مُنذ أن عرف أهل الثقافة ومُحبي الكتاب خبر نقل المعرض من مكانه السابق بأرض المعارض بمدينة نصر إلى صحراء التجمع الخامس خلف مسجد المُشير وهم يختلفون في الأمر بين مُؤيد ومُعارض، إلا أن معظم الأصوات الظاهرة كانت ضد الفكرة، كان بعضها زاعق وغير موضوعي مُقتنع أن الدولة تُحارب الثقافة وتتعمد إلحاق الأذى بأهلها حيثُ تقذف بهم إلى هجير الصحراء مما يتسبب في ضعف الإقبال فتموت فكرة المعرض برُمتها، والبعض الآخر كان أكثر موضوعية ووجه سهام نقده إلى أمور مقبولة مثل بعد المسافة نسبياً عن وسط المدينة، وعدم توفر مواصلات مناسبة، وأيضاً هاجس أن يُصبح المعرض مكاناً نخبوياً لا يرتاده إلا أصحاب السيارات أو سُكان التجمع والمناطق المُحيطة به، ولكن ومع اليوم الأول للمعرض بات من الواضح الإقبال شديد الكثافة والذي أذهل كُل المُراقبين، والتوافر الواضح أيضاُ لوسائل مُواصلات عامة وخاصة، وظهُور كُل أطياف القُراء من الأكاديميين وأهل الاختصاص إلى القراء العاديين والجاليات العربية والإسلامية الذين يملؤون أروقة المعرض بكثافة بادية للعيان. عماد العادلي
أذكر أنني كُنت أحد المُتحمسين لمسألة نقل المعرض إلا أنني لم أكُن أُصرح برأيي خارج دائرتي الضيقة من الأصدقاء والمعارف فذلك الرأي قد يُعرض صاحبه للنقد القاسي عند البعض، و كُنت مُتحمساً للفكرةٍ لعدة أسباب، أولها أن المعرض القديم كان فقير التجهيزات وغير مؤهل بشكلٍ كافٍ لاستقبال العارضين، حيث المشاكل المُتكررة في الخيام وخصوصاً مع الأمطار والعواصف الترابية لا سيما أن بعض الخيم كانت أسلاك الكهرباء تمتد فوقها بشكل مكشوف مما عرض الكثير من العارضين لمُشكلات كادت أحياناً أن تتحول إلى كوارث، كما أن فترة المعرض كان تُغلق الكثير من المناطق الحيوية والتي تحتاج سيولة مرورية دائمة داخل القاهرة وذلك بسبب الزحام الكبير.
وكُنت أنتظر مع المنتظرين بشغف وترقب حذر كيف ستتعامل الجهات المعنية مع المعرض الجديد ، وفي الحقيقة ومع اليوم الأول اكتشفت أن المكان ممتاز ويليق بمكانة مصر الثقافية وأنه أكثر تنظيماً وشياكة، كما أنني لاحظت بالفعل توافر الكثير من وسائل المواصلات خارج المعرض.
وقد كُنت حريصاً أيضاً على استطلاع آراء الناشرين والعارضين والتي كانت في معظمها إيجابية للغاية، ويبدو أنهم كانوا متوجسين من ضعف الإقبال إلا أنهم اكتشفوا ومُنذ اليوم الأول أن الأقبال فاق كُل التوقعات.
رُبما كانت هُناك بعض المُشكلات الأمنية التأمينية معهم كعارضين وأيضاً بعض المُشكلات اللوجستية في نقل الكُتب وغيرها، ولكن أعتقد ويعتقدون أنها أخطاء التجربة الأولى، كما أن البعض كان مُتحفظاً -وأنا منهم- على البوابات الأمنية والتفتيش داخل القاعات، الأمر الذي أدي إلى تكدس الناس أمام القاعات بطوابير لم نكن نراها داخل المعرض، فطالما تم التفتيش والتأكد من عدم وجود خطر، فما الداعي للقيام بذلك أمام كُل قاعة من القاعات، كما أن البعض أيضاً قد لاحظ عدم استعداد إدارة المعرض لعمل ساحة انتظار آدمية للسيارات أو تخصيص مساحة مناسبة لكم السيارات الهائل -والمُتوقع طبعاً- الأمر الذي جعل الكثير من السيارات تقع بالخارج مما أعاق تدفق المرور أمام المعرض وتسبب في ضياع الكثير من الوقت.
أتمني أن تُراجع إدارة المعارض حساباتها في ذلك حتى نستطيع تلافي هذه الأخطاء “البسيطة” في المرات القادمة، وكُل معرض كتاب وجُمهورية قُراء مصر بخير.