لا يزال يشغل الجميع بنجاحه الاستثنائي وتحل ذكراه لتتحدث وسائل الإعلام من جديد عن هذا الفنان “الظاهرة” في تاريخ الفن العربي هو عبد الحليم حافظ وسأتحدث عن علاقته بالصحافة والتي كانت من أكبر الداعمين في مشواره فيقولون عنها “كان يقضي صباحه في مدرسة أخبار اليوم، ومساءه في مدرسة روز اليوسف” هكذا لخص أصدقاء حليم علاقته بالصحافة، حيث أكتشف مبكرا وهو في بدايته أهمية الصحافة في مشوار نجوميته فكان يرى فيها “السند” والداعم له إلى جانب المعرفة والثقافة فتعلم الكثير من إحسان عبدالقدوس ومصطفى أمين وفتحي غانم وأحمد بهاء الدين وصلاح جاهين وغيرهم من أبناء هذا العصر الذين أقترب منهم ونشأت صداقات بينه وبينهم.
ولذلك وصفوا علاقة عبد الحليم حافظ بالصحافة بأنها كانت علاقة “مودة وصداقة” وحتى من لا يحبونه من الصحفيين لم يكن يتوتر في علاقاته معهم”.
فكان عبد الحليم ضيفا دائما مساء كل أربعاء على منزل مصطفى أمين ليحضر جلسته التي تضم أعلام الصحافة والأدب، فتكونت لديه ثقافة كبيرة عن الأدب والسياسة والفن باختلاطه مع هؤلاء.
للأسف الأن معظم الفنانين لا يسعون للمعرفة وثقل ثقافتهم سواء بالقراءة الشخصية أو حتى بثقافة الإستماع! وتظهر قلة الثقافة في مواقف عدة فيتم خلط الأمور ويتم تسمية الجهل وعدم الثقافة بالتلقائية والعفوية! وعندما يتم الحديث عن خطأ يستعدي الفنان “عموم” الصحافة وانها تهاجم وتتصيد الأخطاء.
بالتأكيد حليم كان من أذكى الفنانين العرب على الإطلاق وأنجحهم وأكثرهم قدرة على إحتواء الجميع وقد ظهر كم الحب الكبير من الصحافة لحليم أثناء تغطية رحلاته المرضية، حيث كانت تفرد لها الصفحات ويغلف كتابات معظمها الحب الشديد، ولذلك لا يكاد يكون هناك هجوم حاد من الصحافة نال منه باستثناء توتر بسيط حدث في بدايات توهج نجوميته.
فيذكر إنه في يونيه 1960 أطلق “حليم” تصريحا صحفيا “مزلزلا” كاد يفسد علاقته بالصحافة وهو يقترب من القمة كنجم، حيث قلل من شأن موسيقى “سيد درويش” وقال ان موسيقاه كانت شيئا في زمنه، وموسيقانا الان تفوق موسيقاه بمراحل عديدة” وقيل وقتها في “الكواليس” انه تعمد ذلك لصالح صديقه وأستاذه محمد عبد الوهاب، والذي كانت علاقته بحليم قد بدأت تتوطد فنيا حيث أنتج له فيلم “ايام وليالي” إلى جانب تلحينه لجميع أغنيات الفيلم 5 أغنيات من أنجح وأشهر أغنيات السينما العربية، وعاد عبدالوهاب وأنتج له فيلم “بنات اليوم” قبل أن تتوج العلاقة الوطيدة بينهما بتأسيس شركة إنتاج “صوت الفن” عام 1960.
وبالفعل تعرض حليم لنقد شديد وظلت أثار ذلك التصريح عدة أشهر شارك فيها كبار الكتاب! فتصريحه لم يكن بالهين ونال من موسيقار الشعب سيد درويش ولكن بذكاء حليم يبدو إنه شعر ان موجة الغضب ستلاحقه إلى ما لا نهاية، وربما يكون إستمع لنصيحة أحد أصدقاءه فقرر تعديل ما قاله و بقدرة فائقة ينجح في إحتواء تلك العاصفة وأقلامها “الكبيرة” بسبب علاقاته الصحفية التي مهدت له تصحيح أقواله فعاد فقال “أنه لا يمكن إنكار فضل سيد درويش وقيمته فى عصره ، فهو الذي اخترع الشمعة والشعلة التي تضاء بالزيت فى عصر كان الظلام فيه حالكا ،ثم تناول منه عبدالوهاب هذه الشعلة ،وعندما وجد أن ضوء الشعلة سيغيب اخترع الكهرباء ، وعندما كانت الدنيا ظلاما كان للإضاءة بالزيت قيمة عظيمة ، ولكن فى عصر الكهرباء أصبحت فى حكم التاريخ .
وأشار عبد الحليم إلى أن موسيقى سيد درويش بالنسبة للأجيال القادمة ستكون مثل صور الأجداد التي يتم الاحتفاظ بها فى البيوت على سبيل التذكار قد نجدد لها البراويز ولكن ذلك لن يغير شيئا فى الصورة.
اما الخلاف الثاني الشهير كان بين حليم والتابعي عام 1963 حيث اختلف الإثنان حول بعض مقالات التابعي عن عبد الحليم حافظ، وكان سبب الخلاف إعتقاد التابعي أن عمر الشريف كان وراء إجهاد عبد الحليم وزيادة سوء حالته المرضية بسبب انه “سهره” معه في إحدى الليالي بلندن اثناء رحلة علاجية ولكن حليم دافع بشده عن صديقه “عمر الشريف” وقال ” انا طلبت منه أن أسهر في تلك الليلة، ولكن في المجمل كان حليم صديق للصحافة والصحفيين وكان يعرف كيف يستفيد منها في مشواره والترويج والإحتفاء بأعماله طوال الوقت.
التوتر سيد الموقف!
ممكن القول أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا شديدا في العلاقة بين الصحافة و الفنانين وأصبحت متوترة أغلب الوقت ويكاد لا يكون هناك تواصل مباشر بين الطرفين إلا في أضيق الحدود! وزاد من تلك الفجوة بين الطرفين إعتماد النجوم على السوشيال ميديا في الترويج لأخبارهم والتي يتلقفها المحررين بشغف كبير! وأغلبهم يكتفون بنقل مع جاء في البوست او التويته او صورة الانستجرام دون إضافة أي معلومة من المصادر الفنية! لانهم لايردون “عادة” على المحررين.
مع ان العلاقة “نفعية” بين الطرفين ولكن عدم الفهم او الالتباس بين الطرفين يجعل التوتر مستمر واللوم على الطرفين هنا سواء الفنانين ورغبتهم في الابتعاد طوال الوقت واعتمادهم على السوشيال ميديا او في جيل جديد من المحررين الفنيين الذين زادوا من تلك الفجوة بفبركتهم لأخبار وحوارات او إشعال خلافات فنية! لحساب مصالح شخصية.
نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: بلوك إليسا.. الذي أزعج حكومة الاحتلال!
شاهد: هبة الأباصيري في حلقة جديدة من برنامج “مش عادي”: “لا يمكن أن أرتبط بهذا الرجل”