عزيزي القارئ إن كنت لم تر الفيلم بعد وتنوي مشاهدته، فهذا الموضوع ربما تجد فيه “حرقًا” لبعض الأحداث، وليس العمل ككل بالطبع، لذا وجب التنبيه قبل البداية.
طُرح أمس الأربعاء، فيلم 122، في أول أيام عرضه بموسم إجازة نصف العام، حيث جاء الفيلم بعد سلسلة طويلة من التأجيل وتوقف العمل لعدة مرات، ربما كانت كل هذه الأزمات سببًا غير مباشر في دعاية كثيرة للفيلم قبل الانتهاء منه وبعده.
الفيلم إجمالًا يُمثل نقلة نوعية في أفلام التشويق والإثارة في السينما المصرية، ويُحسب لصنّاعه هذا التطور بالتأكيد، إذ كانت المؤثرات البصرية والموسيقى التصويرية أحد أهم مميزات العمل، والتي ساهمت في طغيان الجانب التشويقي والاندماج مع الأحداث والمطاردات بلا شك. لكن ربما كان هذا الاهتمام الكبير بـ”الإثارة” سببًا في ضعف جوانب أخرى لا تقل أهمية داخل الفيلم، مثل القصة التي بدت غير واضحة المعالم، فكل خيوط الشخصيات ينقصها الوضوح وأحيانًا تتسم بالتناقض، فمثلا قصة حب بطلا العمل؛ “نصر” و”أمنية”، نجد أنها بلا ملامح، حب شديد وتعلق بدون توضيح لأي من تفاصيله وأسبابه، سوى الحمل الناتج عن العلاقة، رغم أنه حدث في إطار شرعي، إلا إنه غير مكتمل اجتماعيًا، لأنه أمام الجميع مجرد عقد قران ولم يحدث زفاف.
أيضًا شخصية الطبيب المجرم تجعلك طوال الوقت تتساءل عن دوافعه لكل هذا الإجرام والعنف والإدمان، ولماذا يقتل كل هؤلاء الأشخاص في طريقه للنيل من “نصر” حتى لا يفتضح أمره، هل كل هذا القتل والجرائم لن تفضحه وتكشف ما يخفيه حتى يستمر في مطاردة الشاب حتى النهاية؟ أما الطبيب الآخر فلماذا كان أقل منه إجرامًا واكتفى بتجارة الأعضاء ورفض القتل وكان رحيمًا بالبطل؟ كذلك الممرضة لماذا كانت سيئة التعامل منذ البداية مع الجميع؟ هل لتبدو شخصية شريرة فقط؟ وما دورها أصلا في هذه الجرائم بخلاف التستر على الطبيب؟
أسئلة كثيرة عن منطقية الأحداث، يفوقها غرابة بعض الأخطاء الواضحة في سياق العمل، لا سيما المتعلقة بإصابات الأبطال، والتي جعلتهم يبدون كـ”زومبيز” لا يتأثرون مهما حدث. يصاب “نصر” أثناء محاولات هروبه بطلق ناري في ذراعه الأيسر، لكن في خضم الاحداث بعد ذلك يستخدم ذراعه كأن لم يكن به شيئًا، كذلك المسمار الذي ينفذ في قدمه بشكل كامل ويجعله ينزف بشدة ويؤثر على مشيته، مع تعاقب المشاهد والأحداث نجد البطل يسير بشكل عادي دون أي عرج. أيضًا الطبيب الذي يتهشم أنفه بالكامل ويضرب بعصا ينفذ أحد مساميرها كاملا في وجهه، يتعافى من الإغماء والإصابة سريعًا وتختفي الإصابات، ثم ما يلبث أن يظهر في باقي الأحداث مكتفيا بوضع “لزق” على جزء صغير من أنفه ووجهه، بما لا يتوافق مع حجم الإصابات التي كان قد تعرض لها على الإطلاق.
أسئلة كثيرة لم يفصح العمل عن إجاباتها، أو تقديم أي تفسير لمدلولاتها؛ الحقنة التي أعطاها الطبيب للفتاة قبل بدء انتزاع أعضائها ما تأثيرها؟ هل هي مخدر أم ماذا؟ فلم يحدث أي تغير للفتاة واستمرت في الركض. أصلا استمرار الحمل _ رغم أنه في شهوره الأولى_ رغم تعرض البطلة لحادثتي تصادم بالسيارة وضرب وقتال وعنف، جعل الأمر غير مبرر بأي شكل.
أيضًا اختفاء طاقم عمل المستشفى منذ بدء عمليات المطاردة غير منطقي، لأنه في البداية ظهرت المستشفى مزدحمة بالأطباء والممرضات في قسم الطوارئ، ثم ما لبثت الأحداث أن اختزلت كل هؤلاء في طبيبين وممرضتين فقط، وكأن المستشفى مبنى مهجور لا يوجد به سوى هؤلاء الأربعة.
أداء الأبطال كان جيدًا للغاية؛ طارق لطفي، وكذلك أحمد داود الذي كانت تتشابه شخصيته في العمل _إلى حد ما_ مع شخصية “سمير” التي قدّمها في مسلسل “هذا المساء”، ففي كليهما يظهر بدور الشاب الطيب المحب صاحب الماضي السيء، المستمر في حبه رغم كل الأزمات. أما أمينة خليل فقد أجادت دور الفتاة الصمّاء، رغم أن موهبتها تمكنها من تقديم الدور بشكل أفضل بكثير.
وبعيدًا عن العمل وأحداثه، فإن استخدام ما بذله الممثلون من مجهود كدعاية للعمل كان أمرًا غير ملائم، فهل يجذب المشاهد للعمل أن الفنان الفلاني لم ينم لمدة 48 ساعة متتالية أثناء التصوير، وأن آخرًا ظل واقفًا لمدة 14 ساعة كي يبدو في قمة الإرهاق في أحد المشاهد. الأمور لا تتم بهذا الشكل ولا الفنان يَمُن على الجمهور بما بذله من مجهود في العمل. هذه الكواليس تروى من الفنانين في اللقاءات ولكن ليس كدعاية ترويجية لفيلم بالتأكيد.
نرشح لك: فيلم 122.. نقلة حضارية في التشويق
شاهد: أشهر وجوه عام 2018