حسام عبد القادر يكتب: بار الشيخ علي

أحسست بكبر سني رغم أنّي سعيد لاحتلالي مكانًا في الأمام، منتظرًا دوري للدخول إلى مسرحية “بار الشيخ علي”، كان معظم الحضور شباب في العشرينات، وقليل من هم فوق الثلاثين أو الأربعين.

نرشح لك: الإثنين.. عرض مسرحية “بار الشيخ علي” بالإسكندرية

تأملت هؤلاء الشباب وأنا أقف منتظرًا، حاولت أنّ أفهم لماذا جاؤوا، لا يوجد بالمسرحية نجوم، وإمكانيات المسرح متواضعة، وفوجئت أنّ عددًا كبيرًا من الشباب افترش الأرض بعد أن امتلأت كراسي مسرح الجزويت والتي تصل إلى 200 كرسي تقريبا، وآخرون ظلوا واقفين، وعشرات يقفون خارج الباب لم يتمكنوا من الدخول.

تذكرت حضوري لمسرحية في المسرح القومي منذ أسابيع قليلة، المسرح ضخم وعدد الجمهور لا يتعدى العشرين، ومعظمهم بدعوات مجانية.

هناك شيء ما خطأ، هذا الجمهور العريض من الشباب لا يعرفه أحد، لا يشعر به أحد، لا يلتفت إليه أحد، رغم أنّهم الأكثر والأغلبية، ما زال هناك من يظن أنّه يفهم الشباب وهو لا يعرفهم، ولما لا ونحن نرى لجانًا تتحدث عن الشباب أغلب من بها فوق الخمسين أو الستين عامًا.

أفقت من تفكيري على بداية المسرحية، التي تدور داخل بار شهير في منطقة المنشية بالإسكندرية، هذا البار أنشئ عام 1908 وله قصص وحكايات تاريخية حقيقية وكان اسمه بار “كاب دور”، واشتراه مصري من صاحبه اليوناني، وكان يصر على غلقه أيام الجمع وفي رمضان، فأطلق الزبائن عليه “الشيخ علي” ومن هنا اشتهر ببار الشيخ علي، كما صوّرت به لقطات من فيلم “رسائل البحر”.

التقط الشاعر والكاتب المتميز ميسرة صلاح الدين اسم البار وحكاويه، ونسج منها مسرحيته الغنائية التي قدمتها فرقة ابن البلد، وأخرجها الفنان المتميز محمد حسني.

تستعرض المسرحية عددًا من الشخصيات المختلفة من خلال العاملين في البار والزبائن، من طبقات اجتماعية وثقافية متباينة، وبعض الشخصيات الأسطورية والفلكلورية والتاريخية التي مرت على الإسكندرية في تاريخها الطويل والمثقل بالأحداث والمواقف، ويدور بين تلك الشخصيات مواقف درامية يختلط فيها الواقع بالخيال وآثار السهر والشراب بتأثيرات المدنية وضغط الواقع الاجتماعي والاقتصادي على هؤلاء الأشخاص.

نرشح لك: حسام عبد القادر يكتب: عجول الشيخ خالد الجندي

ضغط مؤلف المسرحية على “دمامل” في المجتمع السكندري، قد لا يعرف بعضها الشباب الذين ملأوا المسرح، خاصة عندما غنّوا أغنية لبدرية السيد “بدارة”، وعندما استعرضوا قصة الرجل الذي كان يقف عند كلية الهندسة يوميًا ويظل يصفق وحيدًا، وإشارة سريعة لجمال الدولي، كما ذكرني بشخصيات كثيرة شاهدتها وعاصرتها في الإسكندرية، وبينها الرجل الذي كان يحمل كاسيت ويغني هندي ويجوب شوارع محطة الرمل حتى الشاطبي، كنا نتأمله ونحن في مرحلة الجامعة ونتعجب منه، وعلمت من ميسرة صلاح الدين أنّه كان هناك فقرة عن هذا الرجل في المسرحية وتم حذفها نظرًا لضيق الوقت.

أظن الرسالة واضحة، فإقبال الشباب بأعداد هائلة على هذا العرض الفني الشيّق الجميل كان بسبب المحتوى، لقد راهنوا على المحتوى، ووثقوا في اسم فرقة ابن البلد.

هل يمكن أن يأتي يوم يقدّم فيه مسرحًا من مسارح الدولة مثل هذه العروض، ويدخل هؤلاء الشباب للجلوس في هذه المسارح الأنيقة المكيفة؟، ليس لديّ إجابة على الأقل في الوقت الحالي.

حسام عبد القادر يكتب: مبالغات الزعيم مع صاحبة الجلالة

نقدم لك| الحلقة الثالثة من الخلاصة.. حزب أعداء حمو بيكا