأزهر الشريف في هذا الشأن، كمنارة للإسلام المعتدل، الذي يعلي من قيم التسامح وقبول الآخركما أشادبالعملية الشاملة سيناء 2018، وما حققته القوات المسلحة وقوات الأمن المصرية من نجاحات باهرة، من أجل حصار بؤر الإرهاب والسيطرة عليها بشكل كامل، فضلاً عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أمن مصر وحدودها، وتأمينها من مخاطر تسلل المقاتلين الأجانب، وتهريب المخدرات والاتجار في البشر.
الرسالة العاشرة.. الأمن الإقليمي امتداد للأمن القومي:
الرئيس عبد الفتاح السيسي، وصل مساء الثلاثاء، إلى مدينة سوتشي الروسية، وذلك لعقد قمة في صباح اليوم الأربعاء مع الرئيس فلاديمير بوتين رئيس جمهورية روسيا الاتحادية، ما تعد رسالة تاسعة للعالم أن مصر ليست غائبة عن المشهد، وأن المكان الذي شهد اتفاق سوتشي بين تركيا وطهران، شهد أيضا لقاء برئيس مصري يُعنى بالدولة السورية المستقرة باعتبارها امتداد طبيعي لأمن بلاده، وأن مصر لم تغِب أبدًا عن المشهد بل تراقب وتتابع عن قرب، وتسعى بالدبلوماسية الذكية لإعادة الأمور إلى نصابها.