قليلة هي الفرص التي يقابلها الشخص في حياته لتغيرها وتقلبها رأسًا على عقب؛ سواءً سلبًا أو إيجابًا؛ ولكن المؤكد أنه إذا جعلت الفرصة حياة الفرد أفضل فإنه يكون محظوظًا؛ ولكن هل يكفي حسن الحظ لأن يصبح الشخص ناجحًا ومتميزًا؟ بالطبع لا، وهذا ما حدث مع الفنان أحمد حلمي.
جاءته الفرصة التي وضعته على بداية الطريق عندما تلقّى اتصالًا من المخرج شريف عرفة ليشارك في فيلم “عبود على الحدود“؛ وكان “عرفة” قد شاهده يقدم برنامج “لعب عيال” على الفضائية المصرية فقرر ضمه لفيلم الراحل علاء ولي الدين؛ استغل “حلمي” الفرصة أفضل استغلال وقدم دوره بكل ما استطاع بذله من جهد لفت إليه الأنظار؛ وبدأ طريق التميز وصعود سلم النجومية درجة درجة بتأنِِّ وصبر.
نرشح لك: سميرة أحمد.. أبرز 8 محطات في حياة “امرأة من زمن الحب”
وصفه الناقد الفني طارق الشناوي في تصريحات صحفية؛ بأنه فنان مختلف لا تسيطر عليه تقاليد الكوميديا ولا يخشى لغة الأرقام على الرغم من كونها المحرك الرئيسي لشركات الإنتاج ودور العرض، وفي عامه الـ 49 الذي يكمله اليوم 18 نوفمبر؛ نتساءل عن عوامل نجاح أحمد حلمي التي جعلته يتفوق على كوميديانات جيله بل ومن سبقوه وتلوه أيضًا؛ بحيث نستطع القول أنه خطف منهم النجومية واستطاع أن يغرد خارج السرب؛ وفي خلال أقل من عقد من الزمن منذ أول فيلم قدمه عام 1999؛ استطاع أن يصبح نجم شباك في مصر والوطن العربي؛ ينتظر الجمهور أفلامه بفارغ الصبر؛ والتي تصدرت معظمها إيرادات السينما في السنوات الأخيرة.
التفكير خارج الصندوق
في تاريخ السينما المصرية نجوم كُثُر أحبهم الجمهور وحققوا نجاحات عظيمة؛ ولكنهم وقعوا في فخ التكرار وعدم التغيير؛ سواءً في طريقة أدائهم أو في أفكار أفلامهم والقضايا التي يناقشونها داخلها؛ ولكن “حلمي” تميز عن نجوم جيله بالقدرة على التفكير خارج الصندوق والخروج عن المألوف؛ وبنظرة تحليلية إلى أفلامه – القليلة مقارنة بعدد أفلام الكوميديانات زملائه – نجده يطور من نفسه في كل فيلم تلو الآخر؛ فلم يحصر موهبته في قالب معين ولم يكرر نفسه؛ وهو الأمر الصعب تحقيقه والذي ينطوي على قدر من المغامرة؛ فالجمهور لا يتقبل الشىء الجديد وغير المألوف بسهولة؛ لذلك يصيب “حلمي” في أحيان ويخطىء في أحيان أخرى؛ ولكنه يكسب في النهاية في كل الأحوال.
مثلًا فيلمه “آسف على الإزعاج” قدّم فيه شخصية مركبة تتضمن تناقضات نفسية وصراعات داخلية من الصعب تقديمها بتمكن ومرهقة في تجسيدها وتوصيل أحاسيسها للمشاهِد؛ وما يزيد الأمر صعوبة أنه يُعد فيلمًا كوميديًا فعليك أن تُضحك الجمهور بجانب إبكائه وهي المعادلة الصعبة؛ ولكن أحمد حلمي قَبِل المهمة واستطاع أن يجعلنا نضحك مع “حسن” ونشفق عليه ونغضب منه في الوقت ذاته؛ ونجح في تجسيد الشخص المصاب بانفصام في الشخصية بدون تقديمه من زاوية كليشيه المريض النفسي في السينما؛ منكوش الشعر الهائم على وجهه الذي يأتي بحركات غريبة بوجهه ويديه.
كوميديا السهل الممتنع
صنع أحمد حلمي لنفسه خطًا مختلفًا في الكوميديا لا يشبه غيره؛ فلم يقلد أحدًا في نوعية الكوميديا التي يقدمها، وتميزت أفلامه بما يمكننا تسميته بكوميديا السهل الممتنع؛ فتبدو فكرة الفيلم بسيطة وسهلة الطرح؛ وهو أمر حقيقي ولكنه في الوقت ذاته يتناولها بمنظور جديد ويجتهد في جعل الشخصية من لحم ودم يتفاعل معها الجمهور وتتضمن صراعات نفسية واجتماعية؛ ويبذل مجهودًا كبيرًا هو وباقي فريق العمل مما يضفي ثقلًا للفيلم ويجعله مميزًا.
حدث هذا في فيلمه “عسل أسود“؛ الذي يقوم على فكرة حنين المغترب لبلده وعودته إليها بعد غياب سنوات وصدامه مع واقعها المرير الذي يجعله يندم على قرار الرجوع إلى الوطن – فكرة تبدو في ظاهرها بسيطة ومتداولة من قبل – ولكن مَن شاهد الفيلم تيقّن أنه ملىء بالأحداث والعلاقات بين شخصياته؛ التي ظهر كل منها كبطل للعمل، بصرف النظر عن مساحة دوره.
نفس الشىء حدث في فيلم “إكس لارج” الذي يطرح فكرة شخص يعاني من زيادة الوزن مما يدمر حياته ويفشل في ارتباطه بفتاة أحلامه؛ ولكن أداء “حلمي” داخله تخطَّى هذه الفكرة البسيطة إلى أعمق من ذلك بكثير؛ ونجح في إبكاء المشاهدين في عدة مشاهد، فضلًا عن مشاهد الكوميديا الكثيرة أيضًا داخله.
طابع اجتماعي
هناك عامل مشترك في معظم أفلام أحمد حلمي ربما لا يلاحظه الكثيرون، ويُعتبر من أسرار نجاحه؛ يتمثل في حرصه دائمًا على صبغ الشخصية داخل الفيلم بصبغة اجتماعية حتى تصل للناس، من خلال ارتباطها بأسرتها أو المحيطين بها، مثلما حدث في فيلمه “عسل أسود” الذي قدم فيه الدفء في العلاقات الاجتماعية بين شخصيات العمل؛ مما زاد من ارتباط المشاهِد بالأحداث وشعوره أنه جزء منها وليس منفصلًا عنها.
التخطيط الجيد
يهتم “حلمي” بتفاصيل عمله ويركز جدًا فيما يفعل، ويخطط جيدًا لخطواته قبل أن يخطوها ولا يعتمد على نجاحات سابقة، وهو بذلك أدرك أهم أسباب فشل وتراجُع العديد من نجوم الكوميديا الذين اكتفوا بما حققوه من نجاح واستهلكوه حتى أصابوا الجمهور بالملل، فنجد “حلمي” يتعامل مع كل فيلم يدخله كأنه أول عمل له، يحضر له جيدًا ويبذل قصارى جهده في الخروج بالعمل ككل في أفضل صورة.
آراب جوت تالنت
بعد تربعه على عرش نجوم الكوميديا في السينما المصرية مؤخرًا؛ استغل برنامج “آراب جوت تالنت” في موسمه الثالث نجومية “حلمي” وشارك فيه فطبعه بطابع كوميدي زاد من نجاح البرنامج؛ فأصبح يقسَّم إلى مرحلة ما قبل انضمام “حلمي” إلى لجنة التحكيم، ومرحلة ما بعد اشتراكه فيه، حتى بلغ نجاحه في البرنامج إلى اشتراكه في موسمه الرابع والخامس، وآخرهم الموسم السادس الذي سيُعرض في بداية عام 2019.
مفهوم جديد للكوميديا
عندما قدّم “حلمي” شخصية “عاطف” في فيلم “الناظر”، لم يتوقع الكثيرون وقتها أن يصبح هذا الفنان بعد سنوات قليلة أهم كوميديان بالسينما المصرية حاليًا، فقد نجح في ترك بصمة داخل عالم الكوميديا السينمائية، واستطاع أن يقدم في أفلامه مفهومًا آخر للكوميديا، يعتمد على البساطة والتلقائية وسلاسة الأداء والبعد عن الإسفاف؛ إلى جانب أهمية القضية المطروحة وملامستها لحياة الجمهور ومشاكلهم وأحلامهم.
برامج الأطفال
بالتزامن مع عيد ميلاده الذي يحل في مثل هذا اليوم 18 نوفمبر سنة 1969، قدّم “حلمي“برنامجًا جديدًا أمس السبت بعنوان “نجوم صغار” يعتبر تحدي جديد لنجوميته، يكتشف فيه مواهب الأطفال ويشبه برنامجه “لعب عيال” الذي قدمه في أواخر التسعينيات وكان بوابته لدخول عالم الفن، ومتوقع له النجاح وأن يلقى قبولًا واسعًا؛ وبالفعل حققت أولى حلقاته نجاحًا بين المشاهدين وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من الحلقة لـ “حلمي” مع الأطفال.
محمد الحربي يعشق التمثيل، هل انت من محبي التمثيل؟ #نجوم_صغار #MBCLittleBigStars
محمد الحربي يعشق التمثيل، هل انت من محبي التمثيل؟ #نجوم_صغار #MBCLittleBigStars
Posted by MBC Little Big Stars نجوم صغار on Saturday, November 17, 2018
وهذا سر آخر من أسرار نجاح أحمد حلمي، وهو حب الأطفال له وقدرته على محاورتهم بشكل كوميدي، مستخدمًا موهبته مع شريحة مختلفة تمامًا وليس سهلًا التعامل معها، وهي الأطفال.
نقدم لك: إعلانات تعكس العنصرية ضد المرأة