رحل المخرج الإيطالي برناردو برتولوتشي، عن عالمنا صباح اليوم الإثنين، عن عمر يناهز الـ 78 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا مُثيرًا للجدل، ففي العام 1972 طُرح فيلم “التانجو الأخير في باريس” الذي كان من إخراجه وبطولة مارلون براندو، وماريا شنايدر، إلا أن ذلك الفيلم أثار ضجة كبيرة لم تنته حتى اليوم، بحجة “خدش الفيلم للحياء العام“.
صنف الفيلم في فرنسا على أنه للكبار فقط، وصنفته العديد من البلدان “بورنوجرافيا”، ولم يكن المحتجون على الفيلم من الوسط السينمائي فقط، بل امتد الاحتجاج إلى رجل الشارع والجمعيات العائلية واتهموا الفيلم بـ”الفسوق”، إلا أن كل ذلك لم يغير من رؤية “برتولوتشي” لـ”الصدمة الجنسية”.
وبرغم ذلك الجدل، كان ذلك الفيلم هو نقطة التحول في حياته، حيث حقق من خلاله شهرة واسعة، بعد أن حلم كثيرًا أن يُصبح شاعرا مثل أبيه في بداية حياته، إلا أنه درس في كلية الأدب الحديث في جامعة روما من العام 1958 وحتى 1961، وبدأ مهنته السينمائية كمساعد مخرج لبازوليني، إلا أنه قرر بعد فترة قصيرة قرر “برتولوتشي” ترك الجامعة دون الحصول على الشهادة.
نرشح لك: انتحار هانا بيكر وإيمان صالح..”Reasons Why 13” على الطريقة المصرية
على صعيد آخر، اعتذر مارلون براندو للجمهور عن بطولته للفيلم المثير للجدل، لكن في العام 2007 فجرت الفرنسية “شنايدر”، التي توفيت في ما بعد في 2011، مفاجأة عن الفيلم الأشهر لها، وأكدت لـ”دايلي ميل” أن مشهد “الاغتصاب بالزبد” كان حقيقيًا، ولذلك شعرت بالإهانة إلى حد ما وكأنها اغتصبت على يد هذين الرجلين اللذين استغلاها.
تابعت “شنايدر”: “حتى أكون صادقة، أشعر بأنني اغتصبت نوعا ما على يد مارلون وبرتولوتشي، بعد هذا المشهد، لم يواسني مارلون ولم يعتذر، لحسن الحظ لم يصور المشهد إلا في لقطة واحدة”، وذلك بحسب ما نقلته “فرانس 24” مترجما.
وصلت نتائج هذه الضجة إلى حد إسقاط إيطاليا الحقوق المدنية عن “برتولوتشي”، لكن بعد عرض “التانجو الأخير في باريس” في مهرجان نيويورك السينمائي عام 1972 كتبت بولين كيل، الناقدة الأمريكية الأكثر شهرة وتأثيرا حتى وفاتها عام 2001، وقالت: “يجب أن يحفر هذا التاريخ في ذاكرة السينما”، بحسب تقرير نشرته “سكاي نيوز عربية”.
وبرغم الهجوم عليه، إلا أن موقفه اتسم دائمًا بالثبات وصرح “رتولوتشي”، في يونيو 2016 قائلًا: “فكرة أن ماريا لم تحط علما بالعنف الذي تعرضت له في المشهد ليست حقيقية، ماريا كانت تعرف كل شيء لأنها قرأت السيناريو حيث وصف كل شيء، الجديد الوحيد كانت فكرة الزبدة”، بحسب بيان منه نشرته وسائل إعلامية.
استمرت مفاجآت “برتولوتشي” وأخرج العديد من الروائع مثله مثل العديد من بني وطنه الذين أثروا السينما العالمية، حتى توجها بفيلمه “الحالمون” في العام 2003، بطولة إيفا جرين ومايكل بيت ولويس جاريل، واعتُبر استقبال النقاد والجمهور لهذا الفيلم هو انتصار لأسلوب الصدمة الناتجة عن هتك أستار المجتمع وكشف المسكوت عنه، الذي اعتمده “برتولوتشي” في حياته الفنية.
نقدم لك| اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة