يقولون أنك يمكن أن تخدع كل الناس لبعض الوقت، أو تخدع بعض الناس كل الوقت، لكن من المستحيل أن تخدع كل الناس كل الوقت، بديهية ..مش كده!.
وبرغم كونها بديهية إلا أن القاعدة السابقة لم تمر بخاطر صناع الإعلام المصرى، أو معظمهم (حتى لا نظلم القلة المخلصة)، هذه الملاحظة سكنت خاطري بشدة ولم أستطع التخلص منها، عقب ورشة عن الإعلام قدمتها لمجموعة من السيدات والفتيات متوسطات التعليم، من منطقة “أوسيم”، ضمن برنامج تثقيفي لجمعية “معاً” ، وفي حين ذهبت وأنا مستعدة ببدائل متعددة تناسب المتلقيات متوسطات التعليم واللاتي لا علاقة لهن بالإعلام، إلا أني ومنذ الدقائق الأولى لم أستطع إخفاء دهشتي، تلك التي صارحتهن به، من مستوى الوعى لدى هؤلاء النساء بالغث في الإعلام المصرى!.
نعم .. لقد انتقدت الحاضرات برامج “ليها شنة ورنة”،ويعتقد أصحابها أنهم يمتلكون ثقة المشاهد المصري البسيط ،ويتحكمون في وعيه!، كانت الصدمة الأولى حين أعلنت السيدات عن أسماء البرامج التي يكرهنها، فقد جاءت كلها من تلك التى نعتقد في شعبيتها الجارفة، أما دهشتي التالية فكانت بسبب تفنيدهن لأسباب كرههن لهذه البرامج وعدم احترامهن لمقدميها .
ببساطة..لقد شعرت بأنني المتلقية ولسن هن، فقد استطعن تحديد من يرغب في مساعدتهن، ومن يبتغي خداعهن، ما كل هذا الوعى لدى المشاهد العادي البسيط ؟! ،وما كل هذا الاستعلاء والجهل لدى من ينفقون ملايين لخداع هؤلاء أو على الأقل لبيعهم سلعاً مغشوشة دون أن ينتبهوا أن أدواتهم أصبحت بلا أى تأثير؟!.
أين شركات قياس نسب المشاهدة؟، على ماذا ينفق “أصحاب” القنوات ، ماذا يريد صناع الإعلام في مصر؟ ومن يروي عطش المشاهد المصري للمعرفة؟.
لا يخفى على أحد أن حال الإعلام المصري “يحزن”، لكنني حزنت أكثر وأنا أقضي الوقت مع عينة حقيقية من المشاهدين المصريين، في جلسة تحولت لاستطلاع رأى مصغر، إذا كان المشاهد واعياً باحتياجاته، فلماذا لا يلبيها إعلام يستهدف بالأساس إدراك هذا المشاهد وأمواله التي ينفقها على شراء السلع التي يتم الإعلان عنها؟!.
متى يدرك صناع الإعلام ومموليه والعاملين فيه بقطاعاتهم المختلفة، أن قواعد اللعبة اختلفت؟، وأننا في عصر السماوات المفتوحة والشبكات التي لا تعترف بالحدود، أننا بالفعل في عالم مختلف ؟.
من لا يتقدم يتقادم، هكذا تعلمنا، عسى أن يتعلم صناع الإعلام و”رجاله”.