محمد الهوارى: لا تقطعوا رسالتى..

عزيزتى سمر النجار

أكتب إليك هذه الكلمات، التى ربما لن تقرئيها، مثلما لم تقرئى خطاباتى المتكررة، التى أرسلتها إليك، فى الزيارات المختلفة، إلى محبسك فى سجن القناطر، لأننى كما تعرفين لا أمتلك الحق فى زيارتك، إلا حسبما يقرر «السجان»، أو حسبما تتيح ظروفى، ويبدو أن ظروفى و«السجان» اتفقا على ألا يسمحا لى بزيارتك.

أكتب إليك هذه الكلمات، وقد قطع «السجان» رسالاتى لكِ، ولذلك قررت أن أكتب رسالتى هنا، حتى تصل إلى الكل، المؤيد والمعارض.. و«السجان».

مرت أيام يا سمر، قرابة 90 يوماً، لكن كل يوم منها بألف مما يدعون، عندما ألقت الشرطة القبض عليكِ، من منزل والدتك، فى فجر ذات يوم، مدججين بالأسلحة، من خلف واقيات الرصاص، ودروع المصفحات، تتذكرين؟.. حين عرفنا أنهم اتهموكِ بالعمل لصالح «قناة مكملين» الإخوانية، التى لا تعملين لها ولا لغيرها.. تتذكرين؟.. حين ظللنا أربعة أيام نبحث عنكِ، ولا ندرى أين أنتِ؟..

تتذكرين يا سمر؟..حين قالوا إنك بمقر أمن الدولة فى بنها، لا.. حين قالوا إنك بمقر أمن الدولة فى شبرا الخيمة.. لا لا.. حين قالوا إنك فى قسم أول شبرا الخيمة.. تتذكرين؟.. حين لجأنا إلى النيابة ووزارة الداخلية والمحامى العام بحثاً عنك. تتذكرين؟.. حين حاولنا التذكير بأنك «مواطنة مصرية»، لك حقوق يكفلها «دستور 2014»، الذى ينص على معرفة مكان احتجازك، ووجود محامٍ معك فى أثناء التحقيقات.

تتذكرين يا سمر؟.. حين علمنا بعدها بأربعة أيام أين أنت، حين عرفنا أنك فى نيابة أمن الدولة العليا، بتهمة التخابر، والانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، تتذكرين؟.. حين تم ترحيلك إلى سجن القناطر، حيث حالتك الصحية السيئة، حيث لا يعرف ابنك «عمار» أين أنتِ؟ أو لماذا أصبح فجأة دونك؟..

أتتذركين حين كنا نجلس، وسط ضحكاتنا التى تملأ الكون بهجة، نتبادل الحديث عن المستقبل الأفضل للبلاد، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أتتذكرين حين كانت تأكيداتك لا تنتهى عن أن المستقبل أفضل تحت قيادته، وأن ممارسات الإخوان أوصلت البلاد إلى ما نحن فيه، وأنك تستبشرين خيراً بالأيام المقبلة.

يا سمر.. مرت الأيام، يحاول أهلك وأصدقاؤك، تصديق نظرة الثقة فى وجهك، خلف القضبان، يحاولون تصديق ابتسامتك الطافية فوق آلام ظهرك، يحاولون طمأنتك كما أفعل بكلمات مبتذلة من نوعية: «إن شاء الله تخرجيلنا قريب»، «ربنا ميرضاش بالظلم والقضاء حقانى»، «قريب هتبقى فى حضن عمار».

يا سمر.. لا أدرى كم من هم مثلك خلف القضبان، لكننى أعلم جيداً أنك بريئة، وأعلم أن الله، وأولى أمر هذه البلاد، لن يرتضوا ظلماً، صغيراً أم كبيراً، وأثق فى عدالة السماء، قبل عدالة الأرض، وأن كل من كان سبباً فى وصولك إلى ما وصلتِ إليه، سيذيقه الله ما ذقته، وما ذقناه جميعاً، وأكثر.

يا سمر.. أفتقد وجودك بطيبة قلب تلك الفتاة «الشبراوية»، بأخلاق «بنات البلد الجدعان»، بخفة ظل تهربين بها من واقع معيشة مرير، بحنان «أم عمار»، أفتقد وقفاتك «الرجولية»، التى أعجزتنا معشر الرجال، عن اتخاذ خطوة واحدة، غير الدعاء والبكاء إلى جوار النساء، أن يفك الله كربك، ذلك العجز خلف آلاف الأسئلة.

يا سمر.. مهما طال سجنك، سنظل نحن السجناء، سجناء العجز وقلة الحيلة، سجناء ممارسات عفا عليها الزمن، أراد «السجان» التمسك بها، حتى لا يفقد سجنه، نعم يا سمر.. لا يريد فقدان «سجنه»، فهو الآخر «سجين»، قبل أن يكون «سجان»، لن أرجوه هذه المرة ألا يقطع رسالتى إليكِ، أريده أن يعلم أمراً واحداً، أن رسالتى أكبر من سجنه، وأنه يخاف ورقة نكتبها إليك تحت وطأة الألم، وبين «ورقة وألم»، ستصل الرسالة رغم ممارسات «السجان»، حتى تخرجى من سجنك، وسنظل نحن السجناء، وسيبقى السجن والسجان.

نقلًا عن جريدة “المصري اليوم”

اقرأ أيضًا:

 ‫57357 ترد على شائعة مسح اسم أبو تريكة‎

 مذيعة “العاصمة” تبكي على الهواء : السيسي يتعرض لمؤامرة  

 مفاجأة : نجل ضابط شهيد يدافع عن أبو تريكة   

 متصل لمُذيعة: عندك 60 سنة ولابسة ميني جوب   

عمرو الليثي لوزير الكهرباء : قدم إستقالتك   

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا