إسلام سيد
صانع البهجة، الضاحك الباكي، الذي حلق في سماء الإبداع بجناحي التمثيل والشعر، أداء تلقائي وصدق وعفوية وابتسامة تخترق القلوب، امتلك وجه بشوش ونفس طيبة سمحة وحس كوميدي عالي وروح مرحة، وصفه الكاتب لينين الرملي بـ “طفل متخفي في شكل رجل عجوز”.
سحر البدايات
بدأ مسيرته الفنية في المسرح الجامعي والمسرح القومي، فسرعان ما اقتنصه الكاتب لينين الرملي ومحمد صبحي ليلتحق بفرقة استوديو 80 المسرحية التي كانت بمثابة نقطة الإنطلاق لجيل الثمانينات، فكما أخرج مسرح الريحاني وبديع خيري جيل الستينات، أخرج مسرح صبحي ولينين الرملي جيل الثمانينات، إذ جمعت الفرقة شريهان وأحمد آدم ومحمود القلعاوي ونيفين رامز وهناء الشوربجي، ليسلك كل منهم طريقه إلى منصة النجومية، ويصنع لنفسه شخصية فنية خاصة به، وفي أولى أدواره الدرامية أيضاً قدمه الفنان محمد صبحي في مسلسل “سنبل بعد المليون” 1986، ليقدم شخصية “دقمة عبد الهادي” لتتجلى موهبته في الكوميديا على الشاشة الصغيرة، وعلى الجانب الأخر مهد له الكاتب لينين الرملي الطريق إلى شاشة السينما في فيلم “الرجل الذي عطس”، وهو الأن يمتلك رصيداً فنياً يزيد عن 33 مسلسلاً و48 فيلماً و10 مسرحيات، إلا أنه لم تتسرب إلى نفسه أمراض الشهرة والنجومية، وما زال يحتفظ بوفائه واعتزازه ببداياته مع الكاتب لينين الرملي والفنان محمد صبحي،ورغم أن فارق السن بينهما ليس كبيراً، وكلاهما أصبح قامة فنية، إلا أنه دائماً ما يصفه بالأستاذ وصاحب الفضل عليه،و تعلم في مدرسته المسرحية، إذ قال”محمد صبحي بالنسبة لي هدية من ربنا، وتتلمذت على يديه ويشكل 90%من حياتي” وحتى عندما أصدر ديوانه الأول أهداه إليهما قائلاً:”بدأت معهما ممثلاً محترفاً، لذا اخترتهما لأبدأ بهما مخرفاً (مؤلفاً) هاوياً، من أعماقي شكراً لهما”، ليقدم درساً إنسانياً في الوفاء والعرفان بالجميل.
بطولة الدور ودور البطولة
مثل حلقة الوصل بين جيلين مختلفين، ففي الوقت الذي قدم فيه أعمالاً فريدة مع عمالقة المسرح والدراما، سمح لنجوم المستقبل أن يعبروا من خلاله إلى منصة البطولة، مثل محمد رجب وياسمين عبد العزيز وأحمد عز، وكان معه على نفس الدرب لطفي لبيب وحسن حسني وبيومي فؤاد، فهم امتداد لعبد الفتاح القصري والنابلسي وزينات صدقي ومحمود المليجي، ويعادلهم في الجيل الثالث ماجد الكدواني وانتصار، فالتمثيل لعبة جماعية تشبه كرة القدم، إذ لولا خط الوسط لن يتمكن أي مهاجم من إحراز الهدف، كذلك الأمر لن ينجح العمل الفني في إحراز استحسان وقبول المشاهد بدون الفنان صاحب الجاذبية والمذاق الخاص كما وصفهم الكاتب مؤمن المحمدي بـ”ملح السينما” فإذا غابوا فقد العمل الفني مذاقه ورونقه.
تبنى فلسفة خاصة في مشواره الفني، فعندما سئُل لماذا لم تقدم بطولة مطلقة في تاريخك الفني قال:”لو معرفتش تبقى رقم واحد، خليك رقم اتنين أو تلاته، المهم مبقاش الأخير”.
فعند إعادة التفكير في الأمر تجد أن هناك فنانين صعدوا إلى دور البطولة دون وعي وقدرة على الإختيار الصائب، لينزلقوا في فخ النمطية وحرق شخصيتهم الفنية في أدوار غير مناسبة لمجرد أنها بطولة، ليصبح الأخير في دور البطولة، وأخرين أمثال محمود المليجي وضعوا بصمتهم الفنية في الدور الثاني ليصنفهم الجمهور كأبطال في ذاكرة السينما المصرية، ليصبح الأول في نوعية أدواره، ففي هذا السياق يقول الناقد طارق الشناوي ” أن تكون نجماً بين الممثلين، خير من أن تكون كومبارساً بين النجوم “، والحقيقة أن مصطلح “نجم العمل” من الأشياء التي أفسدت المناخ الفني، فكل دور داخل العمل الفني هو أشبه بترس من تروس العجلة لو اختفى أحدهم سواء كبيراً أو صغيراً تتوقف العجلة عن الدوران.
الوعي والقدرة على الاختيار أحد الأسباب الرئيسة في استمرار مسيرته الفنية لقرابة ال30 عاماً تقلب فيها بين الكوميديا والتراجيديا وفي بعض الأحيان جمع بين الإثنين في واحد مثل حسني أبو دبيكي في ذئاب الجبل وفياض في المصلحة، فيقول : “في الماضي كان لدي قناعة أنني ممثل محترف ويجب أن أقدم كافة الأدوار سواء الجيدة أو التي يكون فيها الاستسهال عنصراً أساسياً، ولكن مع مرور السنين، اختلف الأمر بالنسبة لي وباتت الجودة هي المعيار الأول والأخير لقبولي الدور أو رفضه”، هذا هو الفرق بين فنان يعشق فنه ونجم يعشق نفسه.
رفيق الدرب
عم صلاح
كتب الشعر السياسي وهو طالب في الجامعة، وكون فرقة مسرحية اسمها “تحالف قوى الشعب العامل” لأنها ضمت بعض العمال والحرفيين، بالإضافة إلى زملائه من الطلاب، وكتب الشعر الغنائي لمسرحية “العسكري الأخضر” بطولة سيد زيان، وجمع قصائده في ديوان “تخاريف بالعامية المعمية” الذي يعتبر مذكراته الشعرية، وما زال يكتب الشعر، لنتكشف جانباً أخر من إبداعه المتجدد، فيظهر بين الحين والأخر ليطلعنا على أحدث ما تجود به قريحته الشعرية.
نرشح لك: “آبل” تُعلن نيتها الاستثمار في مصر
شاهد: أين كان هؤلاء الإعلاميون قبل 10 سنوات؟