علق الإعلامي يسري فودة، على استقالة ألبرت شفيق، من رئاسة شبكة قنوات ontv، حيث كتب على حسابه الشخصي بموقع فيسبوك، يتمنى له أن تكون فرصة “للراحة والتأمل”، وفيما يلي نص ما كتبه فودة:
“اليوم، إذ تصلني أنباء استقالة صديقي ألبرت، أهنئه على شجاعة القرار، و أتمنى له فرصة للراحة و التأمل مستحقة عن جدارة، و أعزي زملائي في قناة بنيناها معاً و استحقت احترام الناس في لحظات قاسية. و أسمح لنفسي باقتباس هذه الكلمات من كتاب أعكف منذ شهور على إعداده:
“علاقتي بألبرت شفيق تتعدى كثيراً حدود الزمالة إلى صداقة قوية تعود سنوات طويلة إلى الوراء عندما كنت معيداً في كلية الإعلام و كان هو طالباً بها. تفرقُنا سنوات قليلة في الميلاد و يجمعنا دون ذلك الكثير. و لولا أنه تولى قيادة “أون تي في” قبل الثورة بنحو عامين لكنت أشك كثيراً في انضمامي إليها. فسوى أنه “صنايعي” شق طريقه سريعاً في مجال إنتاج الصحافة التليفزيونية و إدارتها، فإن لديه حساً تحريرياً فاهماً ذكياً، ما جعل منه نموذجاً نادراً في واقع العمل التليفزيوني في مصر. و الأهم من ذلك في علاقتنا المهنية اليومية أنني كنت أدرك حدوده القصوى التي لا يتهدد لديها سريان المركب، بينما كان هو يدرك حدودي الدنيا التي لا يتهدد لديها احترامي للذات و للمهنة.
كغيره ممن يقفون على خط المواجهة في سلسلة طويلة تبدأ في نظام سلطوي بما اصطلحنا على تسميته “الدولة العميقة” في أعلى و تنتهي بالجمهور المتلقي في أسفل، يجد ألبرت نفسه دائماً في دوامة. لكن الأمور في حالته كانت دائماً ما تزيد تعقيداً بالنظر إلى بقية حلقات السلسلة. فمن مالك للقناة متقلب المزاج في كثير من الأحيان برغم انفتاحه و ذكائه، إلى سوق للإعلانات عجيب الشأن لا مثيل له في بقية أنحاء العالم، إلى عدد من الصحفيين الحقيقيين العاملين معه الضاغطين دائماً في اتجاه المثالية، إلى ميزانية ضعيفة نسبياً أثبتت عجزها عندما توحّش رأس المال السياسي في سوق “الإعلام” المصري في خضم ثورة جامحة و ثورة أخرى مضادة.
سألني وقتها: “طلباتك إيه؟” قلت: “لا شيئ، لا شيئ سوى أن نكون ما نحن كائنوه”. كان ألبرت يلوذ دائماً بسعة صدر نادرة، خاصة في ظروف كهذه، منحته قدرة استثنائية على الاستيعاب، لكنه دفع ثمنها غالياً بعد ذلك من صحته النفسية و الذهنية و الجسدية. مثلما حدث لي أنا أيضاً و لآخرين. لا أدري إن كنا قد أفقنا حقاً من ذلك الشرخ، لكنّ علاقتنا بقيت كما كانت .. مهنية بمذاق شخصي نادر، و كان المشوار على أية حال لا يزال طويلاً .. و غير قابل للهدوء”.
من كتاب “آخر كلام: شهادة أمل في ثورة مصر”، قبل النشر”.