من أبرز الأشياء التي تلهم الشخص هي العودة للماضي دائمًا، سواء كانت تحت بند الذكريات، أو تحت بند النظرة للماضي، حتى تستطيع أن ترى مستقبلك، هكذا يتم التعامل مع الماضي دائمًا وأبدًا، لكن الملفت في الأمر أن فكرة الــ ” نوستالجيا ” وهي العودة للماضي، دائمًا صالحة للنفس، حتى ترى ماذا كان يقدم الأجيال القديمة من جهد وعمل؟، وماذا يقدم الأجيال الحالية أيضًا من ذات الجهد والعمل؟، دون النظر للإمكانيات الفنية التي تتفاوت مع مرور السنوات. أغاني الأطفال
ومن هنا جاءت لي هذه الفكرة، وهي فكرة “النوستالجيا” العودة للماضي والنظر به بشكل تفصيلي، حتى يتمكن لي أن أبرز فكرتي من خلال هذه الأسطر المقبلة.
من ضمن الأشياء التي تبني عقول المجتمعات هي الأفكار التي تبث له من خلال الفن والإعلام، فهما وجهان لعملة واحدة بكل تأكيد، فإن أردت معرفة أليات فكر وثقافة أي مجتمع لا بد من النظر على الفن والإعلام الذي يقدم له.
سأتحدث اليوم في “النوستالجيا” عن فكرة أغانِ الأطفال التي كانت تبني عقولهم ومنهم جيلي وما قبله من أجيال، كنا دائمًا نشاهد على شاشات التلفاز ونستمع في الراديو لأغانِ وبرامج تقدم للأعمار الصغيرة حتى يستفيدوا منها ويتم توجيههم من خلالها لبعض السلوكيات والأفعال الجيدة، بل أيضًا كان يستفيد منها الكبار أيضًا وليس الأطفال فقط، وهذا ما نفتقده كثيرًا في مجال الموسيقي خلال الأعوام الماضية.
فبالطبع عندما أتحدث عن أغانِ الأطفال ستخطر في بالنا جميعًا أحد أقدم وأشهر الأغاني المقدمة للأطفال وهي أغنية ” ذهب الليل طلع الفجر” للموسيقار المبدع محمد فوزي، فهي من كلمات الشاعر حسين السيد وألحان وغناء محمد فوزي في عام 1955، وكانت عبارة عن فكرة توجيهية للأطفال بشأن تلبية تعليمات الأم.
أما ثاني الاختيارات من وجهة نظري للفنانة المبدعة “نيللي”، حيث قدمت أوبريت غنائي تحت اسم ” اللعبة “، والذي كتبه الراحل المبدع صلاح جاهين ولحنه الموسيقار الكبير هاني شنودة، وكان باختصار الأوبريت مصنف تحت بند الإرشاد والتثقيف الكامل والمتكامل لأي طفل من خلال إبراز فكرة أن الحياة عبارة عن “دنيا الألعاب” بها العديد من الأوجه لكي نتعلم منها.
الاختيار الآخر كان من نصيب أحد أقوى الأغاني المقدمة للأجيال الصغيرة وهي أغنية “أصحي يا دنيا” للمطربة عفاف راضي، والتي كانت تبرز من خلالها آليات إرشاد وتوجيه الأطفال للإهتمام بالنهوض المبكر والتفاؤل للحياة بشكل عام.
وعندما نقول ثقافة الطفل في السنوات الماضية، كانت للفنانة صفاء أبوالسعود دورًا كبيرًا في الإهتمام بهذه القضية من خلال العديد من الأغانِ التي تعيش معنا حتى وقتنا هذا، فمنهم أوبريت “كل سنة وانتم واحنا طيبين” في أحد الاحتفالات الخاصة بحقوق الأطفال.
فيما قدمت الفنانة لبلبة أحد الأغنيات الهامة أيضًا الموجهة للأطفال من خلال أغنية ” قرش على قرش”، وطرحها بطريقة خفيفة الظل لتوجيه الأطفال بأهمية الحفاظ على “القرش” وعدم الإسراف به.
هناك بالفعل العديد من الأعمال الفنية المحترمة والتي قدمت أيضًا خلال الخمسون عامًا الماضيين، كانت كلها تبرز مدى وعي وثقافة ودور الفن والإعلام في فكرة التوعية والإرشاد الخاصة بالطفل، والتي نفتقدها خلال هذه الأعوام بشكل كبير، فأتمنى من كل قلبي أن تعود هذه القضية الخاصة بتوعية الأطفال والإهتمام بهم مرة أخرى من خلال أغاني عديدة تقدم لهم، خصوصًا أننا نمتلك في العصر الحالي العديد من المبدعين في مجال المزيكا سواء علي مستوى الكلمات أو الألحان أو التوزيع الموسيقي والغناء بكل تأكيد.
فماذا لو قدم كل من نجوم الغناء المصري أمثال “عمرو دياب ومحمد منير ومحمد حماقي وتامر حسني وخالد سليم وأنغام وشيرين وأمال ماهر” وغيرهم من نجوم المزيكا المصرية، أعمالًا تخص الطفل خلال الفترة المقبلة، أعتقد أن هذا سيُحسب في تاريخهم الفني بكل تأكيد خصوصًا أنهم نجوم ولهم تأثير كبير في مجتمعاتنا، وهذا ما نفتقده كثيرًا في هذا العصر خصوصًا مع الانفتاح التكنولوجي الكبير والذي يساعد في تشكيل وجدان الأجيال المقبلة لكن بكل أسف في الغالب يكون سلبيًا.
نرشح لك: هشام صلاح يكتب: حفلة 7 تحقق معادلة “ارتقوا بالفن ترتقي العقول”