في فيلم “الضيف” يواصل المؤلف إبراهيم عيسى مراجعاته الفكرية السينمائية بعد فيلمه السابق “مولانا” ولكن هذه المرة يضع أفكاره بصورة أكثر مباشرة وأقل سينمائيا من العمل السابق! ويبدو أن الكاتب قرر أن “يطلق” علينا مجموعة أفلام “مراجعات” فكرية سينمائية! سبق وأطلقها في برامجه! مع “تقدير” جرأته هو والجهة المنتجة في دخول هذا الحقل الملغوم.
يدخل فيلم “الضيف” منطقة شائكة جدا لدى البعض في مصر وخارج مصر أيضا مما سيجعله “ضيفا” ثقيلا عليهم ربما لن يقبلوه إطلاقا وسيتم طرده “عدم عرضه”، منذ بداية مشاهده الأولى يتناول أفكار العامة عن الأحاديث النبوية والفقه وأمور تخص تفسيرات عن الدين “الإسلامي” وآيات القرآن واختلافها لدى فقهاء ومشايخ الإسلام منذ قديم الأذل وحتى الآن حيث انتقد بشكل واضح أفكار الشيخين السعوديين “بن باز” و”ابن عثيمين” واعتبر بطل الفيلم الدكتور “يحيى التيجاني” أن الشاب “المتطرف” الذي يتنافش معه تأثر بأفكارهما.
رغم أننا نكتشف أن الدكتور التيجاني نفسه قد تحول فكريا أكثر من مرة منذ كان طالبا! وهي حقيقة حدثت مع مفكرين كثيرين مرورهم بتحولات فكرية خلال سنوات عمرهم المختلفة، وأعتقد أن معظم أفكار الفيلم ستظل محل جدل إلى ما لا نهاية، فهناك من يرفض النقاش حولها “قولا واحد” وهناك من يقبلون نقاشها وهناك من لا ينشغلون بالتطرق لها أساسا مكتفيين بعموم الأراء التي يعلموها!.
قصة الفيلم تدور في ليلة واحدة وداخل لوكشن واحد “منزل” الدكتور التيجاني الكاتب المعروف المتهم بازدراء الأديان والمهدد بالقتل وهنا ممكن أن تتخيل “شخصية معينة تم اغتيالها في التسعينيات”!
ويحل صديق ابنته الشاب ضيفا على الأسرة للتعرف على العائلة حيث تبدأ الأحداث ولكنها تسير ببطء متنقلين في أرجاء المنزل “الصالون، المطبخ، السفرة، المكتب” ! والمفترض هنا أن يتزايد عنصري “الغموض والساسبنس” الذي يقوم عليهما الفيلم ولكنك بسهولة ممكن أن تكتشف حقيقة هذا الضيف! قبل نهاية الأحداث بوقت كاف.
لذلك كان السيناريو ممكن أن يذهب بنا إلى أماكن أخرى بدلا من حصر الأحداث داخل صالون أحد برامج التوك شو! أنا أشاهد فيلمًا سينمائيًا المتعة البصرية مهمة ولا أستمع لمناظرة فكرية بالأساس جاءت سطحية على قضايا فقهية شائكة تحتاج لمئات المناظرات ولكن ربما أراد صناع الفيلم قذف حجر في “المياه”.
يعتمد الفيلم في الأساس على عنصر الحوار وهو كعادة المؤلف من أفضل عناصر الفيلم وأصعبها بسبب أن الأحداث تدور بين أربع شخصيات فقط وفي لوكشن واحد أيضا فكان الحوار هو الذي يكسر ملل السيناريو بخفة ظل بين حين وآخر، وأداء جيد من خالد الصاوي وأحمد مالك ولكن لديهما أفضل مما شاهدت وربما تشعر أن الصاوي في بعض الفترات “يقلد شخصية ما”! ولم يُجد في أهم مشاهد الفيلم عندما يكتشف حقيقة مفاجأة الشاب “الضيف”.
أما أحمد مالك فلم يستطع إقناعي بشخصية الشاب المهزوز فكريا “حافظ مش فاهم” ممكن تتذكر أداء أفضل له في شخصية حسن البنا “كان أكثر تمكنا”! ولكن في المجمل أداءه مقبولا اما جميلة عوض وشيرين رضا ممكن أي ممثلتين أن يقدما الشخصيتين!
الفيلم يعلم صناعه أنه سيكون “ضيفا ثقيلا” على الجمهور وبالفعل كان يجلس خلفي مجموعة من الشباب، منذ الجزء الأول بدأت وصلة عتابهم لبعض على من اقترح ان يشاهدوا هذا الفيلم وجاء صوت أحدهم يقول “انا مش فاهم حاجة هو بيدينا درس في الدين! بعدما سمع أسماء فقهاء ومشايخ ومرور على أفكارهم!
سيناريو الفيلم كان يحتاج لجهد أكثر لكسر حالة الملل وإتقان عنصري الغموض والتشويق وهناك درس سينمائي لذلك النوع افلام “اللوكشن الواحد” شاهدته منذ فترة وهو الفيلم الإيطالي perfect strangers
وربما كان من أفضل فترات كسر “ملل” الفيلم ظهور ماجد الكدواني و محمد ممدوح “ضيفا الشرف” فكانا صاحبا حضور كبير مقارنة بأبطال الفيلم وخطفا منهم الكاميرا في دقائق معدودة !
في كل الأحوال القضايا الشائكة التي مر عليها الفيلم تحتاج لمئات الساعات من المناقشات ولا يمكن طرحها للجمهور بهذا السرد السريع السطحي والذي لن يستوعبوه .
وهنا تذكرت وانا أشاهد المناظرة السينمائية “فيلم الضيف” المراجعات الفكرية الشهيرة للجماعة الإسلامية في سجن “العقرب” والتي أستمرت لنحو 15 سنة! وانتهى فيها القادة التاريخيون للجماعة الإسلامية المصرية إلى أن الخط الفكري الذي سلكوه كانت نهايته “المأزق” وبالفعل أطلقوا مبادرة وقف العنف في يوليو 1997 وتم نشر مراجعات أفكارهم في عدة كتب! ولكن الجدل لا يزال مستمرا ويظهر بأشكال جديدة وبأسماء جماعات فكرية جديدة.
نرشح لك: أبرز حضور العرض الخاص لفيلم “الضيف”
أحمد فرغلي رضوان يكتب: مافيا.. والبحث عن مصادر جديدة للنجومية
شاهد: مختلفة – طريفة – صادمة.. آراء المشاهير المثيرة للجدل