كثير من الفنانين في حياتهم لحظات مؤثرة ودرامية، ممكن أنّ تنهي حياتهم الفنية وتأخذهم لحالة من العزلة والاعتزال، وقليل من هؤلاء من يصمد ويقاوم ويعود من جديد، آلام المرض هي من أصعب تلك اللحظات، خاصة عندما تأتي في عزّ النجومية والشهرة والنجاح وليس في آخر العمر، وهنا تكون مفاجآتها أكبر وأكثر ألمًا على الفنان ومحبيه.
أعترف أننيّ في أحيان كثيرة لا أفضل ولا أستطيع الكتابة عن الأصدقاء المقربين لنفسي، لذلك ترددت كثيرًا في الفترة الماضية في الكتابة عن إليسا ورحلتها العصيّبة والطويلة مع مرض “السرطان”، كان إعلانها حقيقة ما مرت به من مرض خلال الفترة السابقة بمثابة “زلزال” إعلامي وجماهيري أصاب الكثيرين بالصدمة، والسبب تكتمها الشديد على حقيقة مرضها، كانت تتلقى العلاج في “صمت” بينما تمارس عملها بشكل طبيعي، وحدث ذلك في أثناء تصويرها لحلقات “ذا فويس”.
قوة وتحمل وعزيمة إليسا في تلك الرحلة تثير الدهشة، فهي ليست شخصًا عاديًا ينطوي ويتوارى عن الناس، لكن هي تحت الأضواء طوال الوقت، فكيف استطاعت أن تحقق ذلك! وتمارس حياتها بشكل طبيعي، بينما يكفي واقع خبر علمها بالمرض “اللعين” أنّ تنهار معنوياتها وتختفي عن الأنظار!.
ما حدث كان العكس، تجاوزت صدمة الخبر وظلت تحتفظ به وبدأت رحلة العلاج، وفي التوقيت ذاته أصرت على متابعة حياتها الفنية بشكل طبيعي!، وبدأت بكشف حقيقة مرضها لعدد محدود جدًا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، خوفًا على عائلتها وأصدقائها المقربين، وعلى رأسهم “أمها” التي لم تعرف شيئًا عن مرضها، وكانت تسعى لإخفاء مظاهر المرض والعلاج أمامها، لكن “الصمت” جزءًا من شخصيتها في كثير من المواقف.
من يعرف إليسا عن قرب يعرف مدى عشقها للعمل، وطموحها الكبير للنجاح في عملها الذي لا ينتهي، لذلك كان عملها هو الداعم لها في رحلة العلاج.
الحديث عن قصة نجاحها يطول فهي لم تنجح صدفة، لكنها دؤوبة في البحث عن جديد، عن كلمة “حلوة” تغنيها، فأحيانًا كثيرة تأخذ الأغنية الواحدة منها وقتًا طويلًا أكثر مما ينبغي، من أجل ضبط اللحن والتوزيع مع الكلمات، حتى تكون راضية عنها لتؤديها للجمهور، ويساعدها على حسن الاختيار حبها “للشعر” وقراءته، أذكر كنت في أحد معارض الكتاب وكنت أتحدث معها، وطلبت مني ديوان الأعمال الكاملة لـ أحمد شوقي، فهو من شعرائها المفضلين.
هي أيضًا شخصية قوية وواثقة في نفسها بشكل كبير، وأحيانًا كثيرة تخفي غضبها من أمر ما، فهي لا تتحدث كثيرًا ولا تبوح بما داخلها، وحدث ذلك كثيرًا، سواء من بعض زملائها أو من الإعلام، وآخرها عندما “همس” البعض عن استغلال المرض في الترويج للكليب والألبوم الجديد، ذلك أحزنها كثيرًا.
سر الجمهور
من يعرفها يعرف مدى ارتباطها “الكبير” بالجمهور خاصة من خلال “تويتر”، الذي يأخذ الجانب الأكبر من اهتمامها اليومي بالسوشيال ميديا، وبالفعل ارتبطت بعدد كبير من الفانز من خلال “تويتر” خلال السنوات الماضية وتعرفهم بشكل شخصي، وممكن أن نقول هؤلاء الملايين الذين يتابعونها ويتواصلون معها هم الداعم الأكبر في حياتها، والذين يؤثرون فيها بشكل كبير.
شاهدتها كثيرًا على المسرح في مصر ولبنان والمغرب، هي من أكثر المطربات اللاتي يحفظ الجمهور لهنّ أغنيات، لذلك التفاعل يكون كبيرًا، في حفلها الأخير في أقصى شمال مصر اصطحبتني معها، وشخصيًا كنت حريصًا على الحضور ومشاهدتها على المسرح من جديد بعد تلك الأحداث التي مرت بها، لم يكن في الحسبان “صعوبة” الطريق “الزراعي”، وصلنا بعد رحلة شاقة، لكن خفف عناء الرحلة خفة ظل السائق ومواقف طريفة، مثلًا نزلنا في أحد الأماكن على الطريق لـ”الراحة”، وبالصدفة تدخل إليسا المكان بينما “الكافيه” يبث أغنية لها، ويختلط الأمر على الجالسين، بينما يستمعون لها يجدونها تمر أمامهم لداخل المكان، ولكم أنّ تتخيلوا ماذا حدث هنا!.
وما إن وصلت وصعدت على المسرح لتجد آلاف الشباب في استقبالها يرددون أغنياتها، لتنسى عناء الرحلة وتتفاعل معهم، وكانت من أفضل الحفلات التي شاهدتها لها، هو مفعول السحر للجمهور لدى الفنان.
كذلك كانت سعادتها بادية داخل الاستوديو وسط الجمهور، وهي تسجل حلقة بها الكثير من التفاصيل عن رحلتها مع المرض، روّتها للزميلة منى الشاذلي.
ممكن أنّ نقول إنّ إليسا بدأت بعد تعافيها مرحلة جديدة في حياتها، بعد فترة عصيبة بها الكثير من “التأمل” والتفكير.
أحمد فرغلي رضوان يكتب: A star is born .. الحب لا يتحمل الشهرة!
شاهد: أبرز 7 تصريحات مثيرة للجدل للكاتب يوسف زيدان