إيهاب الزلاقي “نقلًا عن نيوز ليتر رابطة منتدى المحررين المصريين”
الصورة تساوى ألف كلمة، هكذا تعلمنا، ولكن الحقيقة أن الصورة فى العصر الحديث ربما تختصر آلافا من الكلمات فى لحظة توثيق واحدة.. ورغم التطور التكنولوجى والتغييرات المتلاحقة التى تشهدها مهنة الإعلام فى العالم كله، تبقى الصورة الفوتوغرافية محتفظة بموقعها الصامد كإحدى أهم الأدوات لتوثيق الحقيقة .. سارة جيلبيرت محررة جريدة جارديان البريطانية اختارت أفضل صور صحفية إخبارية للعام الماضى، وكتبت “بوبى نور” الكلمات وراء قصص هذه الصور على لسان المصورين، والتى نستعرضها فى السطور المقبلة:
1. المظاهرات الفلسطينية، غزة المصور: مصطفى حسونة / جيتى
22 أكتوبر: التقطت هذه الصورة فى وقت خطير أثناء المواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلى فى مدينة غزة. بالتأكيد خاطرت بحياتى حيث كنت على الخطوط الأمامية، وكان الموقف مشتعلا، كان الجيش الإسرائيلى يطلق قنابل الغاز والرصاص، لكنى أعتقد أن الأمر كان يستحق المخاطرة. المتظاهرون يقاتلون ضد سنوات من الحصار، ومن المذهل رؤية حجم الغضب. بالنسبة لى، يظهر لى الرجل الذى يلوح بالعلم الفلسطينى مقاتل من أجل الحرية.
2. الأمن الأمريكى يوقف مهاجرة وطفلتها المصور: جون مور / جيتى
13 يونيو: كان ترامب قد نفذ سياسة فصل أطفال المهاجرين عندما التقطت هذه الصورة. كانت العائلات لا تمتلك أى معلومات عن تحديث الإجراءات بعد رحلة مفزعة، ولم يكن أحد منهم يعلم أنه سيتم فصلهم عن الأطفال. كل ما يعرفوه هو أنهم يهربون من أماكن خطرة وينطلقون إلى مستقبل غامض. يتم مناقشة موضوعات الهجرة غالبا عن طريق الإحصائيات، ولكن هذه الطفلة الباكية تؤكد حقيقة تنفيذ سياسة “عدم التسامح”. كانت الشرطة تريد فحص وثائق المرأة، وعندما طالبها الضابط بوضع ابنتها على الأرض انفجرت الطفلة باكية. بعد ذلك اكتشفت أنه لم يتم فصل الطفلة عن أمها، وكان فى ذلك راحة كبيرة لى، ولكن تم فصل العشرات غيرها. يمكنك فقط تخيل حالة الرعب التى كان عليها الأطفال.
3. إمرأة فى أعقاب الزلزال، إندونيسيا المصور: خورخى سيلفا / رويترز
7 أكتوبر: كان وسط سولاويزى واحدة من أكثر المناطق التى تضررت بسبب تسونامى وزلزال ضرب إندونيسيا، كان كل شئ تقريبا رأسا على عقب، بدا وكأن الأرض تذوب، كانت عملية التسييل تحول التربة إلى ماء، وبدا وكأن الأرض حية وتجرى. كان المسجد قد تعرض للتدمير تماما كما يظهر فى الخلفية، وكانت تلك الأسرة تبحث عن منزلها عبر الركام، ولكنهم لم يتمكنوا من التعرف عليه أصلا حيث كان قد انتقل ما يقرب من 150 مترا من موقعه الأصلى. كانت تحمل أرنبا من الفراء، وتجعلك تتساءل: من صاحب هذا الأرنب؟ تلك المرأة فقدت أبنائها الثلاثة. طلبت منها أن تتوقف والتقطت هذه الصورة وعادت المرأة للمشى والبحث من جديد.
4. القنصلية السعودية بعد مقتل خاشقجى المصور: كريس ماجراث / جيتى
15 أكتوبر: التقطت هذه الصورة فى اليوم الذى دخل فيه المحققون الأتراك القنصلية السعودية فى اسطنبول للبحث داخل المبنى بعد مقتل الصحفى جمال خاشقجى. كان المدخل الوحيد للسيارات فى مواجهة المدخل الرئيسى، لذا كان على ممثلى وسائل الإعلام الابتعاد لمرور السيارات ثم التجمع مرة أخرى، كان رجال الأمن يحاولون إعادتنا جميعا للوراء، أخذت اللقطة وإحدى قدمى على جذع شجرة والأخرى على الحاجز المعدنى لكى أتمكن من الرؤية عبر الحشد. لا يمتلك المصور أكثر من عشرة ثوانى للحصول على مثل هذه اللقطة، وقد نجحت فى ذلك. اللقطة تلخص معظم معلومات القصة: خاشقجى كان صحفيا، ويرتبط مصرعه بحرية الإعلام، والسعودية بلد منغلق، وهنا فإن رجل الأمن يمنع الصحافة من التقاط الصور.
5. طريق دمره الزلزال فى ألاسكا المصور: مارك ليستر / أ.ب
30 نوفمبر: نحن معتادون على الانفجارات فى ألاسكا، ولكن هذا الأمر كان مختلفا. أردنا أن نعرض بشكل بصرى قصة الضرر الهيكلى الذى يصعب أن يراه الآخرون. تسبب الزلزال فى توقف حركة المرور بشكل نهائى، ولذا كان من المستحيل تصوير هذه المنطقة من على الأرض. كنت أدرك ضرورة الطيران، لكن الرؤية من الجو أظهرت فداحة الضرر، الشقوق الخفية، والأنماط المنشقة من الجليد والبحيرات المحيطة، كان المشهد سيرياليا وبدت الأرض وكأنها مستعدة لابتلاع السطح. تم تصنيف الزلزال على أنه من الدرجة المميتة، وكان المدهش أنه لم يسفر عن أى وفيات.
6. حرائق كاليفورنيا: “يا إلهى.. الأمر جنونى” المصور: ستيوارت بالى / زوما برس
9 نوفمبر: قمت بتصوير أكثر من 100 حريق، ولكن حريق الغابات فى كاليفورنيا كان واحدا من أعنفها على الإطلاق، كانت هذه الصورة بعد انطلاقه بأيام قليلة ولكن الدمار كان شاملا. على مسافة 12 ميلا كان هناك خط من الناس يقومون بعملية الإخلاء وفى الخلفية تلك النيران الهائلة الضخمة البرتقالية. كان الناس يبكون ويصرخون ويشاهدون منازلهم تحترق عن آخرها وهم يهربون بحياتهم. كل شئ كان ينفلت. وفجأة ومثل الأفلام السينمائية ظهر هذا الشاب فوق لوحة التزلج وهو يقول: “آه يا إلهى.. هذا جنون” وهو يمسك بالموبايل لتصوير المشهد الهائل. هذا الأمر يحدث فقط فى لوس أنجلوس. هذه الصورة تضع النيران فى سياق موقعها الجغرافى.
7. الهند تلغى تجريم المثلية الجنسية المصور: ابشيك شينابا / رويترز
10 ديسمبر: كان هذا هو اليوم الذى ألغت فيه المحكمة العليا الهندية المادة رقم 377 من قانون العقوبات التى كانت تجرم المثلية الجنسية. كانت تلك لحظة مؤثرة. فى الاحتفالات التى تلت الحكم فى بنجالور ألقوا بالنشطاء فى الهواء وأطلقوا البالونات، ولم يظهر أى ملامح عدائية أو خوف. بالنسبة لى فإن هذه الصورة تمثل حالة فرح غامرة، الناشطة “آكاى باندشالى” التى تظهر فى الصورة قالت إن تلك اللحظة كانت أسعد لحظة فى حياتها، وأعتقد أن الصورة تتحدث عن قناعاتها بأن الجميع متساوون ويستحقون أن تتم معاملتهم على قدم المساواة أمام القانون.
8. صباح فى مخيم الماشية، جنوب السودان ستيفانى جلينسكى / أ.ف.ب
خلال موسم الجفاف فى جنوب السودان، يبحت رعاة الماشية عن أراض منخفضة للمياه والمراعى. سافرت بالطائرة ثم رحلة هليكوبتر وسبحت عبر نهر للوصول إلى معسكر الماشية. لكن الصعوبة الأكبر كانت النوم على الطريق وبين الحيوانات. أغلب الصور القادمة من جنوب السودان تلتقط الصراعات أو الحرب الأهلية، لكن هذه اللقطة كانت أكثر إيجابية، العلاقة الوثيقة بين الناس وقطعانهم: يشربون الحليب، يستخدمون الروث لإبعاد الذباب والبعوض ويحرقونه إلى رماد يغطون به جسدهم. كان الجو مشبعا بالغبار عندما وصلت إلى هناك حيث تم إخماد بعض الحرائق وهذا ما يجعل اللون جميلا فى الصورة.
9. لاعبو الجولف يتجاهلون ثورة البركان، هاواى المصور: ماريو تاما / جيتى
16 مايو: كنت أغطى ثورة بركان كيلاويا، وسمعت أن ملعب الجولف به موقع مناسب للتصوير، كنت أستعد للتصوير عندما سمعت صوت غاضب: “ابتعد عن الطريق، نحن نحاول أن نلعب هنا”، كان ذلك أمر لا يصدق ومفاجئ بالنسبة لى، حالة الهدوء التى تسيطر على لاعبى الجولف. بالنسبة لسكان هاواى فإن مثل هذه الأحداث جزء من الحياة العادية، اعتاد الناس هنا على لحظات غضب الطبيعة حولهم. واعتادوا أن يواصلوا أنشطتهم الطبيعية وسط هذه الأحداث.
10. عالق فى الوحل فى رالى داكار المصور: فرانك فيفى / جيتى
13 يناير: أقوم بتصوير رالى داكار منذ عام 2013، الأمر أكثر من مجرد عمل، إنه شغف كامل، عادة ما أغطى هذا الحدث عبر الطائرة، مربوط فى مقعدى والباب مفتوح وساقاى تتدليان فى الهواء. كنا نطير فوق الهضبة عندما لمحت تلك البقعة الموحلة التى تحيطها بحيرات صغيرة من كلا الجانبين، كانت السيارات تناضل من أجل العبور، وأدركنا أن الأمر سيكون أكثر صعوبة بالنسبة للدراجات النارية، ولذا هبطنا وقمت بالاستعداد للتصوير، كان الأمر جنونيا تماما فبينما تمكن البعض من تجنب المنطقة الموحلة، علق آخرون بها لفترة دامت من 40-45 دقيقة.
شاهد: يحدث في مصر في 2019