نقلًا عن المصري اليوم
بين الحين والآخر يهدد ابن البلد عندما يفيض به الكيل بخلع ملابسه، ويبدأ بالنظارة والساعة ثم القميص بعدها مرحلة فك الحزام، عادة يتمهل قليلًا أثناء إقدّامه على ذلك، ثم يتمهل، بل يتلكع أكثر عندما يصل لسوستة البنطلون، وقبل أن يُكمل يتدخل أولاد البلد العقلاء لإيقاف تلك الحالة من الجنون، ولهذا لا أفهم أي تبرير لخلع الممثل ملابسه لمدة عشرين دقيقة، في مهرجان قرطاج المسرحي، حتى لو كان الموقف دراميًا يقتضي ذلك، أو وصوله لما بعد مرحلة الاندماج.
يقولون إنه كان ينبغي عليه التوقف، كما هو مكتوب في النص الأصلي، عند حدود خلع الملابس الخارجية، ولم يصل الأمر إلى أن يراه الجمهور بلبوصًا، كما ولدته أمه، طبعًا أمه لم تلده هكذا، لأنهم احاطوه بملابس للتدفئة بعد الصرخة الأولى.
العرض المسرحى عنوانه (يا كبير) والممثل حسين مرعى الذى تعرى، سوري الجنسية، ولا أظنها كانت تفرق لو أنه ألماني، لأن العرض مشترك (سوري ألماني)، فلقد أُقيم المهرجان على المسرح البلدي، جزء من الجمهور غادر المسرح، بينما تشبث آخرون بمقاعدهم حتى نهاية العرض، وأكد زميلنا في (اليوم السابع) جمال عبد الناصر، الذي كان شاهد عيان على الواقعة، أن الأغلبية رفضت مغادرة المسرح.
لم أقرأ النص، ولكن من المؤكد أنه يفضح النظام السورى، والممارسات العنيفة ضد المعارضة، أي عرض يأتي بعيدًا عن الرقابة السورية التي تسيطر حتى على أنفاس المبدعين، في داخل سوريا، يتمتع بهامش في انتقاد النظام الذي لم يغير من طبيعته العنيفة، بل يبدو أنه سيزداد شراسة في التعامل مع معارضيه، ولم يبدِ أي مرونة في التسامح مع من طالبوا بسقوط بشار، من أجل حلم الحرية، ولم يرفعوا أبدًا السلاح، بل هم أول المستهدفين من الدواعش وأخواتهم.
نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: إستراحة مشاهد.. المهرجان والماتش وأفراح المقبرة
نعم.. نشاهد لوحات وتماثيل عارية تخضع لرؤية جمالية وليس مجرد عري مجاني، عروض العراة الصريحة معروفة فى العالم (استربنتيز)، تلك النوادي المنتشرة في أوروبا، تعقد اتفاقًا ضمنيًا مع الناس، فأنت تذهب إليها موقنًا بأن العري هو القاعدة، والعقد كما نعلم شريعة المتعاقدين، وبالتالي من يذهب لتلك النوادي بإرادته فهو يتحمل المسؤولية، مثلما تتواجد فى العالم أماكن لممارسة الدعارة، وبينها بالمناسبة دول عربية، تتم تحت رعاية الدولة وتتمتع بالمظلة الشرعية.
ويبقى الحديث عن الاندماج، وهل من الممكن أن يصبح مبررًا؟ لو وصلنا إلى هذا الحد، كان يوسف بك وهبي وهو يؤدي دور (راسبوتين) قد قتل العشرات، وتخيل مثلًا فنانة تؤدي دور عاهرة هل تندمج وتكمل، أو لو كانت تلعب دور مغتصبة هل يُكمل المغتصبون المشهد بواقعية؟.. للصبر حدود وأيضًا للاندماج.
نرشح لك: بعد مشهد الممثل السوري العاري في قرطاج.. المخرج يعلق
كان رشدي أباظة في فيلم (كلمة شرف) يؤدي دور لواء شرطة وعندما كان يذهب للاستوديو، ولا يجد فريد شوقى وأحمد مظهر يقفان بمجرد رؤيته ويؤديان التحية العسكرية الواجبة في هذه الحالة، يغادر اللوكيشن، روى لي هذه الواقعة كاتب الفيلم فاروق صبري، الذي كان كثيرًا ما يتفق مع فريد ومظهر على أنهما، في حالة مشاهدتهما رشدي منفعلًا، يقفان لأداء التحية الواجبة لسيادة اللواء، في هذه الحالة فقط يعود رشدي لاستكمال التصوير، بعد أن يسمعهما كلمات خارج النص، هذا هو قطعًا آخر حدود الاندماج المشروع!!.
وتبقى حكاية (البلبصة)، غريبة طبعًا، ولكن الأغرب أن أغلبية المشاهدين أكملوا العرض.
شاهد: اليوتيوب يخطف هؤلاء من التليفزيون في 2018