ياسر أيوب
لم تعد هناك حكاية واحدة يراها أو يعرفها الناس بكل وقائعها الصحيحة وتفاصيلها الكاملة.. إنما تتحول كل حكاية إلى ألف حكاية، حيث يراها كل منا وفق رؤيته الشخصية وقناعاته وظنونه وحساباته وأحكامه المسبقة.. وبات معظم الناس يعتمدون فى إصدار أحكامهم على مشاعرهم وحسابات الحب والكراهية دون أى اهتمام بالحقيقة.. وهكذا تغيب الحقيقة غالبا ومعها العدالة والحكمة والمنطق أيضا.
وعلى سبيل المثال، انتشرت فى اليومين الماضيين حكاية النجم الكبير محمد صلاح مع مركز الشباب فى قريته نجريج بمحافظة الغربية.. فقد قررت إدارة هذا المركز إلغاء عضوية النجم الكبير ورفع اسمه من كشوف الناخبين، لأنه لم يسدد الاشتراك السنوى.. ولم يهتم أحد بمعرفة حقيقة الذى جرى، ولماذا جرى، وهل كان ذلك جزءا من الصراع الانتخابى الذى انتهى بفوز محمد عبدالعزيز البمبى خال محمد صلاح برئاسة مركز الشباب الذى تغير اسمه بالمناسبة ليصبح مركز شباب محمد صلاح؟!.
ولست أبحث هنا عن الحقيقة، ولكننى أود التوقف أمام الحكاية التى انتشرت عبر السوشيال ميديا أولا، ثم تناقلتها الشاشات والصحافة بسرعة، وأجمعت كل التعليقات والأحكام والآراء على رفض قرار مركز الشباب والسخرية من هؤلاء الذين حذفوا اسم محمد صلاح.. وحين نتأمل هذه الحكاية بهدوء ودون تشنج وانفعال.. سنجد أن مسؤول المركز التزم بصريح القانون.. وأنه طالما لم يسدد محمد صلاح الاشتراك فمن حق المركز أن يحذف اسمه.. فالقانون مفترض أنه لا يعرف الفارق بين محمد صلاح وأى شاب آخر فى القرية.. وبالتالى لا يستحق هذا المسؤول كل هذه السخرية.
وأعتقد أن محمد صلاح نفسه لن يسخر من هذا المسؤول الذى التزم بالقانون والقواعد.. صحيح أنه كان بإمكانه تنبيه محمد صلاح أو قيام المسؤول بسداد الاشتراك بدلا منه لحين زيارة صلاح للقرية.. لكننى هنا أقف أمام موظف احترم القانون، فكان نصيبه كل هذا الهجوم الزاعق والسخرية الهائلة.. وأذكر أن أحد رجال الأمن أوقف الراحل صالح سليم أمام أحد أبواب الأهلى، طالبا بطاقة العضوية التى أخرجها له صالح من جيبه ليراها رجل الأمن.. وانتقد الكثيرون سلوك رجل الأمن الذى اعتبروه إهانة لصالح سليم، وتخيل هؤلاء وانتظروا العقاب المناسب لهذا الرجل.. إلا أن المفاجأة كانت قرار صالح بصرف مكافأة استثنائية لموظف بسيط قام بواجبه بمنتهى الدقة والأمانة.
شاهد: في يوم الرجل العالمي.. تابع أبرز صفات الرجل المصري