رضا الشويخي وزارة الهجرة لأزمة حادث نيوزيلندا
صباح الجمعة الموافق 17 من مارس لعام 2019.. أطلق شاب من أصول أسترالية النار من سلاح آلي على المصلين في مسجدين بنيوزيلندا، في حادث وُصف بالإرهابي على لسان العديد من الشخصيات السياسية الغربية، والتي قلما تمتلك الشجاعة لتصف حادثًا بذلك الوصف، قد يجد المتأمل مبررات كثيرة لتلك الجرأة.
يكفي أن تعرف أن الضحايا زادوا عن 50 شخصًا من المصلين في مسجدين من أشهر المساجد هناك، فضلًا عما يصفه البعض بأنه قتل على الهوية، فالقاتل يحمل سلاحًا آليًا نقش عليه أسماء أشخاص سبقوه إلى قتل مسلمين قديمًا وحديثًا، كأنه يعلن أن الأحقاد التاريخية في صدور بعض البشر لن تنتهي، ويسلمها جيل لآخر!
في هذا الوقت شكلت وزارة الهجرة غرفة عمليات منذ صباح الجمعة تتابع لحظة بلحظة عبر خطوط ساخنة مع السفارة المصرية في نيوزيلندا، ومع أبناء الجالية.
لم تكن الاستراتيجية الإعلامية بمعزل عن التواصل الرسمي مع المصريين هناك، أو مع مؤسسات الدولة الرسمية في نيوزيلندا، فجاءت التغطية الإعلامية متبنية خطة واضحة، تقوم على أسس علمية لإدارة الأزمة ومن أبرزها:
في وقت الأزمات ينتظر المواطنوان بالخارج أن يجدوا الدولة في صفهم.. تساندهم وتسأل عنهم، وتذلل لهم ما يواجههم من مصاعب وعقبات، وهذا ما صنعته السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، من إرسالها رسائل الطمأنة أولًا بأول، والتواصل مع كل الجهات التي يمكنها التدخل السريع للاطمئنان على أبنائنا.
تناغم بين مؤسسات الدولة المصرية، كان بمثابة شراع السفينة للخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وكما تعلمنا في أبسط مباديء إدارة الأزمة أن تتعاون الأطراف ذات الصلة بالموضوع، وهذا ماحدث من تعاون بين وزارة الخارجية ممثلة في السفير طارق الوسيمي، سفير مصر في نيوزيلندا، ووزارة الهجرة المصرية وتنسيق الجهود، للاطمئنان على أبنائنا ومتابعتهم أولًا بأول.
البعض علق في أول الأزمة قائلًا إنه لم يكن هناك تعاون بين أطراف الأزمة، ولكن الحقيقة خلاف ذلك؛ فهناك تعاون وتنسيق كبيرين منذ الساعات الأولى للأزمة، حتى في البيانات الصحفية التي صدرت، وكانت تحمل توازنًا كبيرًا بين جهود وزارتي الخارجية والهجرة
الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور حقًا، ولعلّ المتابع جيدًا يدرك رزانة السفيرة نبيلة مكرم والهدوء في التعامل مع الأزمة إعلاميًا، سواء في البيانات التي صدرت عن المركز الإعلامي بالوزارة، أو في المقابلات الإعلامية التي ظهرت فيها، بل نادت بالمحبة وترسيخها رغم كل الأجواء المشحونة، ولكنها تصر دائمًا على أن البحث في أصل المشكلة أهم من الاندفاع المؤقت دون تروٍ ومعالجة الأسباب.
رغم أن المركز الإعلامي بوزراة الهجرة يضم عددًا قليلًا من الأفراد، إلا أن إدارة الأزمة عكست الاستعداد لمثل هذه الأحداث، خصيصى مع تكرار الأزمات من قبل، وفي كل مرة يصبح هناك جانب كبير من الخبرة في التعامل مع الأزمة وإدارتها، سواء في إرسال البيانات الصحفية المتوالية للجمهور، وفتح خطوط ساخنة للتواصل مع أبناء الحالية أو ذوي الضحايا.
مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت سلاحًا مهمًا وخطيرًا في الوقت ذاته؛ ففي الوقت الذي تصدر في البيانات الصحفية تباعًا، تجد الكثير من الإشاعات على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعضها يحتم عليك أن تنفيها، أو تصدر بيانًا لتوضيح الحقائق.
السفيرة نبيلة مكرم، دبلوماسية من الطراز الأول، وفي الكثير من المواقف تحرص على التعامل مع المشكلة وجهًا لوجه، لا من خلف ستائر المكاتب؛ فمنذ الإعلان عن أول ضحية من ضحايا حادث نيوزيلندا الإرهابي، حرصت مكرم على التواصل مع أهله، والتواصل لتسهيل عودة زوجته إلى القاهرة، وفي لفتة إنسانية حرصت على مواساة والدته؛ للتخفيف من مصابها وحزنها.
لم تكتف السفيرة نبيلة مكرم، بالتوجيهات لإدارة الأزمة والتعاون مع مؤسسات الدولة، بل أعلنت أنها ستسافر مساء الثلاثاء إلى نيوزيلندا للاطمئنان على أبناء الجالية هناك، وزيارة المصابين في المستشفيات، وتقديم العزاء لمن فقدوا ذويهم في الحادث الأليم، لتتابع عن قرب، ولم تكتف بالتغطية الإعلامية ولا البيانات المتتابعة، بل أعلنت وزارة الهجرة استعداد الدولة لنقل الجثامين إلى أرض الوطن؛ تخفيفًا من مصاب أهالي الضحايا.
طبيعة الجمهور المصري متباينة، وانتشارهم على العديد من منصات التواصل االجتماعي، يفرض على أي مؤسسة أن تتواصل مع كل جمهور بما يلائمه، ولذلك كان حضور وزارة الهجرة وإدارة الأزمة عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة مثل الفيس بوك، تويتر، انستجرام. كما خصصت الوزارة بريدًا إليكترونيًا لتلقي رسائل المصريين بخصوص ذويهم، وما قد يطرأ خلال الأزمة.
لم يندفع المركز الإعلامي بوزارة الهجرة، ولم يستق معلوماته من مصادر غير مؤكدة، رغم أن مواقع التواصل ضجت بالكثير من الشائعات سواء حول عدد الضحايا أو هوية ودوافع المنفذ أو عدد المصابين، وكان الحرص على إرسال معلومة موثقة من أكثر من مصدر رسمي، ومراعاة الدقة في التواصل مع أهالي الضحايا والوقوف إلى جانبهم، وهو دور لا يقل أهمية عن قيام المسؤول بما يجب عليه من مهام موقعه ومنصبه.
نرشح لك: وزيرة الهجرة تكشف تطورات الحالة الصحية لمصابين حادث نيوزيلندا