نرمين حلمي
التمرد.. الشجاعة.. القوة.. جميعها عناصر تشكل هوية الاسم الصحفي للمراسلة الحربية الأمريكية “ماري كولفين”، التي عملت في صحيفة “صنداي تايمز” “Sunday Times” البريطانية، والتي تعطي درسًا للعطاء والمهنية والشغف تجاه العمل. كما وثقت قصتها الحقيقية عَبر فيلم “حرب خاصة” “A Private War”، الذي عُرض لأول مرة عالميًا ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 40 لعام 2018، أمس الثلاثاء في المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية.
استطاعت النجمة العالمية روزاموند بايك أن تجسد اضطرابات “كولفين” العقلية والوجدانية، بصورة قوية تكاد تقربك من الصراعات الحقيقية، التي عانت منها المراسلة الأمريكية طيلة حياتها، حيث ألقى الفيلم الضوء على السيرة الذاتية الخاصة بـ “كولفين” في إطار حرصها على الاستمرار في عملها، على الرغم مما يعود عليها بالتعب ويجلبه لها من مشقة دائمة.
ننرشح لك: برامج نص الليل (1).. “منيو الأسبوع” وجبات إذاعية خفيفة
بدأت “كولفين” صراعها مع “مهنة البحث عن المتاعب”، منذ أن قررت أن تتبع قصص حقيقية لأناس عانوا من مصائب تبعات الحروب، فصاروا يعانون من الفقر المدقع والجوع والتشرد وغيرها من الأوبئة الاجتماعية، التي تعيق رفاهية العيش بالمستوى الاجتماعي الأدمي المقبول.
وحمل قلم “كولفين” الصحفي على عاتقه مسئولية الذهاب إلى مقرهم، والاستماع إلى قصصهم، بأصل لغتهم العربية والتي عاونها على فهمها المصور الصحفي “بول” المرافق لها، كما جسدها الفيلم الروائي، ومن ثمً الكتابة عن تلك الحكايات المأساوية، حتى جلب لها عبئًا نفسيًا كبيرًا.
“ربما أردت أن أعيش حياة عادية، لكنني وجدت أن راحتي في هذا”.. هكذا حدثت البطلة نفسها خلال الأحداث، وصور الفيلم رحلة الصراع النفسي، الذي يتعرض له كل صحفي، لا سيما المتخصصين في تغطية الحروب والنزاعات الدولية.
التشتت بين الرغبة في الشعور بالراحة والعيش بصورة طبيعية وبين الاستمرار في كشف الحقائق ورصد الوقائع، بمطاردتها لقصص عبر أكثر ساحات المعارك خطورة في العالم، ومن قلب مناطق نزاع من بينها كوسوفو، والشيشان، وتيمور الشرقية، والشرق الأوسط.
A PRIVATE WAR | Depth of Field – Flashback
Posted by A Private War on Tuesday, November 6, 2018
الخوف من المخاطر وهزيمتها بقوة الشجاعة، الصراع من أجل المتابعة والاستمرار أم التوقف والابتعاد عن كافة النزاعات برمتها، كلها اَفات تغلبت عليها “كولفين” لتثبت أنها حقًا كانت جديرة بكونها أول صحفية تجري مقابلات مع الزعماء العرب، منهم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بعد قصف الطائرات الأمريكية لمقر سكنه في الثمانينيات، ومن ثمً كررت مقابلته فيما بعد، حتى تأثر “القذافي” ذاته بقوة شخصيتها، وهو الأمر الذي يوضح بقوة خلال مشهد مقابلتهما في الفيلم قبل وفاته.
تنطلق أحداث فيلم الدراما الحربية الأمريكي من قلب الحدث، وينتقل ما بين شخصيتي “كولفين”؛ القوية في العمل، والمحبة المرحة في حياتها العاطفية وفي المنزل مع زوجها، حتى يتأجج الصراع بداخلها، وتجد مشاهد الصراعات تطاردها وتلازمها حتى بعد مغادرة مواقع الأحداث، وساعدتها الشخصيات الثانوية في الفيلم أن تبرز حجم الصراعات التي تحيطها، حيث شارك في الفيلم الممثل جيمي دورنان في دور “بول”، وتوم هولاندر، وستانلي توتشي، ورعد الراوي، والسيناريو لـ أراش أميل، وتصوير روبرت ريتشاردسون.
A PRIVATE WAR | I Need a Photographer
Set the rules aside. Put fear behind you. “Rosamund Pike and Jamie Dornan give searing performances.” —The Wrap | A PRIVATE WAR is playing in theaters everywhere this Friday. Get tickets now: bit.ly/APrivateWarTickets
Posted by A Private War on Monday, November 12, 2018
وكأن المخرج ماثيو هاينمان، دفع رواية أحداث السيرة الذاتية على منطق “منها وإليها تعود”، كما تعيشه “كولفين” دومًا وكما يؤرقها في يومها، من بين شتات المباني المحطمة، تبدأ أحداث الفيلم، ثم ينتهي بنفس المشهد أيضًا، بعدما يرى المشاهدون حجم المعاناة التي مرت بها، على الرغم من الإشادات التي تحصل عليها من الوسط الإعلامي والجمهور، منذ أن أصيبت في عينيها أثناء تغطيتها لأحداث في سيرلانكا عام 2001 ثم توفت عام 2012، خلال قصف الجيش السوري على مدينة حمص، مع المصور الفرنسي ريمي أوشليك، بعد دخولهم البلاد بشكل غير قانوني.
وكان لافتًا أيضًا تزامن سماع صوت ورؤية “كولفين” الحقيقية من خلال جزء صغير من تسجيلاتها القديمة، التي عرضت في الفيلم، والتي أضافت مزيدًا من المصداقية للقصة الحقيقية المعاشة خلال الأحداث.
A PRIVATE WAR | "I Gotta Go Back"
To seek the truth, you must be willing to risk it all. Based on the true story of acclaimed war journalist Marie Colvin, Rosamund Pike and Jamie Dornan star in A PRIVATE WAR. Get tickets now, and see it in select theaters today. bit.ly/APrivateWarTickets
Posted by A Private War on Monday, November 5, 2018
ماري كولفين لم تعرف الخوف، أسطورة أنثوية لم تستسلم له حينما صارع عقلها، فَضلت جانب الدفاع عن حقوق المهمشين على حياتها، حتى كُتبت نهايتها بنفس السبب؛ حينما أصرت على الاستمرار في عملها وسط احتدام القصف، على الرغم من طلب مسئولي الصحيفة بعودتها والخروج من سوريا والكف من متابعة الصراع عند هذا الحد.
صممت “كولفين” أن تسير وفقًا لشغفها تجاه الحقيقة والكشف عن الوقائع ورصدها حتى قتلت هناك، وباتت هي رمزًا للقوة والصمود والعدالة في صورة الصحفية “الأمريكية” التي ركضت خلف الكشف عما يؤذي الأوطان العربية وسكانها عقب تعرضها للصراعات والنزاعات على أراضيها والسطو على خيراتها، حتى وثقت تاريخيًا بأول صحفية غربية تقع ضحية الصراع السوري.
زيارة خاصة لمنزل شادية.. كواليس الاعتزال وأسرار السنوات الأخيرة
نقدم لك: اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة