قبل القراءة:الترويسة هي مساحة يتم فيها كتابة أسماء القائمين على صناعة الجريدة المطبوعة، بدءاً من رئيس مجلس الإدارة وانتهاءاً بمسؤولي الأقسام، ووضع اسمك في ترويسة الجريدة هو شرف عظيم يسعى اليه كل من يعمل بمهنة الصحافة.
لو ألقيت حجراً في ميدان ضخم يمتلئ بالبشر في مصر، سيقع بكل تأكيد على شخص يمتلك حساباً على إحدى منصات السوشال ميديا.. يتابع ويقرأ ويستقي ثقافته العامة من على فيسبوك وتويتر، يتبنى مواقف مع أو ضد، يمصمص شفتاه من التعجب والحسرة والاندهاش، حين يقرأ خبراً هنا أو هناك، ولأن الإعلام في الأساس بيزنس ويهدف معظم المستثمرين بالإعلام إلى الربح المادي، فقد تم إكتشاف الربح الممكن تحقيقه من الانتشار بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد ضغطه على لينك هنا أو هناك، وفهم العاملين بالجرائد الخاصة والمواقع الإخبارية مع الوقت أن ضغطة لينك أبرك كثيراً في بعض الأحيان من بيع مئات النسخ الورقية.
وعلى هذا، نشأت الكثير من أقسام السوشال ميديا بالجرائد، وانتشرت النسخ الرقمية بيننا، حرصاً على المزيد من “الكليكات” وبالتالي المزيد من الانتشار.. المزيد من الاعلانات.. المزيد من البنكنوت.
وكإفراز طبيعي لمهنة البحث عن “الكليك”.. اجتهد العاملون في تلك الجرائد، في إبداع وصياغة عناوين بائسة مهنياً، جاذبة لشرائح كبيرة من المتابعين، كعناوين 10 معلومات صادمة عن فلان.. رقم 2 ستصدمك، وعناوين تستغل الفاظ كـ ( فضيحة- صدمة- مفاجأة.. الخ) في غير مواضعها، ليزيد الترافك وتزيد الكليكات، وهكذا.
وغابت الصحافة، في غابة العناوين الجذابة، بحثت عن الترافيك، (بل أن بعض الجهات الصحفية تشتري الترافيك من بلاد أوروبية) قبل البحث عن المهنية ودقة الخبر ومدى إفادته لجمهور المتابعين.
ومن أبرز الجرائد المصرية الخاصة، والتي تُعد جريدة نشطة “إلكترونياً” .. الوطن
ومثل كل الجرائد والمجلات والمواقع، تخضع (الوطن) لنوع من الرقابة، أدى للموقف الذي تعرضت له الجريدة قبل ساعات من كتابة هذا المقال، بـ “فرم” طبعة الجريدة في عددها السنوي، بسبب اعتراض جهة “سيادية” على المانشيت الرئيسي للجريدة، كما اعترضت الجهة السيادية على مقال كان من المفترض نشره في نفس العدد للأستاذ “علاء الغطريفي” مدير تحرير الجريدة.
لك كل الحق في أن ترفض أو تقبل الرقابة على الجرائد، لك كل الحق في الاندهاش ومصمصة الشفاه، لك كل الحق كذلك في أن تشمت في (الوطن) .. لك كل الحق في ان تفرح في جريدة نشرت قبل أيام عنواناً “تعاير” فيه جرائد ومواقع زميلة لها لأنها نشرت موضوعاً عن “عاصفة أبو تريكة” نقلاً عن برنامج “ممكن” المذاع على فضائية CBC .. الذي نقل بدوره الموضوع نقلاً عن (الوطن).. وفي تلك “المعايرة” الصحافية أبلغت الوطن الصحف الزميلة لها بأنه (عيب) يا جماعة.
الوطن تمارس نوعاً من الصحافة ليس هو الأفضل من الناحية المهنية من وجهة نظر الكثيرين، الوطن مكتوب على “ترويستها” أسماء بارزة في عالم الصحافة والبيزنس، تعلمون كما أعلم أن الجريدة تتبع إمبراطورية “محمد الأمين” لصناعة الاعلام، ويرأس تحريرها صحفي ممتاز بحق ومقدم برامج ناجح هو الأستاذ “مجدي الجلاد” .. وعلى المستوى الشخصي البحت أعرف أنا العديد من من الصحفيين بالمكان، على رأسهم الأستاذ “علاء الغطريفي” مدير تحرير الجريدة وصاحب المقال الأزمة والذي يعلم يقيناً كم أحبه وأقدره.
لكنني فقط أود أن أقول لهم وهم القامات الإعلامية الشهيرة والكبيرة، وأنا مجرد عامل في هذا الحقل لا أكثر… أنكم وبنقلكم (بعض) الأخبار من صفحات الفيسبوك المضروبة، باعتمادكم على محررين بلا خبرة في التحرير والنشر، بموافقتكم على الوضع المادي الصعب الذي يعيشه الصحفيين لديكم، تستحقون المصادرة والمنع، أننا جميعاً نستحقه، فأنتم من تسكتون منذ البداية على إهدار حقوقكم المادية والأدبية، وتختارون الانحياز إلى أطراف وقضايا تعلمون أنها تضعكم في الجانب المظلم، أنتم من اهتممتم بأخبار “سوسن بدر في العين السخنة” وتعمدتم تجاهل آلام المواطن الحقيقية كثيراً كثيراً.
وصحيح أن (الوطن) تسبق الكثيرين على مقياس الحرفية والمهنية بكيلومترات، إلا أن أخطاء الكبار تُعد عند أمثالي (خطايا).. ولما أتأكد أن الوطن تسعى حثيثاً نحو الترافيك وتتغاضى أحياناً عن مهنيتها من أجل أكل العيش، فلن ألوم غيرها من الجرائد (النص لبة) حين تسعى وراء ذات الهدف، شاكراً في نفس الوقت “الجهة السيادية” على وضع الوطن بترويستها في المفرمة، علهم يتفكرون، ويوجهون طاقاتهم الصحفية – التي أشهد على تميزها- إلى ما فيه صالح.. الوطن
لكم المودة بلا حدود
المقال يعبر عن راي صاحبه