“إبتسامتها ناي”، وضحكتها تشبه تغريد الطيور، حضورها طاغي، يسرق القلوب من الطلة الأولى. القصائد تُسمع وتُرى في حضرتها، الأولى عَبر صوتها والثانية من خلال عينيها، إنها الشاعرة دعاء عبد الوهاب، صاحبة الكلمات الرقيقة الصادقة، التي يصطحبك شعرها في رحلة قصيرة، إلى سحر الوجدان ورقة القلب، يوقظ إنسانيتك ويخطف ذهنك وروحك إلى أبعد مدى.
ولدت “عبد الوهاب” في مثل هذا اليوم، الموافق 18 نوفمبر، وتخرجت في قسم “التسويق والإعلان” بكلية الإعلام جامعة القاهرة، التي أحبتها وأصرت على دخولها لشغفها بعالم الموسيقى والمغنى والأدب وكل ما يُعرض على الشاشة، ومن ثمّ شقت طريقها في عالم الكتابة الذي أحبته منذ طفولتها، لاسيما الشعر والذي اتجهت لكتابته؛ بسبب حبها الشديد للغناء؛ لتستمع إلى كلماتها كأغنيات، كما أنها بدأت كتابة قصائدها متأثرة بكتابات الشاعر الراحل صلاح جاهين.
توالت كتاباتها المختلفة في مجال الشعر، والغناء، والإستعراضات المسرحية، والإعلانات، وتعاونت مع العديد من الفرق الغنائية المختلفة، كما شاركت أعمالها في عالم الفن السابع، منها أغنية “ياسمينا” لـ أمير صلاح الدين، في الفيلم القصير “صوت بارد”.
وآخرها أغنية “تقع وتقوم” في الفيلم السينمائي “تراب الماس”.
سميعة “دعاء” يعلمون جيدًا أن كلمات الشعر لا تغرد بحب العشاق فقط؛ بحسب ما تتشكل قصائدها بشتى الألوان والمواضيع المختلفة، فتارة تحكي للقلوب، وتشكي همومها، فتقول: “جوه القلوب حكايات.. مقفول عليها ببان.. جوه العيون دمعات مع كل كان يا ما كان”، وتارة تعبر عن الوطن وشعبه وحاله موضحة أن “بين السطور أسرار.. سر الميدان ثوار.. مش كل ضحكة هزار ولا كل حضن أمان..”.
كما حرصت على الكتابة للبهجة والتفاؤل، في أغنية “متخافش من بكرة”، والتي أرادت أن تبعث برسائل الأمل والتشجيع من خلالها إلى خريجي الجامعات الجدد، الذين يتلمسون طريقهم نحو الحياة المهنية الجديدة، بحسب ما كتبت “دعاء” الأغنية خصيصًا لـ فتاة تدعى “منيرة” من كلية الإعلام جامعة القاهرة، عندما طلبت منها أن تكتب لهم أغنية، لتنشرها في مجلة مشروع تخرجها بشكل حصري.
“متخافش من بكرة” لم تقف عند هذا الحد، بل امتد تأثيرها ليصبح الخيط الرفيع الذي أوصل شعر “عبد الوهاب” من بين ثنايا أهل الشعر لأهل المغنى؛ حيث إنها روت ذات مرة قصة إنضمامها لفريق “مسار إجباري”، حينما قرأ الفنان هاني الدقاق، كلمات أغنية “متخافش من بكرة” على الحساب الرسمي الخاص بـ “عبد الوهاب” على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، وطلب منها أن يغنيها، فكان ذلك أول تعاون جمعهما معًا.
تلى ذلك مشاركتها في عدة أعمال غنائية لفرق “الأندرجراوند” مثل: أغنية “زيك أنا” مع فرقة “مسار إجباري”، و”اضحك” مع “كايروكي”، و”عايزة الحق” لـ “بساطة” و غيرهم.
وعلى غرار الأثر الفني البارز الذي تركته “دعاء” بكلماتها الشعرية الرقيقة، لَمعت أعمالها الأدبية أيضًا بشعر العامية المصرية، من خلال ديواني: “غريق ع البر” عام 2012، و”روح إزاز” 2015، إلى جانب مشاركتها في الكتاب الجماعي لمجموعة من شعراء العامية المصرية، المعنون بـ “الصُحبَجيًة” 2015 و”الصُحبَجيًة 2″ 2017، عن دار “دون” للنشر والتوزيع.
ما بين مشاعر الأمل والتفاؤل والحزن والفرح والفقد والحنين والشوق والعتاب والمحبة، انتقلت قصائدها لتشدو بنغمات الرومانسية والذاتية والانتماء للوطن، كما أثارت معانِ قد تكون تاهت في خضم زحمة الأيام، مبرهنة على حضورها الدائم بكلماتها المؤثرة في الوجدان، مثلما قالت يومًا: “ناس يشوفها القلب.. لو فين تغيب وتروح”.