المسرح ممثل ولمبة …. تلك المقولة سمعتها من أحد الفنانين المسرحيين وابتسمت في بلاهة، وأطلت من رأسي سحابة رسوم الكاريكاتير مكتوب بداخلها (لا يا رجل … وإيه لازمة اللمبة ما تلغوها هي كمان… قال ممثل ولمبة قال).
كيف للمشاهد أن يستمتع بعرض متكامل ليس به إلا ممثلين فقط؟؟ وأين الملابس، أين الديكور، أين الإضاءة،وأين المؤثرات البصرية والسمعية؟ كيف يتحقق الإبهار بدون كل هذه الأدوات؟ فاكس طبعاً.
وكانت لي كبسة…..فقد شاهدت مسرحية”1980 وأنت طالع” وفوجئت بأن العرض ليس به إلا الممثلين واللمبة وبعض الموسيقى!!!!
لقد كان العرض عبارة عن متعة وعمل جماعي مبهر، لقد استطاع فريق العمل أن يضحك المشاهدين ويبكيهم في نفس اللحظة وبذات الصدق، إن هذا الفريق يعطيك الأمل في أننا كمصريين لازلنا نستطيع أن نلعب لعبة جماعيةونتفوق ونسدد أهدافاً تستقر في القلب ويصدقها العمل.
كنت أنوي أن أتقمص شخصية الأستاذ طارق الشناوي، وأن أكتب نقداً لاذعاً حيث كنت أتوهم أن مجموعة العمل قد قاموا بتجميع بعض الإيفيهات عن الثمانينيات وفقط، بغض النظر عن أنني لا أفقه شيئاً في فن النقد المسرحي(لكن كنت رايحة أنقد برضه …حد ليه شوق في حاجة)؟
إذا بهذا العرض يدفعني لأن أنقد نفسي وأفكاري وأفكار المجتمع التي باتت باهتة ومستهلكة، مثال قوي على ذلك الشاب والفتاة في مشهد الوداع (الفركشة) الذي أصبح كليشيهاً بالياً، بعد سنوات طوال من الحب المصحوب بوعود الارتباط الجاد عند انصلاح الأحوال، الفتاة تتقوقع داخل نفسها وتكتئب وتهرب من نظرات المجتمع اللاهبة في محاولة للضغط على الشاب لكي ينقذها من هذا المصير، في حين أن الشاب غير قادر على إنقاذ نفسه من مهنة أشبه بالتسول.
وجدتني أسأل نفسي لماذا قبل هذا الشاب تلك المهنة إذا كانت أصلاً مهنة؟ وماذا فعل ليغير واقعه؟ ولماذا تمحورت حياة تلك الفتاة حول الزواج؟ لماذا لم تفقأ عين هذا المجتمع وتجد لنفسها هدفاً غير الزواج البائس من شاب بائس لينجبوا أطفالاً أكثر بؤساً”مش كفاية بؤس بقى”؟؟؟
لم يعد هذا المشهد يحرك مشاعري، ولم أعد أتعاطف مع الشباب قليل الحيلة، مثل هذه الأفكار وغيرها دارت في رأسي على مدى العرض.
ما هذا؟ ضحك؟ ودراما؟ وكمان تفكير؟ الله عليك يا أستاذ … وأعني بالأستاذ الفريق كله ولا أستثني أحداً.