من مفاجآت مهرجان القاهرة “الجيدة” مشاركة الفيلم المصري “ليل خارجي” بالمسابقة، وبالفعل لم يخذل الجمهور ليلة عرضه وجاء ليعيد السينما المصرية للظهور بقوة، إلى جانب أفلام المسابقة الرسمية بعد عدة سنوات عجاف لم تشهد مشاركات مصرية قوية.
هو من الأفلام التي تلامس شخصياتها مشاعر الجمهور وتجذبك بصدقها، ونجح الممثلون في نقلها للجمهور، خاصة الثنائي الموهوب منى هلا وشريف دسوقي “يبدو انني سأكرر اسميهما كثيرا”.
الفيلم تدور أحداثه في عالم شوارع القاهرة وأحيائها، من خلال وسيلة النقل الشهيرة “التاكسي” والذي طالما خرجت منه حكايات أكثر من ألف ليلة وليلة، وكثير من الجمهور تذكّر هنا فيلم المبدع عاطف الطيب “ليلة ساخنة”، وأيضًا ذكّرني بهذه العلاقة الإنسانية المتشابكة التي تحدّث عنها سابقًا المخرج داوود عبدالسيد في فيلمه الشهير “مواطن ومخبر وحرامي” وعشنا معهم حيواتهم المختلفة!
المخرج أحمد عبدالله السيد اختار ثلاث شخصيات من الصعب أن تلتقي بشكل طبيعي، ولكن ظرف ما يجمعهم لينتج عنه حكاية مشوقة مع تناقض تلك الشخصيات.
اختار فنان “مخرج” وفتاة ليل وسائق تاكسي يجمعهم القدر ونعيش معهم رحلة “قصيرة” لا تستغرق 24 ساعة، ولكنها كافية لمشاهدة جزء من المجتمع بشكل سينمائي جيد جدًا وسيناريو مشوق، يثير مشاعرك المختلفة حب، تعاطف، ألم، سعادة..
لكنك تخرج حاملًا قدرًا كبيرًا من المتعة لأنه كان هناك فيلم ممتع شاهدته، بالطبع عنصر التمثيل كان من أبرز العناصر خاصة شريف دسوقي “مفاجأة الفيلم”، وهو “بيومي فؤاد” الجديد، والموهوبة التي تعود مجددًا منى هلا، الثنائي كان متفوقًا في الأداء بشكل لافت جدًا.
رحلة الثلاثي في المدينة معظمها ليلًا وعالم ليل القاهرة غير عالم صباحه تمامًا، الفيلم كان جيدًا في تناول شخصية فتاة الليل بشكل غير فج وأداء بسيط وخفيف الظل من منى هلا، مختلف عن النمط المعتاد لفتاة الليل، وأعتقد أنها مرشحة بقوة لجائزة أفضل ممثلة، وكذلك باقي فريق التمثيل كان جيدًا كريم قاسم وبسمة وأحمد مالك وعمرو عابد.
المشكلات الاقتصادية والإجتماعية كانت حاضرة في الفيلم مع شخصياته رغم عدم تعمق سيناريو المؤلف شريف الألفي فيها، كان يمر عليها دون تفاصيل كثيرة ويترك المشاهد يفكر ويفكر، وأيضا الأمنية والتي ظهرت بشكل “إنساني” ربما لم يظهر من قبل في أي عمل؛ أن تتسامح الشرطة بهذا الشكل مع من ارتكبوا مخالفات !؟
ولكن ربما الجزء الأكثر غموضًا هو المتعلق بشخصية الشاب الباحث عن الهجرة الغير شرعية، وهي شخصية بدت منفصلة تمامًا عن عالم الشخصيات الرئيسية للفيلم، ولو كان المخرج اكتفى بشخصياته الثلاث كان أفضل؛ فرحلتهم تكفي لصناعة كل ما يريد أن يقوله عن مشكلات “البلد” وناسها.
الموسيقى جزء مهم من أفلام المخرج أحمد عبد الله السيد على رأسها تجربته “المهمة” فيلم ميكرفون، صاحب التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج 2010 في “ليل خارجي” حاضرة ومعها صوت شيرين في أكثر من مشهد، قال لي ذات مرة “أحب الموسيقى وأحب صناعة أفلام موسيقية”.
ليل خارجي تجربة تنتمي لأفلام السينما المستقلة التي عانت لتجد تمويلًا حتى تظهر للنور ولكنه كان إنتاجًا جيدًا، لـ هالة لطفي، واعتقد أن الجمهور لن يخذله في دور العرض، الجمهور يبحث عن “المتعة” السينمائية كما يبحث عن نجوم الشباك المفضلين له.
نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: حزب هوليوود.. الأسود يليق بكم!
نقدم لك| جولة بمعرض “رحلة مهرجان القاهرة السينمائي على مدار 40 عامًا”