تشويه محمد صلاح
إيمان مندور
تواجد محمد صلاح لاعب منتخب مصر والمحترف في صفوف فريق ليفربول الإنجليزي، أمس الأول، في مركز “دبي مول”، بإمارة دبي، من أجل تصوير إعلان تلفزيوني لشركة أديداس، واستغرقت زيارته ساعة ونصف.
بدأ صلاح بمؤتمر مع عدد كبير من الأطفال وتجاوب معهم في الأسئلة، ثم قام باستعراض مهارته في التسديد على مرمى ثابت، ودخل إلى مقر شركة أديداس في مركز التسوق، حيث التقط عدداً من الصور التذكارية مع عملاء الشركة الرياضية المميزين قبل أن يغادر المركز، وانتظره مئات المعجبين من محبيه خارج الشركة، وسط تعزيزات أمنية كبيرة على اللاعب.
الفقرتان السابقتان تمثلان أغلب التفاصيل التي وردت في التغطية الصحفية لزيارة “صلاح” بالمواقع الإخبارية الإمارتية. لكن على الجانب الآخر في مصر كان للتغطية الصحفية رأي آخر واهتمامات أخرى، تمثلت في التركيز على الفتيات اللاتي التقطن صورًا مع صلاح ونشرنها عبر السوشيال ميديا، فجاءت العناوين ساخنة ما بين “ظهور مثير لفلان مع فتاة” و”من هي الفتاة التي ظهر صلاح برفقتها في كذا” و”جدل بسبب صور فلان مع فتيات” وو.. إلى آخره من العناوين التي تصدرت المشهد أمس وكأن صلاح كان رفقتهن في إحدى السهرات، لا سيما وأن الصور التي تم اختيارها لهذه الأخبار زادت من سخونة العناوين.
أما متن الأخبار فاحتوى على تفاصيل توضح أن هؤلاء الفتيات _المشهورات منهن والمغمورات_ كن متواجدات داخل المحل التابع للشركة الذي تم تصوير الإعلان فيه ولسن من الجمهور الذي كان ينتظر بالخارج، لكن بالطبع لم يتم نشر الصور الأخرى التي التقطها صلاح في نفس المكان مع رجال وشباب وأطفال، كي لا يضيع التركيز على صوره مع الفتيات. أيضًا أغلب المواقع كتبت إن الصور أثارت جدلًا على مواقع التواصل، في الحقيقة الأمر ليس حقيقيًا هذه المرة، فقد انتقل الجدل من المواقع الإخبارية لمواقع التواصل وليس العكس.
المحاولات المستميتة حاليًا لإظهار محمد صلاح كنموذج لـ”اللاعب اللي نسي نفسه وأخلاقه ومهارته”، لن تجدها في أي مكان سوى هنا، لأن محمد صلاح ببساطة “مش شيخ جامع” كي تحاسبه على ما يرتديه معجبوه أو تصرفاتهم تجاهه، فضلا عن كونه لم يفعل ما يستحق “تسخين الجمهور” لتصدير صورة “اللاعب الفلاتي” لهم. بالمناسبة، منذ احترافه في الخارج يلتقط صلاح صورًا مع معجبين ومعجبات من كل الجنسيات، بينهم فتيات، وبعضها أثناء وجوده في المصيف والجميع من حوله بلباس البحر، ولم يثر الأمر جدلا سوى هنا أيضًا.
أزمة محمد صلاح الحقيقية والتي أدت لحالة التربص به الآن، هي غيابه عن التهديف لفترات لم يعهدها الجمهور منه عقب الأداء الجيد للغاية خلال الموسم الماضي، فصارت التعليقات على كل إعلان أو صورة أو غيره “إنه سيبك يا صلاح من السوشيال والإعلانات وركز في الكورة”، في الحقيقة مطالب ظالمة ولو نفذّها صلاح لأصبح ظالمًا لنفسه هو الأخر، فإن لم يستغل فترة نجاحه حاليًا فمتى؟! لاعب مصري أصبح واجهة لأهم الماركات في العالم مع كبار اللاعبين، كل كلمة يكتبها أو صورة أو حتى “حلاقة ذقنه” صارت خبرًا تتداوله الصحف والمواقع. لماذا لا يجمع بين الأضواء والمال؟ إن زالت الأضواء عنه زال المال معها فلما لا يستغل نجاحه؟
كرويًا نتحدث عن أدائه كما شئنا بالسلب أو الإيجاب، لكن خارج الملعب لماذا التسفيه والتصيد؟ ولماذا وضعه في مقارنات “أخلاقية” لم يضع نفسه فيها؟ مثل المقارنة الأشهر بينه وبين محمد أبو تريكة، رغم أن الأخير أكبر داعم لصلاح والعلاقة بينهما على أفضل ما يكون.
النجاحات السريعة ومحاصرة الأضواء لصلاح تمثل ضغطًا عليه هو وليس الجمهور، أو كما قال أحدهم عنه “مبقاش حد يفرحنا غيره”، في ظل “خناقات” الأندية في مصر. وهو في كل الأحوال ليس فوق المحاسبة بالتأكيد، لكن ننتظر الخطأ الحقيقي أولا، لا أن نضعه في أخطاء وهمية ونطلب من الجمهور محاسبته على ما لم يفعله.