ما هو سر العظمة؟
أن تكون موجودًا ولا يشعر أحد بك؟
لا أظن، لكن العظمة أن تكون رائعًا بقدر اعتياد الآخرين على وجودك !، لا أحد يستطيع وصف الحياة بدون الماء، لكنه لا يتخيلها بدونه.
لقد وصلت إلى فلسفتي الخاصة، إلى قانون العظمة:
(ألا تكون مشهورًا، ألا يتذكرك الناس، لأنك في الأساس لم تغب عنهم، لأنك في الأساس تحت الجلد.
العظمة لا نتوصل إليها بالفجاجة، ولا بالضجيج، ولكن بالحضور لدرجة الإيهام بالغياب، والغياب بنفس قوة الحضور).
أن تكون مُكتسبًا لدرجة أنك لست حاضرًا، أنت لا تشعر بأعضاء جسدك إلا عند المرض!.
نرشح لك: صلاح قابيل.. بطل من ذهب
عدلي كاسب، تعرف الاسم والصورة لأنك مُتخصص، تعرف الصورة ولا تعرف الاسم لأنك مُتفرج، تشعر بالدفء لأنك بالطبيعة إنسان، تشعر بالونس لأنك فنان، تُشاهده، تعرف أنه جزء من الكل، تعرف أنه كان ملكًا متوجًا في مساحته التي لا يقترب منها أحد، ملك في فنه، ليس بالقوة ولكن بالقدرات.
جميلة
بصحبة كتيبة من العظماء في فيلم “جميلة”، والذي يُقدّم قصة حياة المناضلة الجزائرية “جميلة بوحيرد” بصحبة ماجدة، وأحمد مظهر، وصلاح ذو الفقار، وزهرة العلا، ورشدي أباظة، ومحمود المليجي، وحسين رياض، وبسيناريو نجيب محفوظ، وإخراج يوسف شاهين، يُقدّم “كاسب” دور قائد المقاومة الجزائرية فتجده واحدًا منهم، لايقل عنهم، فنان بدرجة جاد جدًا.
لقاء في الغروب
يُقدّم فيه الزوج الطيب، المخلص، المرح دائمًا، المحب للصيد والخروج، صاحب الصخب المستمر.. المحب للطعام، “عزت” الذي يحب زوجته وابنه، الذي لا يجيد التعبير بالكلمات، لكنه يحنو دائمًا بالفعل، يحنو حتى بالجلبة والإزعاج.. قبل أن يخرج ما في قلبه والأسى الذي يملؤه في “الماستر سين” لزوجته مريم فخر الدين ضمن أحداث العمل، التي تحب شخصًا آخر وهو رشدي أباظه، من قبل أن تتزوج “عزت”، وفي الوقت الذي تفهم فيه حقيقة مشاعر زوجها وتحاول أن تبدأ من جديد … يموت… لكن الفيلم بقى لأن العظمة لا تموت.
السفيرة عزيزة
ربما يفسر هذا كم الغضب والعنفوان الذي ظهر به “عباس” الجزار في “السفيرة عزيزة”، ربما كان لا يزال يحمل الجرح الذي خلّفته زوجته “لقاء في الغروب”، وهو الذي حوله لأسد شرس، عنيف، غيرته متقدة، غضبه حارق، دماءه لا تعرف السكون بل في غليان دائم، يغيّر على أخته بشكل جنوني، فيُجسد الشرقي الغارق في العصبيّة والغيرة من قدمه حتى أطراف أصابعه، يُجسد الجزار ليس كما يقول الكتاب، بل كما وضع بنفسه الكتاب، والكتالوج المثالي لهذا الجزار الكلاسيكي، صاحب القوة المفرطة، والصوت الغليظ والشارب الكبير، والغضب الهادر والنظرة التي تقتل قبل أن يتحرك “الساطور” الذي يحمله .
العريس يصل غدًا
ومن منطلق أن الحياة مستمرة، وأن القناعات تتغير، وأن الجالس اليوم على اليمين ربما يأتي اليوم الذي يذهب فيه ليجلس على أقصى اليسار من القضية ذاتها، فيُقدّم بعد عامين من “السفيرة عزيزة” فيلم “العريس يصل غدًا”، يُقدّم فيه دور شقيق “عنايات هانم” الناضج صاحب الرأي التقدمي الثائر على الرجعية في قضية زواج الإناث، ويقدم فيه أحد أشهر وأهم مشاهده في السينما.
هجرة الرسول
يعود للماضي، يوغل في السير على قدميه حتى يصل إلى بطحاء مكة، ليجد نفسه رمزًا للكفر والقسوة وغلظة القلب، يعود ليجسد دور عمرو بن هشام “أبو جهل” أحد أشهر أدواره، وأكثرها إيذاءً له، بحسب حديث ممدوح نجله، الذي قال أنه الدور الوحيد الذي تضرر منه والده لأنه متدينًا لم يكن يحب أن يقدم هذا الدور.
سيرة ممتدة
والرجل الذي امتدت حياته بين (1918 /1978) قدم ما يقارب من 200 عملًا أو ربما أكثر عبر المسرح والسينما والدراما.. من الصعب أن تحصيها في مقال أو تحليل، لكنك تستطيع أن تشير ببساطة لكونه أحد العظماء والعباقرة في فن التمثيل المصري على اتساع تاريخه، خريج المعهد العالي للتمثيل 1949، وهي الدفعة الثانية للمعهد والتي زامل فيها الكبار “عبد المنعم إبراهيم، عبد المنعم مدبولي، عبد الرحيم الزرقاني، محمد السبع، زهرة العلا، سعيد أبو بكر…” ونال من حبهم وعبقريتهم جانب.
الرياضي على طول الدوام، ووكيل وزارة التربية والتعليم ومسئول المسرح المدرسي بالوزارة ورائد من رواد التربية المسرحيّة.
بدأ مسيرته الفنيّة بـ”أمير الدهاء” مع أنور وجدي عام 1950 وهو لا يزال طالبًا بالمعهد العالي، وآخرها كان مسلسل “أحلام الفتى الطائر” بصحبة كوكبة رائعة من النجوم.
يقول نجله: “بعيدًا عن التمثيل لقد كان إنسانًا وفيًّا، فبعد إصابة النجم الكبير حسن فايق بالشلل كان الوحيد الذي يقوم بزيارته ليخرجه من البيت كل أسبوع في مكان جديد”.
يُضيف:”كان لديه إحساسًا عاليًا، وربما هو الأمر الذي جعله لم يتحمل الخروج على المعاش فتوفي بعد خروجه بيومين أو ثلاثة، رغم أنه كان بصحة جيدة، توفي وقد بلغ من العمر ستين عامًا تاركًا وراءه كل الأعمال العظيمة، التي لا تبرح ذاكرتك، ولا تغادرك، لأنها بالأساس تسكن تحت الجلد”..
شاهد| في الذكرى الأولى لوفاتها.. أرقام وتواريخ في حياة شادية