حنان أحمد راشد أبطال الجمهورية في الجمباز
خطوات دقيقة.. حركات متقنة.. فراشات تتمايل يميناً ويسارا.. وجوه صغيرة ذات ابتسامات تجذب القلوب، تطوي خلفها مجهودا عظيماً، أثبتوا أن الإرادة لا تعرف المستحيل ولا تفرق بين كبير كان أم صغير، أبطال حقيقيون لا يعرفون كلمة لا أستطيع.
أنامل صغيرة ولكنهم في الحقيقة سواعد عاتية، حلموا وثابروا واجتهدوا، فحصدوا لقب أبطال الجمهورية للجمباز تحت سبع سنوات.
عند حديثي معهم شعرت أني لا أتحدث مع أطفال يبلغون من العمر ست سنوات فقد ابهرني حديقهم، فهم لديهم حلم وهم في قمة التمسك به، يستمعون إلى تعليمات مدربهم بكل إنصات وتفهم ويطبقون ما يقوله لهم، يحلمون بيوم البطولة ويسألون دوما عنه، فهم يرتدون مايوه البطولة وينزلون إلى صالتها وهم مرفوعي الرأس ثابتي الخطوات، كل منهم يعلم أين موقعه ومتى يبدأ، ينتظر حتى يقوم الحكم بمناداته فيعلم أن دوره قد حان ويتجه إلى الحكم ليلقي عليه التحية ثم بمنتهي الثقة يبدأ في استعراض فقرته وحينما ينتهي يقوم بإلقاء التحية مرة أخرى.
في الحقيقة عندما شاهدت نظرات الأولاد والبنات تأكدت بالفعل أن هؤلاء ليسوا بأطفال بل هم كبار قادرون علي مواجهة التحديات؛ وكيف لا وهم يذهبون إلى التدريب ما بين خمسة وستة أيام في الأسبوع لمدة حوالي 4 ساعات بعد انتهاء يوم دراسي طويل.
خلال حديثي مع مدام “ريهام” والدة إحدى الفراشات “كرمة أحمد” قالت لي: “احنا بنتمرن تقريباً ستة أيام في الأسبوع حوالي 4 ساعات في اليوم وساعات أكتر لأننا بنتمرن باليه كمان وبقالنا في الجمباز تقريباً سنتين”، وعندما سألتها عن حصيلة الميداليات التي حصدتها كرمة في هذا الموسم، قالت “كرمة في البطولة الأولي اللي كانت في شهر نوفمبر خدت برونز وكانت زعلانة جداً ومتاثرة إن هي مخدتش دهب بس الحقيقة هي ورتني مجهود وإصرار مش طبيعي في سنها ده إنه في خلال شهرين تحقق الإنجاز الكبير ده وتاخد الميدالية الذهبية”.
وقبل البطولة تحدثت مع كرمة فقالت لي: “يا رب اجيب أعلى دهب أنا وصحابي ولو أنا مجبتش يا رب أصحابي يجيبوا”.. ماذا تتوقع من هذه الروح الملائكية التي تعودت على الصمود أن تحقق عندما تكبر.
وفي الحقيقة أن ما لفت انتباهي أكثر أثناء مشاهدتي لهم ليس فقط تحفيز وتشجيع الكباتن والأمهات للأبطال ولكن تشجيع الأبطال بعضهم لبعض، حيث أخبرني أحد الأبطال عمر أحمد، حاصل على الميدالية الذهبية والميدالية الفضية في بطولة تحت سبع سنوات “أنا كنت بشجع أصحابي في العقلة وبقولهم استحملوا وكملوا، التعب شوية وهيخلص لكن الميدالية هتفضل معاكم العمر كله”، وتابع “ماما كانت دايما تقولي كل حاجة وليها وقت والتعب اللي بتحس بيه في التمرين ليه وقت وهيخلص ويروح لكن لازم تستحمل الوقت ده علشان توصل للي بتحلم بيه”.
وقد تعرض الطفل علي تامر حاصل على الميدالية الذهبية والميدالية الفضية قبل البطولة إلى التهاب في الأوتار وكان بحاجة إلى الراحة، ولكنه أخبرني: “أنا قلت لماما هحاول تاني علشان جسمي يتبني وأنا عايز اروح البطولة وهستحمل الألم”، وبالفعل يا صديقي لقد تحملت ونجحت.
ومن شدة الإرهاق الذي تعرض له الأولاد قبل البطولة فقد تعب بعض الأطفال فمنهم من ذهب إلى الطبيب وأخبره أنه لن يستطيع الالتحاق بالبطولة ولكن ما فاجأني رد الطفل محمد سامح، حاصل على الميدالية الذهبية والفضية على الطبيب عندما سأله بما يشعر به حيث قال: “أنا قلبي بيوجعني أوي أوي وببقي مخنوق بس مش بقول لماما علشان متخافش وأنا عندي بطولة”، وأخبرتني والدته أن هذا كان بسبب التهاب الرئة الذي تعرض له قبل البطولة.
ومنهم من لم يذهب للطبيب حيث أخبر حمزة رامي -الحاصل علي الميدالية الذهبية- والدته عندما أرادت أن تذهب به للطبيب “نبقي نكشف بعد البطولة مفيش وقت أعيا”.
وقالت الفراشة الجميلة تاليا كريم، حاصلة على الميدالية الذهبية “ماما وبابا تعبوا معايا كتير أوي في التمرين وكان لازم افرحهم وكمان الكابتن بتاعي استحملني وعلمني التمارين كويس فكان لازم أعمل زي ما قالي”، والحقيقة أن هذا لو دل على شيء فهو يدل على قمة تحمل المسئولية لطفلة في السادسة من عمرها.
وقال الطفل مالك يحيى حاصل على الميدالية البرونزية “أنا لازم استحمل واضغط على نفسي في التمرين علشان أبقي بطل ويبقى عندي عضلات وجسمي يبقي قوي.
في الحقيقة أنتم بالفعل أبطال ولون الميدالية لن يقلل يوما من مجهودكم. فعندما تنصت إليهم وتتأمل حديثهم فلا تصدق أنهم تحت سبع سنوات..