كيف حاولت نتفليكس شراء أوسكار أفضل فيلم؟

إبراهيم أبو بكر الصديق نتفليكس

لم يكن من المفترض أن تنتهي ليلة الأوسكار بهزيمة لنتفليكس ، وذلك في أعقاب الحملة الدعائية لفيلم “روما” والتي بلغت قيمتها 25 مليون دولار وشملت إعلانات في مجلات هوليوود الترفيهية، وحفلات الاستقبال، وجلسات النقاش، وكتب طاولة القهوة، ومعارض أزياء وإعلانات تلفزيونية لا مفر منها ( في لوس أنجلوس على الأقل )، ولوحات الإعلانات وإعلانات الحافلات.

بعد كل ذلك لم يحصل فيلم “روما” للكاتب والمخرج والمصور السينمائي ألفونسو كوارون، والذي تم تصويره بالأبيض والأسود، على أوسكار أفضل فيلم رغم أنه كان المرشح الأول لتلك الجائزة خاصة مع إنحسار الضجة تدريجيًا عن فيلم A Star Is Born واستمرار الجدل حول فيلم Green Book، وقد توقع الجميع أن يفوز فيلم “روما” بأوسكار أفضل فيلم ليلة الأحد الماضي.

وفيما يعتبر انتصار غير متوقع، فاز فيلم Green Book بأوسكار أفضل فيلم، وبعد ترشيح فيلم روما لعشر جوائز أوسكار، فاز الفيلم بثلاث جوائز أوسكار فقط وهي: “أفضل فيلم أجنبي، وأفضل تصوير سينمائي، وأفضل مخرج للمكسيكي ألفونسو كوارون، والذي فاز من قبل بجائزتي أوسكار عن فيلم Gravity”.

فيلم “روما” الناطق باللغة الإسبانية – والذي يضم نجوم غير معروفين للجمهور الأمريكي، والذي يحكي قصة مربية منزل ( تلعب دورها ياليتزا أباريسيو في أول مرة تقوم بالتمثيل فيها ) تواجه اضطرابات شخصية وتفكك أسرتها – واجه عقبات كبيرة ليكون من ضمن المرشحين لأوسكار كأفضل فيلم؛ من النادر أن يتم ترشيح فيلم أجنبي – ناطق باللغة الإنجليزية – لأوسكار أفضل فيلم أجنبي وبعد الصفقة المثيرة للجدل لتوزيع فيلم “روما” مع نتفليكس، تم عرض “روما” في السينمات الأمريكية لمدة ثلاث أسابيع فقط، وذلك قبل أن يعرض على منصة نتفليكس الرقمية.

ولكننا سمعنا من العديد من الذين قاموا بالتصويت في الأوسكار وخبراء حملة الجوائز- بعضهم قال أن نتفليكس قد تكون أنفقت ما بين 40 مليون إلي 60 مليون دولار أمريكي على الحملة الدعائية لفيلم “روما”، والتي تبلغ تكلفتها في العادة 15 مليون دولار أمريكي- أن أعضاء أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة قد يكونوا انزعجوا من حملة نتفليكس المكلفة جدًا.

“الأشخاص الذين تكلمت معهم قالوا إنهم لم يصوتوا لفيلم روما في المركز الأول أو المركز الثاني في بطاقاتهم -التفضيلية- لأنهم يريدوا أن يرسلوا رسالة أنك لا تستطيع أن تقوم بشراء أوسكار أفضل فيلم”، هذا ما قاله أحد المصوتين في الأوسكار لنا، لقد كانوا خائفين من الرسالة التي سوف يتم إرسالها إلي صناعة السينما.

لقد قام المخرج ألفونسو كوارون بالترويج لفيلم “روما” بشكل كبير جدًا ( فيلم روما مأخوذ من قصة المربية المحلية التي ساعدت في تربية ألفونسو كوارون نفسه وقد أهدي إليها الفيلم )، وحضر ألفونسو كوارون العرض الأول لروما في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في أغسطس الماضي، وبعد ذلك بيوم واحد سافر إلي أمريكا الشمالية لحضور العرض الأول للفيلم هناك في مهرجان تيلورايد السينمائي، ووصل الأمر إلى قيام ألفونسو كوارون باصطحاب المراسلين في جولة لمدينة ميكسيكو حيث نشأ ألفونسو كوارون نفسه وحيث تم تصوير فيلم “روما”.

وفي الكثير من المقابلات الصحفية تكلم ألفونسو كوارون عن موضوع الفيلم وذكر أهمية الفيلم الشخصية له، وأن الأفلام الكبيرة نادرًا ما تركز على السكان الأصليين النساء والعمال المحليون.

ولكن هناك أدلة غير مؤكدة على رواية انتشرت حول فيلم “روما” على الرغم من محاولة التسييس التي قامت بها ليزا تاباك كبيرة خبراء الجوائز في نتفليكس، التي تتمتع بخبرة كبيرة والتي قامت بإدارة حملات الأوسكار للمنتج الأمريكي الشهير هارفي وينشتاين في شركة ميرماكس وشركات أخرى في السنوات الأخيرة، والتي ساعدت في فوز عدة أفلام بأوسكار أفضل فيلم مثل فيلمي The King’s Speech و Spotlight.

نتفليكس أغضبت صناعة السينما عندما قامت بتقليص الوقت بين إصدار الفيلم في صالات السينما وعرضه على منصتها الرقمية، هذا بالإضافة إلي قيام نتفليكس بعرض أفلام مهمة مثل “روما” لمدة محدودة في صالات السينما بعد تأجيرها بالكامل، وجمع إيرادات تلك الأفلام وعدم الكشف عن إيراداتها، وهو ما أدي إلي تحول الحديث من مزايا الفيلم الفنية إلى مواضيع أكبر مع نتفليكس، “التصويت لفيلم روما يعني التصويت لنتفليكس” هذا ما قاله أحد المستشارين لحملات الأوسكار الدعائية المنافس لنتفليكس، مُضيفًا: “وهذا تصويت لموت السينما عن طريق التلفزيون”.

نتفليكس حصلت على أول ترشيح لأوسكار أفضل فيلم عن “روما”، وفوز الفيلم كان سيغير حسابات نتفليكس وكان سيضعها على قدم المساواة مع استوديوهات هوليوود التقليدية (والتي ظلت بعيدة عن متناول نتفليكس العملاق الرقمي حتى الآن)، وأصبحت نتفليكس ماركة مسجلة للمخرجين الكبار لأنها تستطيع الرهان على الحصان الرابح.

الآن تمارس هوليوود بعض المضايقات ولكن ما الذي يمكن أن تفعله الاستوديوهات الكبيرة لكي تواجه نتفليكس التي تقوم بحملات دعائية ضخمة لأفلامها؟ (في الوقت الحالي تراجعت تكلفة الحملات الدعائية لتصبح قيمتها ما بين 10 مليون دولار و 15 مليون دولار)، وبالنظر للمستقبل، ما هي القواعد الجديدة التي سوف تحددها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة لحل مشكلة عرض الأفلام على المنصات الرقمية بعد وقت قصير من صدور الأفلام في صالات السينما؟.

وقد حاول ألفونسو كوارون عدم إظهار حزنه علي عدم فوز “روما” بأوسكار أفضل فيلم واعتبار خسارته لها مفاجأة، “الحقيقة أنه بعيد عن أي شئ قدمته قبل ذلك، هذه هي أقل مرة توقعت فيها الفوز”، هذا ما قاله ألفونسو كوارون في كواليس الأوسكار بعد انتهاء الحفلة يوم الأحد الماضي، مُضيفًا: “لا يمكن أن تسمي روما فيلم تم إنتاجه من أجل الفوز بالأوسكار”.

ترجمة من vulture

نرشح لك: “نتفليكس” أنفقت 25 مليون دولار على حملة “روما” الدعائية سعيًا لـ الأوسكار

شاهد: يوم مش عادي في ضيافة الإعلامية رنا عرفة

نتفليكس