بين أوتار صوتها وأوتار الكمان، استطاعت الفنانة حنان ماضي سلب قلوب جمهور حفلتها الأخيرة التي أقامتها بساقية الصاوي على شاطئ النيل، فتارة ترى الجمهور صامت سارح بصوتها، وتارة أخرى يمتزج صوتها مع صوت الجمهور بترديد لأغانيها بأصوات صادرة من صميم القلوب.حنان ماضي
حنان ماضي وبطريقتها العفوية أزالت كل العوائق بينها وبين جمهورها، ومدت جسور قوية مبنية بطريقة من التواصل ربما تلعب الأرواح مهمة كبيرة فيها، فجعلت من الموجودين في الصالة مجموعة واحدة، وحولت الحفل إلى لقاء عائلي جميل للتمتع بجمال الموسيقى والكلمات الجميلة، ربما اللاوعي لعب دوره، ولما لا وهي التي تسللت إلى القلوب والعقول من خلال تترات أجمل مسلسلات الفترة الذهبية في مصر، وذلك منذ عقدين ونصف، من خلال مسلسلات “اللقاء الثاني، المال والبنون، الوشاح الأبيض، البحار مندي، حكاوي طرح البحر، قصة الأمس، آسيا، وألف ليلة و ليلة”.
والجميل في نجاح حنان أنها مستمرة بإثبات الذات في عصر بات فيه الفن الملتزم رمزًا من الماضي، وربما مدعاة لسخرية البعض، على الأقل انتقاد لـ استمراريته ووجوده، فأغانيها كُتبت بأقلام أكبر الكتاب وأشهرهم، منهم الأبنودي ونجم.
وبعيدًا عن أوتار صوتها الساحرة، وأدائها المقرب من قلب الجمهور، أبدعت حنان بالعزف على آلة الكمان، حتى يخيل للمستمع بأن الكلمات تقطر من الموسيقى التي سحرت الجمهور، وكيف لا وهي في بداياتها كانت عاشقة ولهانة لهذه الآلة، وتتلمذت وانطلقت بسحر أوتار الكمان على يد ورفقة ياسر عبد الرحمن وعمر خيرت، وجابت بلدان العالم كعازفة أساسية قبل أن تستقر بالغناء، وربما عشقها الواضح لهذه الآلة مرتبط بوالدها محمد ماضي الذي كان من أعضاء فرقة الست أم كلثوم الأساسيين، وبمعنى أصح، رضعت شغف الأوتار وموسيقاها حتى الثمالة التي لا تزال مستمرة إلى اليوم.
خلال الحفلة بدا واضحًا أن حنان كانت تعاني من خطب ما في أوتارها الصوتية، وبدا الأمر واضحًا ببعض الاختصارات الصوتية التي قامت بها لتريح “حنجرتها” وأوتارها، إلا أنها خلال تأديتها لأغنية “شد الضفاير” انطلقت وأبدعت إلى أبعد حدود ممكنة، وربما تكون هذه الأغنية هي أغنية الحفل بامتياز رغم غنائها لأول مرة في العام 1996، ورغم “الخطب” في أوتارها إلا أنها أصرت على إرضاء الجمهور الذي انهال عليها بطلبات الأغنيات.
جميل أن ترى في مصر اليوم ورغم كل شيء هذه الأجواء الرائعة التي إن عبرت عن شيئ، فهي تعبر عن الواقع الحقيقي لمصر والشعب المصري، المتعطش الدائم للبسمة والطرب وعشق كل ما هو جميل، ومن النادر أن ترى حالة الاندماج التامة التي حصلت بينها وبين الجمهور والعازفين، بطريقة صوفية جميلة بترديد الكلمات بصدق وشغف، وهي الخبيرة بالغناء الصوفي ولها تجارب عدة ناجحة.
شكرًا حنان ماضي، لإصرارك على الرقي بالموسيقى والأداء والغناء، فجميعنا نحتاج لهذه الواحة التي زرعتيها في وسط صحراء التشرذم الفكري والتذوق الموسيقي.
نرشح لك: شاهد: حنان ماضي في حفل ساقية الصاوي