في بلد مثل بلدنا تحتاج المياه الراكدة للحراك من حين لآخر، ويحتاج شعبنا من يقول له: “فوق، إنت بتضحك على نفسك”، وهنا يأتي دور الفن، فما فائدة الفن الذي يناقش قضايا التحرر والحقوق الإنسانية، فى حين أن القائمين عليه يخافون من المجتمع؟! كيف لي أن أصدق الفنان وهو غير صادق ومتسق مع أفكاره التي يعرضها فى أعماله الفنية؟!.
في معركة رانيا، لم نرَ سوى بعضًا من ممثلي الصف الثالث -هذا ليس انتقاصًا منهم بل توصيف لوضعهم في المجال- وهم يسخرون من رانيا ويطالبون بمحاكمتها، ولم يظهر فنان واحد أو فنانة واحدة تدعمها.. خير؟ لا أسكت الله لكم حسًا!.
في الحقيقة رانيا لم تخسر في هذة المعركة، بل أعتقد أنها الرابحة الوحيدة، هي ارتدت ما تحب، كتبت عنها وسائل الإعلام العالمية وكسبت تعاطفهم، ولا نستبعد أن تظهر في فيلم عالمي قريبا كإمرأة مصرية، سمراء، مثيرة، تذكر العالم بجمال الست الفرعونية التي نسى أبناؤها ملامحها.
أما الخاسرون فهم كثر، فالمواطن الغلبان الذي يلعن رانيا لأنه لن يمتلكها، سيدفع الثمن، فالقضية التي عرفها العالم ستؤثر بالسلب على السياحة والتي كانت قد تأثرت بالفعل منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، فستنهي قصة رانيا على الباقي منها، بعدما يفكر كل من يحاول المجيء لمصر ألف مرة خوفا على حبيبته أو زوجته من هذا البلد غير الآمن على حرية المرأة، لنخسر مورد هام للدخل القومي، ليدفع “الغلبان” الثمن، وستخوض النساء حربهن للحصول على حرياتهن بمفردهن في مجتمع يقهرهن فى كل مكان ولا يعطيهن حقهن الشرعي في الميراث، والدفاع عن أنفسهن بمفردهن ضد العنف المجتمعي، فالهجوم الشامل على رانيا يعطى الضوء الأخضر للمتحرش: “افعل ما يحلو لك، هي مش محترمة”.
الخاسر الأكبر هو مجتمع يرفض النظر في المرآة ومواجهة نفسه، وتهزه امرأة كشفت عن مؤخرتها.