أنا لست من عشاق ماسبيرو وعندي تحفظات منذ صغري على ما يقدمه من مواد ومن سوء مستوى الذوق العام وعدم مواكبة العصر، بخلاف طبعًا الرقابة الذاتية على كل ما يعرض بطريقة تعود للقرون الوسطى، ولكن بلا شك أن ماسبيرو في الستينات كان يضاهي القنوات العالمية ولكن مع زيادة الواسطة والإنفاق بدون داعي
في السنوات التي سبقت يناير ٢٠١١، وما تفشى من فساد لبعض المقربين وزيادة عدد القنوات وبالتالي الموظفين بدون سبب غير التباهي أمام الرئيس مبارك في كل عيد إعلام و أخيرا تعيينات ذوي القربى في وظائف فنية وهم أبعد ما يكونون عن القدرة على تقديم جديد في هذا المجال
ولكن هناك العديد من عشاق ماسبيرو سواء بسبب النوستالجيا والتي تذكرهم بصباهم، أو بعض الأعمال الدرامية المتميزة -وقتها- والبرامج التي كان يقدمها ويظهر فيها خيرة مثقفي مصر وروادها، وتخيلت ماذا لو جاءت الجهة التي تدير منظومة إعلام الدولة في ماسبيرو صباح الغد وأعطتني مفاتيح المبنى وقالوا لي: “ورينا شطارتك بدل ما نت عمال تفتي وتنظر على الفيسبوك… والميزانية مفتوحة ولكن بتعقل… فما أنا بفاعل؟؟”شوف سيادتك،،
مشاكل ماسبيرو عديدة، وقبل التحسين والتجويد يجب حل تلك المشاكل ليتمكن المبنى من التنفس، فهناك عشرات الآلاف من الموظفين بدون عمل، جاثمين على جسد المبنى، يثقلون كاهله، وهو في حاجة لإعادة جذب الجمهور إلى شاشته مرة أخرى، والوقت الحالي هو فرصة العمر لأن الجمهور عزف عن القنوات الخاصة، وبدأ البحث في الفضاء الواسع عن بديل، فلا بد اللحاق بالفرصة، وأخيرا يجب ترشيد الإنفاق، وجذب المعلنين لتوفير دخل للمبنى، يغني عن الاقتراض من الدولة في مطلع كل شهر.
مميزات ماسبيرو عدة منها أن هناك عدد كبير من الاستوديوهات والتي لا تُستغل جيدًا، ونظام عمل حتى وإن كان يحتاج لإعادة نظر في بعض القوانين ولكنها لوائح موجودة وليست لها مثيل في القنوات الأخرى، بالإضافة إلى أن القليلين من ذوي الكفائة داخل المبنى يطمحون في فرصة حقيقية لإثبات ذاتهم، وهنا “نرجع تاني لشخصي المتواضع الذي سلموه مفتاح المبنى”… سوف أقوم بتلك الخطوات الآتي ذكرها… والتوفيق من عند الله:
١- التعاقد مع شركة لتنمية الموارد البشرية، تعيد الهيكل الوظيفي للمبنى، وتتخلص من الوزن الزائد، وتبقي على العناصر الصالحة فقط، وإعادة توظيفهم في الأماكن الأنسب لهم.
٢- الاعتماد على نفس تقرير تلك الشركة في إنهاء خدمة الموظفين الزائدين عن الحاجة -عدد موظفي أهم مؤسسة إعلامية تلفزيونية في الشرق الاوسط لا يتعدى الثلاثة آلاف موظف وفني ومذيع- مع تعويضهم بشكل مناسب، ولإعطائهم فرصة في البقاء على قيد الحياة بكرامة لمدة عامٍ على الأقل.
٣- إنشاء مركز تدريب عالمي على فنون الإعلام والتقديم والإخراج والهندسة والتكنولوجيا الرقمية، يعمل كمركز محترف بمصاريف ويديره متخصصون، والأولوية في الالتحاق به لصغار موظفي ماسبيرو، والذين تم الاستغناء عنهم لإعطائهم فرصة في العمل داخل المبنى أو خارجه، بالإضافة إلى دارسين جدد يريدون تعلم المهنة وتطورها من مؤسسة عريقة.
٤- إغلاق العديد من القنوات، والإبقاء على قناة عامة وقناة ترفيهية ومجموعة من القنوات المتخصصة مثل: الأخبار، والرياضة، والثقافة، والمرأة والطفل، والسينما والدراما، فدور ماسبيرو تنمية العقول وتثقيف المشاهد حتى لو لم تكن قنوات مربحة مثل: الأخبار والطفل والثقافة، مع اختيار فضل عناصر العمالة من المشتغلين بالمبنى، مع إضافة كوادر إدارية وفنية محترفة من الخارج لقيادة هذا التطور.
٥- الاهتمام الشديد بالأخبار والبرامج السياسية، وتطويرها، لمنافسة مثيلاتها في العالم العربي، مثل “سكاي نيوز” و”العربية” و”الجزيرة”، وإعادة برنامج “البيت بيتك” بصورة مطورة.
٦- إنشاء منصة رقمية مثل “نتفليكس” تبدأ بمكتبة ماسبيرو الغنية كمكتبة أولية، ويضاف عليها المحتوى الحديث تباعًا، وتكون باشتراك رمزي ١٠٠ جنيه مصري كل عام، تضاف على فاتورة أي من الخدمات مثل المحمول أو غيره، وتكون هذه المنصة هي مستقبل ماسبيرو خلال ٣ سنوات، وتضاف إلى عائداتها المالية أثناء انحسار المدخول الإعلامي المنتظر بدءًا من ٢٠١٩.
٧- تخفيض النفقات فيما بعد، ما تم خفضه من العمالة الراحلة فيجب على سبيل المثال إلغاء جميع بدلات حضور اللجان، التي لا تنتهي داخل المبنى والتي كما أثبتت الأيام لا تسمن ولا تغني من جوع.
٨- استغلال الإمكانيات المتوفرة مثل: سيارات الإذاعة الخارجية، والاستوديوهات، والمعدات، وتأجيرها للسوق من خارج المبنى، لإضافة عائد مجزي.
٩- تعيين طاقم إداري محترف من خارج المبنى، يعمل لديه القطاع الاقتصادي وقطاع الإنتاج، ولا يعمل هو لديهم، فمن أهم مشاكل المبنى هو تضارب الاختصاصات، واندلاع الصراعات بين القطاعات.
١٠– نسيان تمامًا موضوع “ابن من أبناء ماسبيرو” الذي يطفو على السطح عند محاولة عمل أي تطوير وتجديد في المبنى، فالمحترفون من خارج المبنى هم من يستطيعون إنقاذه، من تلك الورطة التي تركت بدون علاج طوال الـ٤٠ سنة الماضية، لأن كلما بدأ الإصلاح ظهرت تلك الكلمات التعجيزية.
١١- شراء محتوى أجنبي ودبلجته باللهجة المصرية، لإثراء المحتوى الدرامي والبرامجي، بكسر من التكلفة المطلوبة لإنتاج يبدأ من الصفر.
١٢- الاشتراط على جميع المجتمعات الجديدة بتركيب إيريال للتلفزيون الأرضي وليس الفضائي لزيادة عدد المشاهدين، ومن المعروف أن شراء محتوى للبث الأرضي أقل من نصف قيمة شرائه للبث الفضائي، مما يُمكن ماسبيرو من المنافسة مع “بي إن سبورت” على نقل دوريات أوروبا وبطولات كأس العالم وما شابهها، بل اقترح توزيع الإيريال بلا مقابل والتركيب المجاني لمضاعفة المشاهدين، وبالتالي جذب المعلنين.
أعتقد أن هناك أشياء أخرى يحتاجها المبنى ليعود إلى سابق مجده، ولكن بما إني لست مطلع على جميع تفاصيل المنظومة فسأكتفي بهذا القدر وأدعو الله أن يقرأ أحد من المسؤولين هذا المقال ويفعله.
أما لو لم توجد الإرادة للتطبيق، فاقترح تحويله لفندق أو مبنى إداري وكفى الله المؤمنين شر القتال.