وقعت عليها عين المخرج عبد العزيز السكري للمرة الأولى أثناء تصويره لفوازير ”ألف ليلة وليلة”، وكانت وقتها بعمر الثانية عشر، خلال تصويرها لأحد العروض بدار الأوبرا، فطلب منها الانضمام إلى تصوير جزء من تتر الفوازير، لتظهر الفراشة نيللي محمد السيد عطا الله الشهيرة بـ نيللي كريم ، لأول مرة على الشاشة، واليوم 18 نوفمبر في ذكرى ميلادها الـ44 يستعرض “إعلام دوت أورج” جزء من رحلتها الفنية في عالم الدراما على مدار أكثر من 18 عامًا.
انقطاع وعودة
انقطعت نيللي عن المشاركة في الفوازير بسبب حملها بابنها الثاني “يوسف”، وانشغالها في حياتها الشخصية، حتى أتتها الفرصة مرة أخرى، بعد رفضها إياها في العام السابق، على يد المخرج الكبير، يحيى العلمي، لتشارك في تصوير 15 حلقة من فوازير “حلم ولا علم” عام 1999، بينما شاركت الفنانة ياسمين عبد العزيز في تصوير الـ 15 حلقة الأخرى.
رحلة فنية طويلة قطعتها “كريم” منذ طفولتها إلى الآن ، فقد ولدت في الإسكندرية عام 1974، لأب مصري، وأم روسية، التحقت بمدرسة الباليه منذ الرابعة من عمرها، تدربت مع فرقة البولشوي، سافرت إلى روسيا ثم عادت واستقرت في مصر، درست وتخرجت في معهد الباليه بأكاديمية الفنون، واتجهت إلى الدراسات العليا في قسم إخراج فن الباليه، ثم عملت راقصة باليه في الأوبرا، لتصبح من أفضل راقصات الباليه في دار الأوبرا المصرية.
لفتت الأنظار إليها في فوازير “حلم ولا علم”، ولكن ربما كان أهم من لفتت نظره إليها هي سيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامة، التي اختارتها لتشارك معها في بطولة مسلسل “وجه القمر”، مع المخرج عادل الأعصر، وبمشاركة مجموعة من النجوم الكبار والوجوه الشابة، ومن هنا بدأت رحلتها مع عالم الدراما، لتخرج على الجمهور كممثلة وليست كراقصة باليه أو نجمة استعراض، مشاركتها مع الفنانة فاتن حمامة، وطدت بينهما العلاقة لتتخطى حد المعلمة والتلميذة إلى زيارة نيللي لسيدة الشاشة العربية في منزلها، الذي تحاكت ببساطته وبساطة شخصها المتواضع.
في العام التالي بالتحديد عام 2001، استمرت نيللي كريم في المشاركة في الأعمال الفنية الجيدة، فقد شاركت في رائعة نجيب محفوظ ”حديث الصباح والمساء”، التي نقلها للتليفزيون، محسن زايد وأحمد صقر، لتقدم شخصية “دنانير”، الفتاة التي تلتحق بمدرسة المعلمات العليا، لتصبح معلمة بنفس المدرسة، وترفض الزواج، وتشارك في الثورة، لتبدع في تقديم الشخصية، أمام العديد من الممثلين الكبار، في تلك السن الصغيرة.
تتابعت الأعمال الدرامية والسينمائية بعد ذلك، فكانت أولى بطولاتها في مسلسل “المستحي”، قدمت بعده عدة مسلسلات أقل شهرة، وقدمت عام 2002 “فيلم شباب ع الهوا”، إلا أن انطلاقتها السينمائية الحقيقية كانت في فيلم “سحر العيون” مع الفنان الراحل عامر منيب، تلاه مشاركتها في العديد من الأفلام الناجحة منها حبك نار وحرب أطاليا.
ذات.. نقطة التحول
دخول عالم الدراما التليفزيونية وحجز مكان متميز من المؤكد أنه ليس بالأمر السهل أو الهين، ولكن “الباليرينا” لديها إصرار ليس فقط على النجاح، ولكن على التميز بنجاح، وقد تمت المهمة في رمضان 2013.
تاريخ نيللي كريم الحافل قبل رائعة صنع الله إبراهيم، بنت اسمها ذات، على الرغم من نجاحها في صنع اسم فني كبير لنفسها، إلا أن الاسم نفسه اختلف بعد مسلسل “ذات”، عمل فني من سيناريو وحوار مريم نعوم، وإخراج كاملة أبو ذكري وخيري بشارة، ألقى الضوء على فنانة حقيقية، لديها من القدرات التمثيلية ما يجعلها قادرة على أن تقوم بدور الفتاة المراهقة، الشابة فالزوجة ثم مراحل الأمومة باختلافها، ومراحل النضج، حتى تصبح جدة، تتدرج في تلك المراحل بشكل طبيعي وتلقائي، يجعل المشاهد مصدقًا لدفقات المشاعر العمرية المختلفة على الشاشة بنفس القوة والحرارة وكأنها تحولت لعدة ممثلات تعزف كل منهن لحنها منفردة.
علاقتها العاطفية بزميل الجامعة الثوري، المتقد بالحماس، قد فشلت قبل أن تبدأ، وزواجها من الرجل “العادي” في كل شيء عبد المجيد “أوفكورس”، جعلت حكايتها تشبه العديدات من مَن مررن بحكاية شبيهة بشكل كبير، فكانت “ذات” نقطة إنطلاقة مختلفة لنيللي من عمل درامي لمست أشخاصه قطاع عريض من المشاهدين، لابد وأن يكونوا قد مروا بفترة مشابهة من حدث ما، أو “موضة” معينة اشترك فيها المصريون في وقتها، مثلا اقتناء ربات البيوت لـ “ماكينة الخياطة”، أو محاولات السفر للخليج لتحقيق مستوى معيشي أفضل، الانتصارات والاخفاقات “العادية”، إلى جانب فترة الطفولة والمراهقة التي تشابهت في العمل مع الواقع حد التطابق، استطاعت نيللي أن تجسد دورها ببراعة حقيقية في كل فترة منها.
نقل مسلسل ذات نيللي إلى مرحلة النضج الدرامي إن صح المسمى، فتعاونها المتكرر مع مريم نعوم، وكاملة أبو ذكري، أكد على مدار الأعوام التالية لـ”ذات” أنه تعاون مثمر وموفق.
في عام 2014 عرض مسلسل سجن النسا، المأخوذ عن مسرحية “سجن النسا” للكاتبة فتحية العسال، لأول مرة، ببطولة نسائية مطلقة قادتها على الشاشة نيللي كريم، لسيناريو وحوار مريم نعوم وإخراج كاملة أبو ذكري، لتؤكد نيللي مرة أخرى أنها قادرة على التميز بنجاح، معلنة عن قدراتها التمثيلية الضخمة، والتي أهلتها لتقوم بدور “غالية” الفتاة التي تعمل بالسجن وتحب صابر، سائق الميكروباص “النصاب” الذي يتزوج عليها، ويخونها مع إحدى صديقاتها فتتطور الأحداث حتى تتخلص من حبه تمامًا وتقتله.
كررت نيللي التعاون مع مريم نعوم في العامين التاليين من خلال مسلسل تحت السيطرة الذي استطاعت أن تقدم فيه دور بعيد عما قامت به من قبل، فتاة تتعافى من الإدمان وتخفي عن زوجها الحقيقة، مع الشد والجذب يتركها ويرحل، يناقش المسلسل حياة مدمني المخدرات بشكل متعمق وواع.
ثم مسلسل سقوط حر، الذي قامت نيللي كريم فيه بدور امرأة مضطربة نفسيا ومتهمة بجريمة قتل زوجها وأختها، وعلى إثر ذلك تم حجزها في مصحة نفسية لكي تتلقى العلاج، وتتصاعد الأحداث الدرامية.
نرشح لك: لماذا ابتعد حسن كامي عن التمثيل؟
في عام 2017 تعاونت نيللي كريم مع المؤلف الدكتور مدحت العدل، ليقدما مسلسل “لأعلى سعر” الذي عرض في رمضان من نفس العام، وجاءت ردود الفعل على هذا المسلسل مختلفة بشكل أو بآخر، فقد اندمج المشاهدون في الأحداث للدرجة التي جعلتهم يسجلون مطالبهم للمؤلف بالانتقام من الزوج والصديقة الخائنين، فقد اعتبر الجمهور “جميلة” –نيللي كريم- هي ضحية “هشام” –أحمد فهمي- الزوج الذي غدر بالزوجة المضحية بكل أنانية ليخونها مع صديقتها “ليلى”-زينة- وبنجاح تام وسلاسة كبيرة أصبحت جميلة جزء من عاطفة كل مشاهد ينتظر الانتقام لنفسه لا للضحية التي يتابع قصتها بشغف واهتمام..
وعن آخر أعمالها الدرامية لعام 2018، مسلسل “اختفاء” من تأليف أيمن مدحت وإخراج أحمد مدحت، قدمت نيللي دور فريدة المنشاوي الدكتورة الجامعية المتزوجة من شريف عفيفي الصحفي والمؤلف الذي يتورط في تأليف رواية عن قصة حب وحياة أحد رجال الأعمال الذي يقرر الانتقام منه وتدمير حياته، لاقى المسلسل ردود فعل جيدة وواسعة منذ عرضه رمضان الماضي حتى الآن.
استطاعت نيللي كريم أن تبني جسرًا من الثقة بينها وبين الجمهور الذي أصبح شغوفًا بأعمالها –الدرامية على وجه الخصوص- التي تحمل صك ضمان باسمها.
ضمانًا بمحتوى درامي ينقل رسالة اجتماعية ما، أو مليئًا بالتشويق الذي يخطف متابعة المشاهدين على مدار 30 حلقة، السنوات القادمة كثيرة وما ينتظره منها الجمهور كل عام يؤكد على نجوميتها التي قطعت في الطريق إليها الكثير من المحطات التي لا تبدو سهلة على الإطلاق، فهل تستطيع نيللي الحفاظ على رحلة الصعود.
نرشح لك: 30 تصريحا لـ منى الحسيني.. أبرزهم عن كتابة مذكراتها