فتحي أبو سليمان: أحبوش..!
عالم من الإسفاف وإمبراطورية من العرى تأخذك تماماً الي مستنقع الرزيلة وبرك التدني وتعثر القيم والأخلاق.. اصبحت مقدمات الصدور ومؤخراتهن سمة العصر الذي تتعايش فيه .. من بوجي وطمطم وعمو فؤاد وفوازير نيلي وفطوطة والف ليلة وليلة الى كسارة غادة عبد الرازق وفوانيس صافيناز وميوعة هيفاء وهبي.. وقف جيلنا في مفترق طرق حائرا يائسا مخطوفا حزينا اضعفته الرأسمالية الفاسدة التي تتحكم في كل شئ وحولت دفته الى اللاشئ فأصبح الحلم مخنوقا خافتا مائلا على أعتاب رقصة إحداهن وهزة الأخرى.
هي أشياء لا تشترى.. حينما تصوم نهارك كاملا قانتا عابدا وتتناول وجبات إفطارك وسط اسرتك وتسموا روح التصافي والتسامح وإذ فجأة تدير شاشتك فتصدمك نهودهن العارية وتأخذك مباشرة من صلاة المغرب والتراويح الى إحدى علب الليل وغرفة نوم وسرير في مشهد يُخجلك حقاً حتى من زوجتك الجالسة بجوارك.
كنا سعداء هناك ..نلهو ونمرح.. ننتظر كل ما تعرضه الشاشة .. كل المحتوى كان جميلا منمقا ظريفا خفيفا عاقلا هادفا يدعوك للحب والحياة .. يستجلب عزيمتك ويستنهض همتك ويسمو بك الى عالم أفضل الي جمال الروح والطبع .. وما ان وصلنا هنا حتى سئمنا هنا وكرهنا هنا وتخنقنا الكلمات والافيهات والحركات والمسلسلات التافهة الساقطة المسفة الغريبة التى أصابت هويتنا في مقتل.
لسنا جيل البناطيل الساقطة والشعر ديل الحصان و”الصرمحة”مع البنات فوق كوبرى عباس او في شوارع الجامعة الخلفية اللي مش بيهمه غير خروجة حلوة وفسحة وقعدة تحت التكييف في “خبينا” العشاق مع “المزة بتاعته” نحن جيل ياسادة صدروا له الصدور والمؤخرات وفتحوا عليه بالوعات صرفهم حتى وصلنا الى هنا نحن التائهون الواقفون الحائرون بين بين .. ما تعلمناه وشاهدناه وتربينا عليه وبين كل ما يدور حولنا وتأخذنا اليه نياتهم وأفعالهم بلا حول لنا او قوة.. ماذا نفعل أيها الأبطال الوطنيون الذين تسخرون منا وتتركونا نصارع الذات والملذات .. هؤلاء هم سبب انهيار أخلاقنا وثقافتنا وضياع هويتنا.. حاكموا صناع الإسفاف .. اعدموهم.. فهم حقاً أخرجوا أسوأ ما فينا وصدروه حتى صار هو الأصل.. صار هو العام وانجرفنا في سيله منزوعين الإرادة ومسلوبين التحدى.. نقلد ونشاهد ونفتح أفواهنا ونفرك أعيننا أمام لحومهم الرخيصة.. اعدموا رخصهم وأعيدونا روحنا إلينا.