أشعر الآن بأن هذا الرجل يحتاج مني إلى كلمة “محبوسة في زوري منذ سنوات!”، النفاق في مصر مشكلة قديمة قدم الدولة ذاتها، والوسط الصحفي المصري يمتلئ كل يوم بنماذج من التملق، من أول مُناداة رئيس التحرير بـ (يا باشا) إلى انتفاضة المحررين في أيّ مؤسسة صحفية لحظة دخول رئيس التحرير.
طبعًا أنا أخر واحدة في العالم تعرف ذلك أو تستوعبه، ما أعرفه أن رئيس التحرير في هذه المؤسسة التي أعمل بها هو صديق لنا قبل كل شيء، ومن الضروري أن أكتب عن صديق في وقت محنة!، دعوني أقل أن محنة الدكتور محمد الباز معنا جميعًا هي الطموح؛ نعم.. هو رجل طموح جدًا لدرجة أنه يعمل بمفرده بمقدار ما يعمل كل محرري الصحيفة، تقريبًا يعمل ٢٠ ساعة يوميًا.
نرشح لك: شاهد: برومو كتاب “كشك وعدوية.. أيام الوعظ والسلطنة” لـ محمد الباز
هذا الطموح في بلد مثل مصر لا يجد في الغالب من يتفهمه على الوجه الصحيح، في عصر “مبارك” كنت وأنا طالبة في الجامعة أتابع ما يكتبه.. لم يكن أبدًا من الذين يهللون لـ “مبارك” ولا من مُدعي المعارضة الذين كشفت الأحداث فيما بعد ٢٥ يناير كم ما يتمتعوا به من خواء وإدعاء.. كان مهنيًا فقط.. سارت به مقاديره إلى المشاركة في صناعة غالبية تجارب الصحف المستقلة.. وحين رست سفينته في “الدستور” بان لنا أن ما يشغل الرجل طوال الوقت هو الصحافة.. والمعلومة.. ودعم الأفكار الجديدة وضخ دماء جديدة في صحافة مصر.
طموح “الباز” إلى الحرية أيضًا بلا حدود، قد يعتقد البعض أن محمد الباز يهوي إثارة الجدل.. في الحقيقة هو مؤمن بالحرية، صدقوا من فضلكم أن “الباز” الذي كان (دكتورنا) في الجامعة كان مهووسًا بالنقاشات والأسئلة وإتاحة الفرص للجميع للنقاش.
قد يعتقد البعض أيضًا أن “الباز” لديه بعض الأفكار السلبية عن الدين.. أزعم أن الرجل متدين جدًا.. يري الدين عمل.. وحرية.. وتدمع عيناه كثيرًا و هو يناقش فكرة أو لحن أو بيت شعر .
منذ أيام كتب الدكتور “الباز” عمن يفتشون في ملفاته الصحفية.. من هم وماذا يريد هؤلاء من رجل يحارب من أجل أن يثبت أن علي هذه الأرض بشر يصيبون و يخطئون ولا مجال هنا لملائكة أو شياطين.. ابحثوا جيدًا.. ستجدوا آلاف المقالات، ومئات الحملات تدعم كلها الوطن والدولة والحق والخير والجمال.. فقط وليس إلا!.
لماذا.. مرة ثانية.. أكتب هذا الآن، لأن ما لدينا من خبرات أو كفاءات في مجال الإعلام نادر.. وما لدينا من “اسطوات صحافة ” قليل جدًا ، ولابد من أن يعرف هؤلاء، والدكتور محمد الباز في مقدمتهم؛ أن هناك مددًا من الاحترام والمحبة يستطيع من خلاله أن يواصل المسير العسير نحو صحافة تليق بهذا الوطن.
شاهد: معلومات عن الدورة الـ 40 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي