نقلًا عن مجلة صباح الخير رامي مالك
لأننا شعب عاشق “للهري”؛ أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي لا هم لها إلا التعجب من المبالغة التي احتفي بها الإعلام والجمهور، باستحقاق رامي مالك جائزة أوسكار أفضل مُمثل، بينما رأي فريق آخر أن أداءه دور شاذ هو وراء فوزه، ووصل الأمر لحد تبني نظرية التآمر والتفسير السياسي، ووصلت شطحات الفريق الثاني بنفي مصريته وأنه ابن الغرب، في الوقت الذي يقوم رامي مالك في كل حوارته التلفزيونية، بالتأكيد علي أنه ابن المصريين.
قرأت تعليقات من شخصيات مرموقة، تعمل بمجالات مختلفة لاعلاقة لها بالفن، وفي ذات الوقت الحوار معها غير مُجدي لإقناعها أن المُمثل يجب علية تجسيد كل الشخصيات، لأن هذه مهنته التي إختارها بمحض إرادته، وما يعنيه في المقام الأول كيفية تقديم هذه الشخصيات بشكل فني جيد، وهذا الأمر له علاقة بعناصر أخري؛ مثل السيناريو والإخراج والجهة المُنتجة، وتظل مسؤليته محصورة بحكم خبرته في مدي ثقته بالعناصر التي ستنفذ ذلك العمل، خاصة إذا تناول سيرة ذاتية لشخصية عامة.
لكن ما ليس مقبول يا سادة، أن نري ممثلين مُحترفين، لايفرقون بين تجسيد الشخصيات وما تتبناها من أفكار، وشخصياتهم الحقيقية التي لن تتبنى بالقطع أفكار الشخصية التي يتم تجسيدها علي الشاشة، إنهم هنا يضعون أنفسهم في كفة واحدة مع جمهور يتصور أن تجسيد المُمثل لأي شخصية مُنحرفة وخارجة عن القانون أو لديها ارتباك في ميولها الجنسية، بمثابة انعكاس لشخصيته الحقيقية، والدليل رفض عدد من النجوم لعب شخصيات شاذة من منطلق نظرة الجمهور لهم.
الطريف أن إحدي المُمثلات شنت هجوم علي الذين بالغوا في احتفالهم برامي مالك، وأرجعت الأمر لـ “تحدي سياسي أمريكي”، ففي الوقت الذي تحرق في مصر “علم المثليين “، أمريكا تعطي “الأوسكار” لأحد أبنائها، ليس هذا فقط بل ذهب خيالها لأبعد من ذلك، أن رامي مالك أصبح قدوة من وجهة نظر الشباب الذين يرددون أنه جرى خلف حلمه الذي حققته له أمريكا.. إلخ، وأنه أصبح قدوة للشباب و”هيبقه لة كلمة عليهم”، طيب بالذمة ده كلام منطقي؟!
هل هذا كلام يصدر من فنانة مُخضرمة تعلم معني تجسيد شخصية؟ هي لم تشاهد الفيلم أصلًا لترى مستواه، والأداء الرائع لرامي مالك لشخصية المُغني الأسطورة فريدي ميركوري، لكنها اكتفت بوضع صورة لمشهد يقبل فيه صديقة، مُعلقة: “هذا هو المشهد الذي جعله يحصل علي جائزة الأوسكار”.
أريد توجية سؤال لنفس الممثلة – والتي بالمناسبة أكن لها كل تقدير وأحترام لموهبتها – هل أمريكا استغلت من قبل نجومية وجماهيرية عمر الشريف؟ الذي هاجر لأمريكا في عز شبابه وألقه الفني في مصر – أنا هنا بقول عمر الشريف اللي كان معروف أصلًا – لكي تستغل رامي مالك الأمريكي من أصل مصري والذي لم يسمع عنه أحد شيء في مصر قبل حفل الأوسكار باستثناء المتابعين والمهتمين بالسينما العالمية؟ هل يعقل أن أمريكا تدخل تحدي سياسي من خلال شاب لايعرفه المصريون وغير مهتمين بالأوسكار ولا بالمهرجانات السينمائية العالمية؟ بالعكس دة رامي مالك ممكن يتعاون مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، يعني في النهاية نحن المُستفيدون.
وإذا نظرنا بفكرنا سريعا علي النجوم والنجمات اللائي قدمن أدوار ضد أخلاقيات المجتمع والخارجين علي القانون، سنجدهم كثيرين لا يتسع المجال لسرد أسمائهم العديدة، ليبقي السؤال: هل هؤلاء علموا الأجيال الشذوذ والإدمان والخيانة والخروج عن القانون في الوقت الذي لم يكن مُتاح إنترنت؟
الأجيال الجديدة يا سادة ليست في حاجة لمشاهدة فيلم تتعلم منه ماهو ضد أخلاقيات المجتمع، الجيل الجديد هو رقيب علي نفسه في ظل التقدم التكنولوجي.
رامي مالك مصري فخورون به كممثل موهوب، اشتغل علي نفسه كتير لكي يحصل علي أوسكار أفضل ممثل، وعمره لم يتعد 37 عاما، إذا لم يشعر الذين هاجموه بهذا الفخر، علي الأقل لا تفسدوا فرحتنا بموهبته وشطارته التي جعلته يقتنص أوسكار أفضل ممثل من متنافسين من العيار الثقيل بحجم “فيجو مورتينسين ” و”برادلي كوبر” و “كريستيان بيل” و”وليام دافو”.